يواصل المخرج الأمريكي العجوز ‘'مارتن سكورسيزي'' صاحب "تاكسي" و«الثور الهائج" وكل أفلام العصابات الشهيرة مثل "Goodfellas"، "عصابات نيويورك"، و«المغادرون"، تقديم الجديد بصورة تثير الدهشة، فقد نجح استنادا إلى قصة حقيقية أن يرسم السيرة الذاتية للملياردير الأمريكي ‘'جوردان بيلفورت'' سمسار البورصة الشهير على شاشة السينما، في قطعته المرشحة للأوسكار ‘'ذئب وول ستريت''، ببطولة النجم المتألق ‘'ليناردو ديكابرو'' والنجمة الأسترالية ‘'مارجريت روبي''، والممثل الأمريكي ‘'جون هيل''. رحلة سينمائية من ثلاث ساعات كاملة يبحر فيها ‘'سكورسيزي'' داخل فلك البورصة الأمريكية، التي التهمت الشاب الجديد على عالم الأوراق المالية ‘'بيلفورت''، من صعوده إلى مصاف أثرياء الأسهم ليعيش حياة مرفهة حتى سقوطه في قصة تنطوي على الجريمة، عالم الخلاعة والأموال القذرة وفساد الحكومة الاتحادية. وأخذته داخل عوالم الأرقام لتحوله إلى مدمن للمخدرات ومهوس بالنساء. هذه هي حكاية أخرى عن مجرم يمضي بعيدا خارج نطاق السيطرة في الطموحات، تعاطي المخدرات، والأكاذيب التي لا نهاية لها، والحياة الأسرية المضطربة، ودوامة من الفساد التي تؤدي حتما إلى طريق لا عودة فيه أسير لضغط الشركات الأمريكية التي لا ترحم أحداً، ولتلك القوة الطاغية لرأس المال في مجتمع تأسس على عبادته. قصة صعود ‘'بيلفورت'' بدأت من لقائه مع رجل أعمال مهووس بالبورصة يجسده ‘'ماثوي ماكنوري''، لتكون بداية الإلهام للشاب الصغير في دنيا المال، نصائح نفذها ‘'بيلفورت'' كلها. وبهدوء شديد نجح في تجاوز أول أزمة في حياته، بعد أن طرد من عمله إثر أزمة مالية أطاحت بسوق الأوراق المالية، ليبدأ عمله من جديد في شركة بدائية، ينجح فيها بقدرته الخارقة على إقناع المستثمرين بشراء الأسهم، حيث تمكن من جمع 100 مليون دولار وهو في العشرينات في عمره. السعي وراء المال والنجاح، من خلال أي وسيلة، لا يزال المحرك الرئيسي لشخصيات الفيلم، رغم أنه يؤدي إلى سقوط صعب في الهاوية. لكن رحلة الصعود في الحياة المترفة غير القانونية لم تصمد طويلا، بعد ملاحقة رجال المباحث الفيدرالية لخطوات الرجل، ليبدأ ‘'ديكابريو'' في رحلة سقوط بهدوء، محاولات تجنيد ‘'بيلفورت'' في المباحث الفيدرالية باءت بالفشل، بعد أن فضح سره صديقه طوال الرحلة، ليتم إلقاء القبض عليه ومحاكمته بتهمة غسيل الأموال واختراق القانون الأمريكي، والتلاعب بالأسهم في تسعينيات القرن الماضي، والإتجار بالمخدرات، حتى تم سجنه لمدة 36 شهراً، وتتركه زوجته في نهاية الرحلة يواجه الفشل وحيداً. هذا الفيلم يستند إلى عبقرية سكورسيزي ورؤيته الإبداعية ويعيد تركيب أداء ممثليه، موغلاً في التناقضات العنيفة التي تقوم الشخصية عليها والتي يعشقها سكورسيزي ويكرسها في شخصيات أفلامه. ويتميز ببصرية مدهشة عبر كاميرا رودريغو برييتو، وحوار سينمائي رفيع كتبه ‘'تيرنس وينتر'' وتمثيل عظيم من ليوناردو دي كابريو، وبقية الشخصيات حوله يتكامل أداؤها بشكل جيد (بما في ذلك جون هيل، الذي يبدو دوره هنا كتب ليناسب شخصيته بشكل مريح جدا). الفيلم مليء بخطوط كبيرة وخطابات يكشف بها وحشية الرأسمالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقي الفيلم مراجعات إيجابية من معظم النقاد، وترشح لعدة جوائز، منها جائزتي غولدن غلوب لأفضل فيلم وأفضل ممثل حيث فاز دي كابريو بها. تلقى الفيلم أيضا خمسة ترشيحات لجائزة الأوسكار: أفضل فيلم، أفضل مخرج لسكورسيزي، أفضل نص سينمائي مقتبس لوينتر، أفضل ممثل لدي كابريو وأفضل ممثل مساعد لجون هيل. مارتن سكورسيزي صنع لجيل جديد من عشاق الأفلام في ذئب وول ستريت، فيلم جريمة آخر ذا طابع هزلي أسود عن نوع مختلف من الخارجين عن القانون: الرأسمالي الجاحد. هذا أفضل تعاون بين سكورسيزي وليوناردو دي كابريو حتى الآن. الناقد السينمائي لمجلة رولينغ ستون "بيتر ترافرز" اختار ذئب وول ستريت كثالث أفضل فيلم في 2013، خلف 12 سنة عبد وجاذبية في المركزين الأول والثاني. اختير الفيلم كواحد من أفضل 10 أفلام السنة من قبل معهد الفيلم الأمريكي. أمريكا | 180 دقيقة | جريمة | دراما | سيرة ذاتية إخراج: مارتن سكورسيزى تأليف: تيرينس وينتر تاريخ الإصدار: 01 جانفي ولد في 17 نوفمبر 1942 بنيويورك في الولاياتالمتحدةالأمريكية، هو مخرج سينمائي أمريكي من أصل إيطالي يعد من أشهر المخرجين في هوليود، حاصل على جائزة أفضل مخرج في الأوسكار عن فيلم المغادرون، وقد ترشح لهذه الجائزة خمس مرات. وقد تعاون مع الممثل روبيرت دي نيرو بعدة أفلام منها (سائق التاكسي) الذي فاز به مارتن سكورسيزي بجائزة سعفة كان الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1976 وفيلم Ra (الثور الهائج) الذي حصل به الممثل روبرت دي نيرو على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل رئيسي، وفي عام 1988 قام بإخراج فيلم (الإغراء الأخير للسيد المسيح) الذي واجه الرفض والانتقاد الحاد من الفاتيكان وصل إلى المطالبة بطرد الفيلم من مهرجان كان 1988، وأيضا تعاون مع الممثل ليوناردو دي كابريو في خمسة أعمال وهي (عصابات نيويورك) عام 2002 وفيلم الطيار عام 2004 الذي ترشح به الممثل ليوناردو لجائزة أفضل ممثل رئيسي في مهرجان الأوسكار، والفيلم الثالث (المغادرون) عام 2006 الذي حصل فيه على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج سينمائي وهي الأولى له بعد عدد من الترشيحات آخرها عن فيلمه الطيار، والذي خسر فيه الجائزة لصالح كلينت إيستوود. وأخيرا (جزيرة المصراع) ليليه هذا العام (ذئب وول ستريت).