يجيب السكرتير الوطني لجبهة القوى الاشتراكية، أحمد بطاطاش، في هذا الحوار الذي جمعه ب"الجزائر نيوز"، على أسئلة تتعلق بمواقف الحزب من عدة ملفات داخلية وخارجية، يتقدمها موضوع الرئاسيات المقبلة وملف تعديل الدستور والرسالة التي وجهها أمين عام الأفلان، مؤخرا، إلى زعيم الحزب حسين آيت أحمد. الهدف من تنظيم هذه الندوة هو الخروج برؤية مشتركة حول ملف حساس هو ملف "النفط"، الذي يقوم عليه الاقتصاد الوطني ومصير البلاد والشعب، على اعتبار أن معظم مداخيل الاقتصاد الوطني مصدرها الثروة النفطية. وبالتالي فإننا نسعى من خلال هذه الدعوات إلى الوصول لإجماع وطني بشأنه، وهو أمر يستدعي دعوة الطبقة السياسية والمجتمع المدني، لأن المسالة تتعلق بالاستقرار الوطني. هذه خطوة تجمع الطبقة السياسية والمجتمع المدني والخبراء.. حول ملف الأمن الطاقوي في الجزائر، من أجل اتضاح الرؤية وتشكيل وجهة نظر مشتركة نعمل على الدفاع عنها، خصوصا أن هذا الملف يعد أهم ملف على المستوى الوطني. الأمور بخواتيمها، نحن وجهنا دعوة إلى أهم الخبراء حتى إن كانوا مسؤولين، وهم مشكورون على تلبية الدعوة. أما مسألة أن تؤخذ المقترحات التي ستخرج بها الندوة بعين الاعتبار أم لا، فهذا ما سنعرفه في المستقبل. رفضنا الدعوات التي وجهت إلى الأفافاس من قبل بعض الأحزاب، لأنها كانت منصبة حول مسألة واحدة هي الانتخابات الرئاسية، والجميع يعلم أن كل حزب لديه أولويات وأجندة يلتزم بها، وما دامت مؤسسات الحزب لم تفصل بعد في النقاش حول الرئاسيات لا يمكنني - كقيادي في الحزب - أن أتنقل إلى هذه الأحزاب للدفاع عن مسألة لم نفصل فيها داخليا. وأظن أن غالبية الأحزاب لم تحسم أمرها بعد بشأن الرئاسيات المقبلة لأن الأمور غير واضحة، والساحة السياسية مازال يكتنفها الغموض، وعندما تتضح الرؤية وقتها سننظر في القضية، ونكون مستعدين لقبول الدعوات والتنقل لمناقشة المسألة مع أي حزب. لنكن واضحين، عن أي انتخابات نتحدث، وهل هناك فعلا انتخابات بالجزائر؟ الأفافاس يشكك دائما في مصداقية الانتخابات في الجزائر، ونحن نقول إن الاقتراع الوحيد في تاريخ الجزائر الذي كانت له مصداقية هو تقرير المصير الذي جرى أول جويلية 1962. وبالنسبة لنا فإن الانتخابات التي جرت في 1999 و2004 و2009 لم تغير مجرى الحياة السياسية في الجزائر، فلماذا نحاول دائما أن نضبط أنفسنا على الانتخابات، وهل هذه الانتخابات هي التي ستخرج الجزائر من عنق الزجاجة؟ رؤيتنا تتجاوز موعدا انتخابيا وتتجاوز شخصا بعينه، لأن المشكلة بالنسبة لنا تتعلق بمنظومة حكم بكاملها، أسسها أن الجزائر لا يوجد بها "دولة قانون" يمكنها أن تضمن انتخابات حرة ونزيهة، ولا حريات تضمن للمواطن الإدلاء بصوته بكل حرية. أنا لم أقل إننا سنقاطع الانتخابات، وإنما قلت إنه لحد الآن لا توجد إشارات واضحة توحي أنه سيكون هناك تغيير وبأن الرئاسيات ستكون نزيهة، ولكن لا يمكنني القفز على مؤسسات الحزب والفصل عوضا عنها، لأن السياسة فن الممكن وقد تحدث تطورات على الساحة السياسة في المستقبل، لكن في الوقت الحالي فإن الضبابية ماتزال تسود المشهد السياسي بشأن الرئاسيات المقبلة. أنا أحترم رأي كل حزب، وكل حزب حر في المواقف التي يتخذها، ولا يمكن أن نحل محله. لكن بصفتي مسؤول حزب، أؤكد أن رؤيتنا غير متوقفة على شخص أو موعد انتخابي معين. وإذا كانت نفس ظروف رئاسيات 2009 و2004 ستؤدي حتما إلى النتائج نفسها، وستطيل عمر الأزمة أكثر. بالنسبة للتغييرات التي جرت بالحكومة فهي استمرار لوضع النظام القائم الذي لم يتغير، لأن تغيير الأشخاص لا يعني تغيير الوسائل. وبالنسبة للتغييرات التي يقال إنها جرت على مستوى المؤسسة العسكرية فليس لدينا تفاصيل، ولحد الآن لم نسمع بها إلا من خلال وسائل الإعلام، ولكن ما يهمنا أكثر هو أن تكون عندنا مؤسسة عسكرية قوية قادرة على القيام بمهامها الدستورية على أكمل وجه في حماية الوحدة واستقرار الوطن. لا يختلف الأمر، الوثيقة الخاصة بالتعديلات الدستورية غير متاحة لحد الآن على الساحة الوطنية السياسية، ونحن لم نستلم أي شيء رسمي بشأنها، ولا يمكننا أن نجري تحليلاتنا بناء على تأويلا ت صحفية. ولكن دعوتنا إلى إجماع وطني بين الطبقة السياسية والمجتمع المدني والخبراء تشمل مسألة الدستور، وهي مسألة يجب أن تتبلور وتعالج في إطار إجماع وطني. ولاحظنا ان الشعب المصري صادق على وثيقة دستورية ولكن النتيجة فيما بعد كانت وخيمة، وبقيت دار لقمان على حالها. الكل يعرف الموقف التقليدي لحزبنا الداعي إلى جمعية تأسيسية سيدة، والتي تستلزم بدورها توفير ظروف لانتخاب هذه الجمعية القادرة على وضع دستور لكل الجزائر وليس دستور للرؤساء. الرسالة لم توجه إلى جبهة القوى الاشتراكية، بل وجهت إلى حسين آيت أحمد باعتباره شخصية تاريخية، وعلى من وجهت إليه الرسالة أن يجيب عليها أولا يجيب؟ وما دام المعني لم يدل بموقفه منها فأنا لا يمكنني أن أحل محله. معروف أن حزبنا وفي لمبادئ بيان أول نوفمبر، التي تدعو إلى بناء مغرب عربي كبير، وأي توتر لن يخدم صرح المغرب الكبير، ومؤسسات المغربي العربي مشلولة ومتوقفة منذ ميلادها، والحدود مغلقة بين الجزائر والمغرب والتوترات تبرز من حين لآخر على الصعيد الدبلوماسي والسياسي.. وهذا الوضع لن يخدم بناء المغرب العربي، ونحن ندعو سلطات البلدين إلى تجاوز هذه الخلافات، وأن تعمل جاهدة على بناء هذا الصرح. نحن نشجع أي مبادرات دبلوماسية تسعى لضمان الاستقرار بالمنطقة، لأن الجزائر جزء من هذه المنطقة، ودول الساحل تقع على الحدود الجزائرية. لذلك نحن دعونا دائما لأفضلية العمل الدبلوماسي على العمل العسكري، حتى عندما تمت العملية العسكرية ضد مالي لم نشجع العمل العسكري، وكنا دائما نتوجه نحو الحلول السلمية، وبالتالي نحن دائما نشجع أي عمل دبلوماسي يعمل على تعزيز الاستقرار بالمنطقة. ستعلن في الأيام القادمة، وأول ملف نراه هاما جدا ويستدعي تحقيق إجماع وطني.. هو مجال حقوق الإنسان في الجزائر، وسيتم تنظيم تظاهرة بشأنه قريبا مع الطبقة السياسية والمجتمع المدني.