"إذا كان ما قاله سعدي على السيدة ظريف صحيحا، فهذا يورطه شخصيا في عملية كشف مخبإ المجاهدين في القصبة، ونسف البيت الذي كان يمكن أن يجنبه الموت بتلك الطريقة المؤسفة. لا يمكن أن آخذ تصريحات سعدي على أنها حقيقة رفع عنها الستار، بالعكس لقد رمى في الميدان بحجرة تعكر صفو تاريخنا مجددا، ونحن نعلم أن تاريخنا تشوبه الكثير من الاستفهامات. استغرب أقوال سعدي اليوم، أسابيع قليلة بعد صدور مذكرات زهرة ظريف التي تصفه في صفحاتها ب "سعدي الرائع"، وعلى مدار كل نصها نشعر أنها كانت صديقته وتربطها به علاقة توافق واتصال دائم في مجال العمل الثوري في المنطقة الحرة، بل دافعت عنه، بالخوض في تفاصيل تبعد الشكوك حولهما، مع أنه لا يستحق الدفاع عنه. عندما كنت مسجونا في سجن "الكونرنيش"، التقيت بمساجين لا يحبون أبدا ياسف سعدي، بل كان سيء السمعة، كما أن هروبه الى فرنسا عن طريق جرمان تيون له أكثر من تفسير وتأويل، لأن فرنسا كانت تعلم أن لو بقي سعدي في بربروس سيقضي عليه المجاهدون هناك. من حظ ياسف أن قادة الثورة اضطروا إلى السفر خارج البلاد، فوجد نفسه وحيدا في منطقة الجزائر الحرة، ونصب نفسه زعيما على الناس، مع أنه لم تكن له المؤهلات السياسية والعسكرية والتنظيمية لقيادة تنظيم بذلك الحجم. وإذا سلمنا بأنهما متواطئان في العمل الفدائي وفي حال حدوث انزلاق من قبيل ما ذهب اليه سعدي في تصريحه، فهذا يرفع حجم الشكوك التي تحيط بشخصه منذ البداية. أتساءل لماذا لم يعاقب ياسف المجاهدة زهرة بعد أن اكتشف وشايتها بعلي لابوانت؟ لماذا لم يكن حازما كمسوؤل على منطقة الجزائر الحرة"؟