نظم المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، الأيام الدراسية حول فرانز فانون بالمكتبة الوطنية، بحضور عدد من الباحثين المهتمين بفكر فرانز فانون وكذا الأصدقاء الذين عاصروا المفكر، إلى جانب ولده أوليفي فانون.. فكانت النقاشات مجموعة من التساؤلات الفكرية حول المواضيع التي طرحها فرانز فانون قبل خمسين سنة ولاتزال على محك الجدل الفلسفي والسسيوثقافي دائما. ”هناك من يعيش حياته بالطول وهناك من يعيشها بالعرض”، هكذا عبر المتدخل شعيب مقنونيف، من جامعة تلمسان، في مداخلته ”خلفيات الطب الاستعماري من وجهة نظر الطبيب فرانز فانون” حول حياة فرانتز فانون التي انتهت بعمر ال36 ومع ذلك خلف لنا وللبشرية إرثا فكريا لايزال قادراً لحد الآن على تفسير عدد من الإشكالات الثقافية، على غرار المثقف المستعمر والقطيعة والحزب السياسي. من جانبه تناول المتدخل محمد طيبي، في مداخلته ”الفكر الفانوني”، أهم أفكار الطبيب التي لاتزال صالحة، وهنا يقول طيبي: ”الأفكار لا نقول عنها صالحة أم لا، الأفكار نقيسها حسب درجة تأثيرها الحالية في إعادة فهم الواقع وقراءته، من هذا فانون لايزال حاضرا بيننا، لأنه استقرأ لحظات مجابهته للنظام الغربي وفكره الاحتلالي كي يبني بالفكر والعمل والنضال هوية الإنسان المقهور والمستعمر.. وبالتالي أرّخ فانون لتاريخ مجتمع وصار مرجعية لفهم بعض المقالات والمفاهيم، لاسيما الحزب السياسي، والنخب والمثقفين وقد تنبأ فانون بالانزلاق الذي سيقع فيه المثقف، لذا هناك الكثير من المفكرين في الجزائر يحاولون تغيب فكره والنزول به إلى درجات أقل من قيمته الفلسفية الكبيرة”. أما عن المفهوم الثاني الذي عالجه الدكتور محمد طيبي، وهو المثقف المستعمر، فيرى أن المثقف المستعمر هو بنية متناقضة في حد ذاتها كهوية بين ثقافة المستعمر وتراث الشعب الذي ينتمي إليه، يحاول داخلها المثقف المستعمر المحافظة على الممكن، بمعنى محاولة تقريب شعبه من الثقافة الغربية لأنه في النهاية لا يستطيع كمثقف العيش خارج الماء المعرفي الغربي، وعليه هذه الإشكالية لاتزال مطروحة والهوية العربية مثلاً أوالإفريقية لم تتحقق وأفكار فانون سابقة لجيله بقرن كامل. ومن الناحية الإيديولوجية، يرى دائما الدكتور طيبي أن فانون لم يكن ماركسيا ولا وجوديا ولا يسمح لنفسه بالانخراط في هذه الأفكار، لأنه يعتبرها مجرد أجهزة لكي تكون أدوات يستطيع من خلالها الغرب التحكم في العالم المقهور من أجل خدمة مصالحه القائمة على الهوة والنهب. هاجر قويدري