من الناحية الاجتماعية ظاهرة العنف في الملاعب معروفة منذ زمن في مجتمعنا، لأن ممارسة لعبة كرة القدم هي جزء من الألعاب التي يقوم بها الإنسان بتفريغ العنف. هذا العنف له مستويات وأبعاد، من بينها محاولة الجماعة أوفريق المناصرين لإثبات ذاتها، ما يؤدي إلى تصادم بين الجماعتين أوالفريقين، مثلما حدث بالنسبة لهذه الحالة. أضف إلى ذلك أن العنف الرمزي المتمثل في الهتافات والأهازيج يتحول إلى عنف جسدي تستعمل فيه الأسلحة البيضاء، دون أن ننسى أن مثل هذه الحالات مرتبطة بحالة التوتر وأجواء المقابلة، لاسيما أن كل مقابلة رياضية لها نوع من الخصوصية. والعنف مرتبط بالمجتمعات الإنسانية لأن في كل مرحلة هناك أسباب ومعطيات مرتبطة بالنسق الاجتماعي ككل، خاصة في ظل غياب فضاء لحرية التعبير بالنسبة للشبان. استراتيجية محاربة هذه الظاهرة موجودة، لكن لا يجب أن نقع في نوع من المثالية للقضاء عليها، لأن ذلك سيدفعنا إلى اعتماد إجراءات تزيد من حدة العنف بدلا من تقليله، والمجتمع الذي ينتج العنف يخلق من جهة أخرى وسائل امتصاص هذا العنف، لكن للأسف لا نملك اليوم مسببات امتصاص هذا العنف في الملاعب، لأن النجاح في ذلك يتطلب تكاثف جهود عدة أطراف، بدءا بالأسرة وصولا إلى مختلف فعاليات المجتمع المدني. وبالعودة إلى الإحصائيات فإن المقابلات الرياضية التي سجل فيها عنف أقل بكثير من المباريات التي لم يسجل بها عنف، لأن العنف مرفوض أخلاقيا وهو مرتبط بوضع معين. التحولات الأخيرة التي عرفها المجتمع الجزائري في مختلف الميادين تعد من أبرز العوامل المساعدة على تفشي هذه الظاهرة، لكن التحديد الدقيق للأسباب الحقيقية يحتاج إلى دراسة معمقة، دون أن ننسى أن صراع الهويات ودينامكية الشباب تولد العنف، وهذا ما يدفعني إلى القول إن هناك عدة عوامل تؤدي إلى ذلك.