تجتمع تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية المقبلة، اليوم، لتنصيب اللجنة السياسية لتحضير الندوة الوطنية حول الانتقال الديمقراطي في الجزائر، التي تراهن عليه التنسيقية لتكون أرضية مهمة للخروج من الانسداد السياسي الحاصل، دون موقف واضح من ملف الفيس. تعقد تنسيقية رؤساء الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات، اليوم، بتعاضدية عمال البناء، بزرالدة، اجتماعا في إطار برنامج تفعيل مقاطعة الانتخابات، وذلك لتنصيب اللجنة السياسية لتحضير الندوة الوطنية حول الانتقال الديمقراطي في الجزائر، التي أكدت شخصيات التنسيقية على أهميتها والدور الذي ستلعبه، في تجمع قاعة حرشة، وحسب بن بيتور "ستؤسس هذه الندوة لجزائر مختلفة.. جزائر المواطنة والحريات، جزائر مفتوحة على العولمة ومتجذرة في القيم الوطنية". ويؤكد محمد ذويبي، رئيس حركة النهضة ل "الجزائر نيوز"، أن "مسألة الندوة الوطنية جاءت كمبادرة سياسية موازية للمقاطعة"، وحسبه فإن هذه الخطوة التي ستنصب اللجنة السياسية التي ستحضر لها، اليوم، جاءت "لأن البعض كان يظن أن موقف المقاطعة بدون أفق، لكن في الحقيقية هي ليست غاية وإنما وسيلة"، والهدف الكبير -حسب رئيس النهضة- هو "بلورة مشروع سياسي وطني يفتح الأفق بعد الانسداد الذي انتهت إليه الوجوه والمناهج التي سيرت بها الجزائر منذ الاستقلال"، مضيفا أن "تنصيب اللجنة سيكون الخطوة الأولى لفتح آفاق واسعة تعيد الاعتبار للعمل السياسي والديمقراطية، والأرضية السياسية لفتح النقاش بشكل عميق"، كاشفا -عن رأيه حول الندوة- أنها "لن تقتصر على الأحزاب المقاطعة، بل تشمل أكبر عدد من الوجوه السياسية والنخب والمجتمع المدني..."، نافيا أن تكون هناك أي اتصالات من قبل التنسيقية قد بدأت، مرجعا هذه المسألة إلى الاتفاق والعمل التي ستقوم به اللجنة. وبالخصوص نفسه، أكد الناطق الرسمي لحزب جيل جديد، سفيان صخري، أن هذه اللجنة سيكون من شأنها "تهيئة أرضية لخارطة طريق الندوة الوطنية حول الانتقال الديمقراطي في الجزائر"، مؤكدا على تمسك حسبه بالدفاع عن الأطروحات الأساسية المتعلقة ب "حل البرلمان، لأنه مجرد تمثيلية، والذهاب نحو انتخابات تشريعية مسبقة تفرز برلمانا حقيقيا، يمثل الشعب". كما أكد صخري أن الخطوة الثانية التي يتمسك بها جيل جديد هي "صياغة دستور مبني على مقاس يستوعب كل الجزائريين وليس على مقاس شخص أو عصبة"، وحسبه، لا بد من العودة إلى "دستور 1996 في مسألة العهدات". وفي سياق المقاطعة، كان علي بلحاج الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة، قد حضر تجمع حرشة، رفقة عدد من أنصار هذا الحزب المتمسكين بعودته. وفي سؤال "الجزائر نيوز" لبعض وجوه التنسيقية، حول إمكانية التنسيق أو استدعاء أعضاء هذا الحزب المحل للمشاركة في الندوة الوطنية على خلفية الدعم أو التقارب في الموقف الذي أبداه علي بلحاج، رأى صخري أنه "لابد من الرجوع إلى هياكل وقواعد الحزب أولا للتشاور، كما أن المسألة لا تتعلق بجيل جديد وحده، بل هناك تنسيق مع أحزاب وشخصيات أخرى حول تفاصيل الندوة"، مضيفا أن "ظهور علي بلحاج للتعبير عن رأيه لم يقتصر على تجمع حرشة، وإنما خرج للاحتجاجات أمام المجلس الدستوري وقبلها في العديد من الاحتجاجات"، نافيا أن يكون حضوره لقاعة حرشة بناء على اتفاق أو دعوة، لكنه مع هذا أكد كناطق باسم حزب جيل جديد أن "الذهاب إلى ندوة وطنية معناه طرح كل جراح الجزائر والاستماع إلى كل أطرافها". فيما يرى رئيس حركة النهضة بهذا الخصوص "ما زالت المنهجية التي نعمل بها هي التشاور"، مؤكدا أن الجميع يفكر في هدف واحد وهو "العمل بما يحقق مصلحة الجزائر"، مؤكدا أن "هؤلاء جزائريين، وهدفنا أن تكون الجزائر السقف الذي يجتمع تحته كل أبنائها في إطار نصل به إلى نظام سياسي يحترم المنافسة على أساس البرامج والكفاءة في ظل الشفافية التامة". هذا ورفض الشيخ، عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، الادلاء بأي تصريحات بخصوص الندوة، معتبرا أنه "ما زال التحضير لهذه الندوة في الخطوة الأولى"، وحسبه عندما تتقدم الأمور "لكل حادث حديث"، لذلك اعتبر أنه من "التعجل" الحديث عن الندوة قبل تنصيب "اللجنة التي تحضّر لها". زهور شنوف قالوا ل "الجزائر نيوز" : سمير لعريبي صحفي والناطق الرسمي السابق باسم اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين : "الحراك السياسي الأخير مؤقت، ويرتبط أساسا بالموعد الانتخابي المقبل" إذا صح القول هنالك حركات احتجاجية عديدة ظهرت على الساحة السياسية الوطنية مؤخرا، توجد من تملك أجندة سياسية معينة، وأخرى تعبر عن حراك مطلبي عمالي بصفة عامة يسعى من أجل مطالب اجتماعية محضة، ومن جهتي أعتبر أن هذا الحراك السياسي الأخير الذي يشهده الشارع الجزائري يرتبط أساسا بالموعد الانتخابي أي الرئاسيات المقبلة وهو لا يخرج عن هذا الموقف المشكل، وموقفه من العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة واضح يبين علاقته وارتباطه بتوقيت الانتخابات الرئاسية فقط، ويبقى المشكل دائما يتمثل في أننا أمام تجارب معينة لم يقم الذين أنجزوها أو أصحابها بطرحها بموضوعية في بلد مستقل، حقيقة نحن لا نعلم موضع المستقبل، لأنه معرض لأزمة حقيقية. مزيان عبان صحفي وناشط بحركة "بركات": "الحركات الاحتجاجية الجديدة باستطاعتها توحيد النضال المشترك لخلق حركة وطنية شاملة" هذه الحركات الاحتجاجية في الوقت الحالي لا تعتبر "رجعية" في خطها السياسي الذي تسير عليه منذ أن بدأت نشاطها الاحتجاجي والمناهض، وإذا ذكرت مثالا على كلامي، فأنا شخصيا حضرت مؤخرا الاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت مؤخرا بمنطقة الأوراس، وقمت بإنجاز تحاليل متواضعة على كل ما صدر منها، فوجدتها تحمل موقفا ضد رئيس الجمهورية، لكن فقط في ما يخص ترشحه للعهدة الرابعة، أي أنها تماما مثل حركة "بركات" وهذا تشابه يبين علاقتها ببعضها البعض، وأظن أن هذه المبادرات الجديدة لها وسائلها الخاصة وأفكارها لتقديم البديل السياسي الممكن، وباستطاعتها أيضا توحيد النضال المشترك لخلق حركة وطنية شاملة. نور الدين جباب أستاذ الفلسفة بجامعة بوزريعة : "لابد على النخب أن تدفع هذه الكتل الشبابية إلى المرحلة التاريخية" هذه الندوة اقترحت عنوانا كبيرا يتمحور حول نهاية الأشكال النضالية التقليدية والبحث عن الأشكال الجديدة، وبما أن طبيعة الحضور انحصر في أغلبيته على "نشطاء" سياسيين، أخذت بالتالي طابعا سياسيا محضا، وبخصوص نهاية الأطر والأشكال الكلاسيكية للصراعات الاجتماعية والسياسية يبرز شبه إجماع على نهاية هذه الأشكال تماما، لكن ما يجب قوله هو أننا لم نصل بعد للمساهمة في صناعة الأشكال الجديدة، وللأمانة فقط هذا لا ينطبق علينا نحن كجزائريين بل حتى على مجتمعات ما يسمى "الربيع العربي"، ثم إذا نقول "الفاعلين الإجتماعيين" نعني بها القوى التي تحرك التاريخ، هذا الحراك لا بد أن يبقى منسجما مع سيرورة التاريخ، لكن نحن لم نكتشف القوى القادرة على صنع التاريخ من جديد، هذا الحراك اليوم يعطل حركة التاريخ، ولا نعني به الشباب الناشط الذي يبقى وطنيا ومثقفا يتحرك بامتياز، ولكن لا يعرف كيف يتحرك، وهنا يبرز دور النخب التي لابد لها من دفع هذه الكتل الشبابية إلى الدخول في المرحلة التاريخية، وفي الأخير يجب القول أن الأحزاب السياسية في بلادنا تعيش حاليا أزمة لم تستطع الخروج منها بعد، وبالتالي الحركات السياسية فشلت ولم تتحول إلى حركات فاعلة لصنع التاريخ الجديد. العيد زواوي محامي وناشط سياسي يساري : "الحركات التقليدية للاحتجاج السياسي في حاجة إلى الشباب لإنقاذ الوطن" اليوم من خلال ما نراه من حراك احتجاجي شبابي نستشف وعيا لدى الشباب، نوع منهم وصل إلى درجة النضج السياسي ونوع آخر يمثل شريحة معينة وصلت إلى درجة من اليأس والقنوط، وفي ما يخص النقاش الذي شاركنا فيه حول الأطر التقليدية للنضال هل ما زالت صالحة؟!، أو العكس؟!، أعتقد أن الفكرتين متكاملتين تماما، فالشباب في حاجة إلى تأطير داخل الحركات ذات الأطر الكلاسيكية، والحركات التقليدية في الاحتجاج السياسي هي أيضا في حاجة إلى الشباب حتى تمنح لنفسها خلفية جديدة لإنقاذ الوطن، لأنه في هذه اللحظة لم يعد يتحمل وضعية كارثية أكثر مما هو عليها الآن، وأعتقد أن مبادرة "الجزائر نيوز" في فتحها لموضوع في غاية الأهمية تكون قد فتحت الباب الأول لتحديد آفاق النضال السياسي مستقبلا، لتتوضح الأمور وتأخذ أبعادا أكثر فعالية، ولا يمكن لحصة نقاش واحدة تحديد بها الخطوط العريضة لنقاش متشعب ومتنوع مثل ما هو مطروح الآن .