انتهز وزير الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، فرصة إبداء موقفه من التعديل الحكومي الأخير الذي أجراه الرئيس بوتفليقة من أجل إعادة الحديث عن دور المؤسسة العسكرية في المسار الذي ظل بن بيتور يدافع عن ضرورة تجسيده من أجل وضع الجزائر -كما يقول- على طريق الديمقراطية الصحيحة. ويتحدث بن بيتور عن "الدور" الذي يتصور أن المؤسسة العسكرية ستقوم به مستقبلا ولا سيما بالنظر إلى رئاسيات 2014 المرتقبة، وقد طرح بن بيتور تصوره هذا على ضوء "التغييرات المتخذة مؤخرا بخصوص هياكل المؤسسة العسكرية" والمقصود بها هنا، في رسالة بن بيتور، هي التعديلات الأخيرة التي أجراها الرئيس بوتفليقة مؤخرا في هيكلة قمة المسؤولية في وزارة الدفاع الوطني من ناحية تعيين الفريق أحمد قايد صالح كقائد لأركان الجيش الوطني الشعبي ونائب لوزير الدفاع الوطني ولكن أيضا وفق ما رشح من معلومات متداولة بقوة، في مختلف وسائل الإعلام الوطنية، حول إلحاق مديرية أمن الجيش بهيئة الأركان مثلما هو الأمر أيضا بالنسبة لبعض أقسام الأمن العسكري على غرار مديرية الإعلام. ويتساءل بن بيتور، في رسالته الجديدة، إن كانت هذه "التغييرات المتخذة مؤخرا بخصوص هياكل المؤسسة العسكرية" تصب في اتجاه اقتراحه المتكرر ب "إجراء انتخابات رئاسية في 2014 تكون مفتوحة لإحداث تغيير نظام الحكم من أجل جزائر السلم والعدل والرفاهية"؟ وفي منطق بن بيتور، الذي تحدث من خلاله أكثر من مرة، فإن الانتخابات الرئاسية المفتوحة هي التي لا يكون فيها مرشح للسلطة يكون الفائز في الانتخابات "على أية حال" ويكون المرشحون الآخرون وفق رؤيته دائما، مجرد متنافسين شكليين يتم من خلالهم إبراز تعدد "شكلي" للترشيحات في إطار ما يعتبره مجرد "ديمقراطية واجهة" تسود البلاد برمتها. ويواصل بن بيتور في رسالته الجديدة الحديث عن دور الجيش الوطني الشعبي بقوله "إذا ما نظرنا للمستقبل بصورة مختلفة عما هو حاصل .. فجيشنا يجب أن يكون شريكا قويا مع المجتمع للذهاب نحو التقدم والعصرنة وحماية المؤسسات الدستورية"، قبل أن يضيف بقوله عن الجيش: "مهمته في هذه المرحلة الدقيقة لا ينبغي أن تكرس لإنتاج الماضي وإبقاء الحال على ما هو عليه، ولكن يجب أن تكرس للقضاء على عسكرة الأذهان والمساهمة مع فعاليات وطنية أخرى" وكذا "وسائل الإعلام" من أجل دفع البلد "على طريق الديمقراطية .. التي كلما حقق المجتمع المدني في كنفها تطورا، مكن ذلك المؤسسة العسكرية من إعادة احتلال مساحتها الطبيعية والدستورية ". واستطرد بن بيتور في سياق حديثه عن الجيش بقوله "تلك هي المبادئ التي دفعتنا إلى أن نسجل في برنامجنا السياسي، ضرورة تحديد عقيدة عسكرية في إطار نظرة شاملة لعصرنة جيشنا الوطني". وقال بن بيتور إنه "إذا استمرت البلاد في وضعية اللاحكم مع الاحتمال القوي لبروز العنف الاجتماعي وعنف الإرهاب في آن واحد فذلك يعني السقوط في فخ البؤس الدائم وانفتاح أبواب حقيقية لتفتيت الوحدة الوطنية مما يشكل خطرا على وحدة التراب الوطني" مشيرا إلى أنه "يبدو واضحا اليوم أن الدولة الجزائرية تنطبق عليها تماما المعايير العلمية للدولة العاجزة الفاشلة التي تنحرف في انزلاق خطير نحو الدولة المميعة .. المتجهة نحو التفتيت". كما أكد بن بيتور، في سياق تذكيره بتوقعه "انحراف الدولة نحو العجز والضعف" خلال العشرية الماضية ثم "الانزلاق نحو التميع والانهيار" خلال العشرية الحالية، بأنه اعتبار لكل هذه المخاطر التي أصبحت اليوم مرئية "لم نتوقف عن المناداة بتغيير سلمي لكل نظام الحكم وليس الاكتفاء بتغيير الأشخاص"، معتبرا أن مستقبل الأمة بأكمله "مرهون ومعلق على هذا الأمر". وأشار بن بيتور إلى أن "الخروج من الأزمة ممكن .. فللبلاد مخزون هائل من المواد البشرية والطبيعية.. حسن استغلالها سوف يمكنها في ظرف عشرية، من التحول إلى دولة طبيعية ذات اقتصاد مزدهر وإلى القيام بدور جيوبوليتيكي جهوي بدون منازع". كما حملت رسالة بن بيتور، وكما هو الشأن بالنسبة لرسائله وكتاباته السابقة، العديد من العبارات في اتجاه "تحمل المسؤولية" و«التجند" من أجل التغيير السلمي و«التعبئة" لضمان "النجاح للقرارات الأساسية" التي من شأنها تحقيق هذا التغيير. عزيز. ل لقد علمنا بآخر القرارات المتخذة من طرف السلطة القائمة. وبهذه المناسبة أود التذكير أنه منذ بداية العشرية الماضية توقعنا انحراف الدولة الجزائرية نحو العجز والضعف بين عامي 2001 و2010.. ثم الانزلاق نحو التميع والانهيار بين عامي 2011 و2020. وإذا استمرت البلاد في وضعية ‘'اللاحكم'' مع الاحتمال القوي لبروز العنف الاجتماعي وعنف الإرهاب في آن واحد، فذلك يعني السقوط في فخ البؤس الدائم وانفتاح أبواب حقيقية لتفتيت الوحدة الوطنية، ما يشكل خطرا على وحدة التراب الوطني. ويبدو واضحا اليوم أن الدولة الجزائرية تنطبق عليها تماما المعايير العلمية للدولة العاجزة الفاشلة التي تنحرف في انزلاق خطير نحو الدولة المميعة.. المتجهة نحو التفتيت. واعتبارا لكل هذه المخاطر المتوقعة بالأمس، والتي أصبحت اليوم مرئية.. لم نتوقف عن المناداة بتغيير سلمي لكل نظام الحكم وليس الاكتفاء بتغيير الأشخاص. إن مستقبل الأمة مرهون ومعلق على هذا الأمر. لقد اقترحنا إجراء انتخابات رئاسية في 2014 تكون مفتوحة لإحداث تغيير نظام الحكم من أجل جزائر السلم والعدل والرفاهية. فهل التغييرات المتخذة مؤخرا بخصوص هياكل المؤسسة العسكرية.. تصب في هذا الاتجاه..؟ إذا نظرنا للمستقبل بصورة مختلفة عما هو حاصل.. فجيشنا يجب أن يكون شريكا قويا مع المجتمع للذهاب معا نحو التقدم والعصرنة وحماية المؤسسات الدستورية. فمهمته في هذه المرحلة الدقيقة لا ينبغي أبدا أن تكرس لإنتاج الماضي وإبقاء الحال على ما هو عليه. ولكن يجب أن تكرس للقضاء على ‘'عسكرة'' الأذهان والمساهمة مع فعاليات وطنية أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية والمثقفين وكذا وسائل الإعلام، لدفع البلد دون تردد أو تراجع على طريق الديمقراطية.. التي كلما حقق المجتمع المدني في كنفها تطورا.. مكن ذلك المؤسسة العسكرية من إعادة احتلال مساحاتها الطبيعية والدستورية. تلك هي المبادئ التي دفعتنا إلى أن نسجل في برنامجنا السياسي ضرورة تحديد عقيدة عسكرية في إطار نظرة شاملة لعصرنة جيشنا الوطني. إن الوضعية الحالية تتطلب تعبئة جماعية واسعة لضمان النجاح للقرارات الأساسية التي تحقق التغيير، ووضع الأدوات والميكانيزمات الضرورية لإنجاز الهدف المحدد وحماية مسار التغيير من الممارسات المضادة وخطر التراجع. إن الخروج من الأزمة ممكن.. فللبلاد مخزون هائل من الموارد البشرية والطبيعية.. حسن استغلالها سوف يمكنها في ظرف عشرية من التحول إلى دولة طبيعية ذات اقتصاد مزدهر وإلى القيام بدور جيوبوليتيكي جهوي بدون منازع. وفي الخلاصة.. أشدد على تحمل مسؤوليتنا كاملة أمام الشعب الجزائري والعالم أجمع. كل الجزائريات والجزائريين القلقون حقا على مستقبل بلادنا يجب أن يتجندوا حتى يصبح في بضعة أشهر تغيير نظام الحكم أمرا ممكنا. إذن.. فلنكسر حاجز الصمت.. ونوحد قوانا ولنعمل معا كمواطنين من أجل جزائر شهداء الأمس وأبنائنا في الغد. معا.. لا شيء مستحيل.