عرفت مناقشة قانون المالية، أمس، عزوفا تاريخيا غير مسبوق، حيث لم يسجل في جدول المداخلات أكثر من 123 نائبا، وسحب البارحة في اليوم الأول من المناقشة سبعة نواب مداخلاتهم لإرسالها مكتوبة، بينما معدل التسجيل لمناقشة قانون المالية المعهود، حسب مصادر من البرلمان، لا يقل كل عام عن 250 متدخل. لايزال النواب المسجلون على قائمة المداخلات يتساءلون عن انعدام الازدحام المعهود لتسجيل مداخلاتهم لمناقشة أهم قانون في العهدة التشريعية يعود إلى البرلمان سنويا، تتوفر فيه الفرصة لكل النواب لمناقشة كل القطاعات بلا استثناء، وهي الفرصة التي لا تتأتى للنواب كون باقي مشاريع القوانين قطاعية. وبدت أمس قاعة المناقشة في الغرفة السفلى باهتة من حيث الحضور، غاب عنها الأفافاسيون وعدد كبير من الإسلاميين. وقال مصدر من البرلمان إن قانون المالية لم يحظ بأدنى اهتمام البارحة، مضيفا:«في وقت كان عدد النواب خلال العهدة الماضية لا يتجاوزون 389، كانت المداخلات في قانون المالية لا تنزل عن 250 مداخلة، كل واحدة منها تدوم سبع دقائق، واليوم عندما أصبح عدد النواب 462 وكل مداخلة بخمس دقائق سجلت مناقشة القانون أدنى مستوياتها في التاريخ". وإذا بقي هذا العدد محصورا في هذا المستوى - يقول مصدرنا - فإن مناقشة القانون والرد والمصادقة عليه لن تتجاوز الأحد القادم، إذ في حالة احتساب خمسة دقائق ل 117 نائب دون احتساب الستة الذين اختاروا إرسال مداخلاتهم كتابيا، سيتمكن 100 نائب من التدخل في توقيت لا يتجاوز 10 ساعات، مع العلم أن الجلسة تفتتح في حدود العاشرة والنصف وتنتهي الفترة الصباحية منها في حدود الواحدة زوالا، لتُستأنف في الثانية ظهرا وتنتهي في السادسة مساء. أما بخصوص المداخلات فقد عرف اليوم الأول مداخلات قوية، الأولى للخضر بن خلاف عن جبهة العدالة والتنمية، أوضح فيها أن قانون المالية لسنة 2014 ارتبط بموعد الرئاسيات "لبعدها السياسي في شراء السلم الاجتماعي بتوزيع المال العام وكذا التداعيات على الحدود"، وانتقد بن خلاف إعداد الميزانية بسعر مرجعي للبترول في حدود 37 دولارا و90 دولارا في أجزاء أخرى "وهذا يستند إلى اعتبارات غير مقنعة تحول دون معرفة احتياطي الصرف الحقيقي الذي فاق 192 مليار دولار"، منتقدا غياب الضمانات التي تجعل ميزانية الدولة في منأى عن الاختلاسات والتبديد. أما عبد العزيز منصور، فقد اعتبر أن مضامين قانون المالية ل 2014 لم تستغل الوفرة المالية من سيولة واحتياطي صرف لتحقيق صناعة منتجة. كما انتقد اقتصار البنوك على الوظيفة الإدارية وطابعها المحلي، وابتعادها عن صنع المنافسة في الأسعار والصناعة المالية، مذكرا بضعف رأسمالها رغم احتياطي الصرف الضخم. ومن أهم اقتراحات عبد العزيز منصور تعميم الاستثمار البنكي والضريبي على كامل الولايات وتنويع الشركاء في الإنجاز، موضحا أن المعاملات الربوية ستبقى سببا مباشرا في سقوط محتمل للمنظومة الاقتصادية.