كان حميد تي آس آ يرتدي بدلة كاكية وقميصا ناصع البياض وربطة عنق حمراء، يدخن المالبورو لايت ويتجرع من حين لآخر كأس الويسكي راد، اقترب منه مدير التلفزيون خلادي وكأنه يحدثه في شأن عظيم قائلا "لقد اتصل بين صباح هذا اليوم العقيد فتحي وهو ينتظر بفارغ الصبر الحوار مع عمار سعداني، فرد حميد "وهل تتصور أن العقيد فتحي رجل ثقة؟" فرد خلادي "العقيد فتحي رجل مخلص، لولاه ما تسربت المعلومات بصدد تحضير الجماعة لما بعد بوتفليقة.. ولذا فهو مكروه من طرف الفريق توفيق.. وأظن أن الكولونيل فوزي المقرب جدا من توفيق يعرف أن مصدر المعلومات من داخل الدياراس كان العقيد فتحي.. أجل، لقد تمكن العقيد فتحي من مخادعتهم لأنه كان يدرك أن أيامه داخل الدياراس كانت معدودة... ولولاه ما كان وزير الإعلام السابق قادرا على إعلان تمرده على جماعة الفريق، لقد وقف في وجههم لأن يتدخلوا في التلفزيون، وساعدنا كثيرا لأن نستولي على التلفزيون ووزارة الإعلام..." قال حميد تي أس آ "والسعيد هل سيكون معنا هذا المساء؟" فأجاب خلادي "لقد اتصلت به هذا الصباح، وقال لي إنه سيكون جد مشغول، إلا أنه ممكن أن يأتي رفقة عمارة بن يونس وغول في نهاية السهرة" قال حميد تي آس آ: أصدقك القول إني قلق بعض الشيء حول ما يمكن أن تثيره قنبلة سعداني.. هل تتصور أن الدياراس يكون رد فعله شديدا، "فعلق خلادي ضاحكا "لا تخشى شيئا يا صديقي، لقد جردنا جماعة توفيق من كل قوتها... وأننا لن نكون وحدنا في هذه المعركة.. أنت تعرف جيدا، أن لنا أصدقاء داخل الدياراس نفسه، وداخل الجيش، لقد كره العديد من الضباط من هيمنة جماعة توفيق على الحياة السياسية والإعلامية في البلاد.. نحن سيكون لنا الشرف من تخليص الجزائريين من هذا البعبع الذي ظل جاثما فوق الصدور.. أنت تعرف أن كل وسائل الإعلام الخاصة بشكل أو بآخر هي تحت رحمة جماعة توفيق، ومن حظك أنك هناك في فرنسا، ولا يستطيعون أن يفعلوا ضد التي أس آ أي شيء.. هم يدركون ذلك جيدا، لذا ظلوا دائما يسربون إلى عملائهم على أنك عميل ومقرب من دوائر الإستخبارات الفرنسية.. وهذا في حد ذاته دليل على ضعفهم.. ثم ماذا بإمكانهم أن يعملوا ضدك وضدنا؟! لا شيء.. أجل لا شيء! فقال حميد تي آس آ "هل تعتقد ذلك فعلا؟!" قال خلادي "طبعا، طبعا أعتقد ذلك.. إنهم ظلوا يخيفون الناس بالملفات.. والآن، انتهى عهد الملفات... إنهم غير قادرين على استعمال هذا السلاح، فالشرطة القضائية لم تعد تحت رحمتهم... لقد حاولوا أن يهددوني بملف عني عندما كنت مديرا في الإذاعة الوطنية لكنني قاومت وصبرت... ثم أضاف عندما بدت ابتسامة عن حميد تي آس آ.." طبعا من حقي أن استفيد مثلما استفادوا هم من منصبي، وهذا ليس بعيب يا حميد" أشعل حيد تي آس آ سيجارة أخرى، ثم قال وهو يشير إلى فتاة لا تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرها، ذات جمال صارخ، وقامة فارعة "من تلك الفتاة؟" فقال حميد وعلى شفتيه ابتسامة ماكرة "إنها سلمى"، ألا تعرف سلمى؟" فأجاب حميد تي آس أس".. لا، لا لم أرها من قبل، هل هي صحفية؟" فقال: خلادي "سلمى، اشتغلت في مديرية الإعلام بالرئاسة كمتربصة، ثم أصبح لها شركة في السمعي البصري وفي الإعلانات" فقال حميد تي آس أ: "لها شركة؟!" فقال خلادي "أجل، لها شركة، وهي بالإضافة إلى جمالها المثير فتاة ذكية، وخطيرة الذكاء.. إنها من جماعتنا"، ثم أضاف "سأقول لك سرا، لكني أتمنى أن تحتفظ به لنفسك" فقال حميد ضاحكا،"طبعا" فقال خلادي "إن صديقك غول، معجب بها أيما إعجاب، ولقد عرض عليها أن تكون مستشارته في ميدان العلاقات العامة والاتصال.. "فقال حميد تي آس آ: "هذا الغول مجنون.." فرد خلادي "طبعا، مجنون، لأنه لو لم يكن مجنونا لما عرض عليها كذلك الزواج عن طريق الفاتحة" فقال حميد تي أس آ.. "هذه هوايته الكبرى.. كلما التقى فتاة جميلة إلا وكرّر عليها نفس الأغنية" فقال خلادي "لكن سملى، ليست من أولئك الفتيات اللواتي يبتلعن مثل هذا الطعم.. فلقد جعلته يركض وراءها وما يزال، وتكون قد استفادت كثيرا من إعجابه بها عندما كان على رأس وزارة الأشغال العمومية.." قال حميد تي آس آ: "وأنت كيف تعرفت عليها.." "قال خلادي "أنا تعرفت عليها يوم كنت على مديرية الإعلام برئاسة الجمهورية، ثم كانت لي نعم الشريك عندما تعاقدت كمدير للإذاعة مع نجمة، خلال حفلات رمضان التي كانت برعاية شريكنا نجمة"، صمت حميد تي أس، آ ثم علّق وعلى شفتيه نفس الإبتسامة الماكرة "آه.. الآن، فهمت" ثم أضاف "لا تنسى أن تعرّفني بسلمى، ربما تكون مفيدة للجريدة".