الرابطة الأولى: وفاق سطيف يرتقي للصف الرابع, و نجم مقرة يتنفس الصعداء    الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية: تنظيم أيام إعلامية حول الشمول المالي لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة    حادث سقوط عاملين في بالوعة بالبليدة: العثور على جثة المفقود الثاني    شايب يشارك بمعية وزير اقتصاد المعرفة في لقاء حول واقع وآفاق الاستثمار بالجزائر    حريق بالمركز التقني لاتصالات الجزائر : زيارة ميدانية للوزيرين زروقي وبن طالب لتقييم الاضرار    المكاسب التي حققها اتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب جاءت بفضل المسيرة العمالية الطويلة    وهران: يوم دراسي دولي حول التطورات وآفاق الإنعاش في طب الأطفال    المجلس الأعلى للشباب يشارك بنيويورك في أشغال المنتدى الشبابي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة    الجزائر- مصر: غريب يبحث مع وزير الخارجية والهجرة المصري سبل تعزيز الشراكة الصناعية بين البلدين    بطولة افريقيا للجيدو فردي: الجزائر تشارك ب 17 مصارعا في موعد ابيدجان    سوناطراك: حشيشي يزور مواقع تابعة لشركة إكسون موبيل بنيو مكسيكو    الأونروا: الحصار الراهن على قطاع غزة هو الأشد منذ بدء العدوان الصهيوني    حركة النهضة تؤكد على أهمية تمتين الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات    أوبرا الجزائر: افتتاح المهرجان الدولي ال14 للموسيقى السيمفونية    الجزائر العاصمة: لقاء حول آليات حماية التراث المعماري والحضري    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    تصفيات كأس العالم للإناث (أقل من 17 سنة): لاعبات المنتخب الوطني يجرين أول حصة تدريبية بلاغوس    افتتاح الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    وزير المجاهدين يقف على مدى التكفل بالفلسطينيين المقيمين بمركز الراحة بحمام البيبان    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    تحقيق الأمن السيبراني أولوية جزائرية    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    بلمهدي يعرض مشروع قانون الأوقاف    توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني    سوناطراك توقّع مذكرتين بهيوستن    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    اجتماع بين زيتوني ورزيق    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, ترأس, اجتماعا للحكومة    نثمن عاليا هذه المبادرة التي "تجسدت بعد أن كانت مجرد فكرة    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    أيام من حياة المناضل موريس أودان    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرانز فانون اليوم وغدا..

فرانز فانون (1925 1961) من الشخصيات الوطنية والضمائر الإنسانية التي دافعت عن الوجود الجزائري مثل سارتر وجانسن والأب برينغر وجورج بوخرت ولويس غاردي وأندري مندوز وميشال رابتيس وبيار شولي وآخرون.. لأن ملتقيات الطارف (في جوان 2004 وماي 2005) وملتقى وهران في الذكرى ال 49 والمكتبة الوطنية في الذكرى الخمسون وندوات أخرى هنا وهناك، هي صيرورة معرفية تثمن الجهود النضالية في صناعة الذات حتى لا تتعذب على أرض الشهداء بالتزامها من أجل التحرر وبناء المؤسسات وفق معايير الكفاءة والانتماء الوطني وليس بالتوظيف السياسوي والتعصب المرحلي لها.
ولأن "فانون" وأمثاله غائبون في منظومتنا التربوية (راجع كلمة الأستاذ رضا مالك في الملتقى الوطني الأول 12 / 13 جوان 2004)، وطباعة وزارة المجاهدين كتابه (معذبو الأرض) في الذكرى الخامسة والأربعين لعيد الاستقلال والشباب رغم قيمتها فهي محدودة لأنها نادرا ما لا توزع على المكتبات العمومية وإذا ما وزعت فنسخها غير كافية، في حين وجدنا كتاب "سليمة كبير" بإشراف أسرة المكتبة الخضراء في سلسلة "من أعلام الجزائر في العصر الحديث" بعنوان "فرانز فانون: المفكر الغائص في أعماق الثورة الجزائرية" يحقق بروحه التعليمية قيمة نوعية في الذات الجزائرية فتدفعها إن آجلا أو عاجلا لاكتشاف هوية الطبيب الذي يحمل مستشفى البليدة اسمه، ومع ذلك تظل الأعمال الأخرى في حاجة إلى إعادة نشر أو ترجمة حتى يتحول "فانون" من الشعار إلى الظاهرة الثقافية التي قد تنتج جيل ما بعد فانون.
في المقابلة التي نقلها إلينا الأستاذ محمد الميلي في كتابه (فرانز فانون والثورة الجزائرية) عندما صادف "فرانز فانون" في أول لقاء في 1957 بعدما التحق بهيئة تحرير جريدة المقاومة الجزائرية، عبر عن ذاته الطبيب النفساني والمناضل والفيلسوف بهذه الكلمات: "فعلا لقد درست الفلسفة وأنا مجاز فيها، وقد فكرت حينا من الزمن في مواصلة دراستي العليا بالفلسفة لكني فضلت ميدانا عمليا أكثر التصاقا بمشاكل الحياة اليومية". وهذا الاختيار السقراطي - نسبة للفيلسوف اليوناني سقراط - جعله ينزل الاهتمام المعرفي من السماء إلى الأرض، لأن بموطن ميلاده مدينة فور دي فرانس عاصمة المارتينيك اكتشف سؤال القيم كما يبدو من كتابه (بشرة سوداء وأقنعة بيضاء) لأن اللون المختلف صار رمزا للمواطن الأسود في جزر الأنتيل وسكان الجزائر وإفريقيا السوداء في زمن الاحتلال إلى درجة افتراض بأن الرجل الأبيض هو صانع (فانون) مثلما أوجد الاحتلال البريطاني (غاندي)، وانتجت الأرستقراطية الروسية (لينين)، وأثمر الإقطاع في أمريكا اللاتينية (تشي غيفارا).
يقول فانون: "عندما أتحدث إلى من يحبونني يقولون إنهم يحبونني على الرغم من لوني وحينما أتحدث إلى من يكرهوني يعتذرون بأنهم لا يكرهوني بسبب لوني وفي كلتا الحالتين أجدني حبيس الحلقة اللعينة إياها" لأن الإشكال الوجودي يتعلق بقيمة الإنسان الذي كان وما يزال إلى حد ما يربط المثل في اكتساب أكبر قدر من الفرنسية (سواء كان ذلك من حسب اللغة أو التعليم أو الثقافة) تلك الفرنسة التي عملت وتعمل لجعل رعاياها السود بأقنعة بيضاء كما يبدو من قصص الأطفال التي تجعل الرجل الأسود رمزا للقوة الشريرة وأفلام طرزان وهو يحارب قبائل الزولو دفاعا عن الحيوانات. هذا الانصهار المذل أنتج ثورة ثقافية عبر عنها الشاعر إيميه سيزير عندما قال: "ما أجمل أن يكون الإنسان أسود"، ووفق هذه الرؤية النقدية ميّز "فانون" في الوجود الإنساني بين الرجل الأبيض والرجل الأسود والمستعمِر والمستعمَر والمواطن المحلي والمواطن الأصلي والمستوطن والفلاح لأن منظومة القيم التي راجعها أو أعاد اكتشافها جعلته يقول: "ليس العالم الأسود هو الذي وضع طريق مسلكي. فبشرتي السوداء ليست غلافا لقيم محددة".
وفي ضوء ذلك، صارت المسألة الأخلاقية مركزية في فكر "فانون"، لأنه اختار الالتزام بالفكر التحرري الذي يعمل من أجل محو الاستعمار، وبناء الذات لأن "على البلدان المتخلفة أن تلتمس قيما خاصة بها، وأن تضع المناهج التي تناسبها، وأن تتبع الأسلوب الذي يلائمها. إن المشكلة المحسوسة التي نجد أنفسنا أمامها ليس أن نختار مهما كلف الأمر بين الاشتراكية والرأسمالية كما حددها أناس يختلفون عنا مكانا وزمانا". ومثل هذا الوعي النقدي الذي أثبت فعاليته منذ الستينيات يراهن على معرفة الواقع، وليس على النظريات الجاهزة ومحاولات إسقاط مفاهيمها على وجودنا، والذي بالكاد بدأ يتحرر من رواسب الاحتلال، لأن الكائن المستعمَر الذي أصبح شيئا، "وتحول إلى أداة، وصار مجبورا على أن يصبح حيوانا في بعض الأحيان وشرا مطلقا"، هو بصدد استعادة إنسانيته لعله يكتشف ويبتكر، "من أجل أوروبا، ومن أجل أنفسنا، ومن أجل الإنسانية، يجب يا رفاق، أن نلبس جلدا جديدا، أن ننشئ فكرا جديدا، أن نحاول خلق إنسان جديد". إنها صرخة جيل "العالم الثالث يتهم" الذي استعاد التراب دون أن يمتلك حقيقة الوعي بمتغيرات الوجود، ودون أن يعمل من أجل ترسيخ صورته في شبابها، لعلها توقظ الأجيال الجديدة بفائض المعرفة وإرادة التحدي بدلا من فائض الغضب وثقافة الخنوع والاستسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.