في الوقت الذي أصبحت فيه الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل المقبل تعد أنفاسها الأخيرة، مازالت مؤشرات هذا الاستحقاق الرئاسي تشهد فوضى واضحة تدل عليها العديد من أزقة وشوارع العاصمة، حيث كشفت "فوضى" الملصقات الإشهارية للمترشحين الستة و«عبث" الأيادي بها، عن طابع خامس انتخابات "تعددية" تشهدها البلاد. قبل أقل من عشرة أيام من ذهاب المواطنين لصناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الثامن للجزائر أو الإبقاء على السابع الذي يترشح لولاية رابعة، قامت "الجزائر نيوز" بجولة في بعض الشوارع والأحياء العاصمية ، ولاحظت وضع الملصقات الإشهارية للمترشحين الستة في مختلف اللوحات التي وضعت لها خصيصا في أماكن محددة، والبداية كانت من الطريق المؤدي إلى البريد المركزي من ساحة موريس أودان، حيث تتواجد لوحات ستة وضعت خصيصا للمحظوظين الذين اختارهم المجلس الدستوري للمنافسة من أجل الوصول إلى قصر رئاسة الجمهورية بالمرادية، لكن لم نجد هنالك إلا صورا ممزقة ومبعثرة على اللوحات، حتى لا تكاد تظهر منها وجوه هؤلاء المترشحين الذين استطاعوا احتلال مكان لهم في هذه اللوحات دون آخرين، نفس الشيء لاحظناه بساحة أول ماي بقلب العاصمة، حيث لم تشفع تلك اللوحات التي وضعت بانتظام لمن كلفوا بوضع صور المترشحين باحترام أدنى معايير الموضوعية والأخلاق في إلصاق الصور، أين كل واحدة تأخذ مكانها المخصص لها، بحيث لا تندهش إذا ما شاهدت صورتين لمترشحين مختلفين فوق بعضهما البعض، أو تجد صورة ملصقة بالعكس أين يصبح رأس المترشح من الأسفل وجسده في الأعلى، من جهة ثانية ترقب صورا يتعرض لها بالرسم والتمزيق من جهة على حساب جهة، وحتى هنالك من تتمكن الكتابة منها بالتعاليق الخادشة للحياء، ولكن الملاحظ من مختلف الأماكن التي قصدناها، هو في طغيان الصور الإشهارية لكل من المترشح عبد العزيز بوتفليقة ورئيس حكومته السابق المترشح الحر علي بن فليس، حتى يتخيل للمواطن الذي لا يتابع جيدا أجواء الرئاسيات، أن انتخابات 2014 سيتنافس عليها مترشحين إثنين لا ثالث لهما، وفي الوقت الذي تبرز فيه من حين لآخر صور الثلاثي بلعيد عبد العزيز، موسى تواتي، لويزة حنون ولو بشكل متواتر، التمسنا الغياب الشبه التام لصور رئيس حزب عهد 54 علي فوزي رباعين مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول قدرات الحملة الانتخابية لممثل حزب عهد 54 الذي يترشح للمرة الثانية بعد "مغامرته" في رئاسيات 2004. لا تشهد اللوحات المخصصة للصور الإشهارية للمترشحين فوضى لوحدها، في الوقت الذي استطاع فيه هذا الوضع أن ينتقل إلى جدران شوارع الأحياء المختلفة، وتمكنت به الصور المنتشرة إلى الوصول نحو مختلف مفاصل الحيطان التي تحيط بالمباني والعمارات السكنية، في خرق واضح للقانون الذي يحدد أماكن نشر الملصقات الانتخابية الدعائية لمختلف المترشحين في اللوحات المثبتة سلفا، فمن مقر المركزية النقابية للإتحاد العام للعمال الجزائريين الذي أعلن عن نفسه ك "مداومة للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة"، وحول جدرانه الخارجية لصالح صور المترشح الذي اختاره لموعد 17 أفريل، لاحظنا من خلال جولتنا العديد من صور المترشحين الستة تكتسح المباني والعمارات المختلفة لمدينة الجزائر، بما فيها مكاتب المترشحين التي لم تكتف بنشر الصور داخل مقراتها حتى رمت بها خارجها، وكأنها تتنافس فيما بينها للكشف عن صاحب العدد الكبير من الصور الملصقة في الأماكن والشوارع العمومية، وهذا ما لاحظناه بمقرين تابعين لحملة أبرز مترشحين لموعد 17 أفريل المقبل، "بوتفليقة" و«بن فليس" بحيدرة، حيث تزحف منهما الصور خارج مبنيهما ملتهمة الجدران الخارجية للمقرين، وبالطريق السريع المؤدي إلى "حي مالكي" أين تقبع وزارة الطاقة والمناجم يندهش المارون عبر ذلك الطريق للعدد الهائل من صور المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة ملصقة في الجدار المجانب للطريق السريع في صورة توحي بأن المكان عبارة عن مداومة للمترشح وليس طريقا عموميا يستعمله جميع الجزائريين لقضاء مآربهم، وهكذا تجد نفس الصورة متمركزة في كل الأماكن والأوضاع.. بين الجسور والممرات وحتى في نوافذ المنازل والفيلات والدكاكين المختلفة، ومع عدم التنظيم الذي تشهده أماكن وضع "الملصقات الإشهارية" لمن يريدون الوصول إلى كرسي حكم البلاد، ما يزال المواطن الجزائري يتجاهل مختلف مواضعها، والدليل متمثل في كثرة الأيادي "العابثة" بها في كل حين وكل مكان تطأ عليه هذه الصور، وتجاهله التام لها، حيث لم نشهد أي مواطن يقف أمام لوحات صور المترشحين، بما أن منظرها صار بين التمزيق والتقطيع. أكد العديد من المواطنين الذين التقيناهم بشوارع العاصمة على "وجوب احترام العمال الذين توكل لهم مهمة إلصاق صور المترشحين لأماكن وضع الصور المحددة لهم، لأن هذا يدخل في إطار احترام القانون الذي يشدد على هذا الأمر"، حسبما صرح أحد الطلبة الذين يدرسون بالجامعة المركزية، مضيفا في السياق ذاته " الجميع يعلم بأنه ممنوع منعا باتا إلصاق الصور الإشهارية على جدران الشوارع، لذلك أعترف لكم بأنه لو وجدت أي صورة لمترشح ما في جدران الحي الذي أقطن فيه لنزعتها منه، وهذا من أجل احترام القانون"، من جهة أخرى عبر مواطن آخر على أنه في ظل أجواء حملة انتخابية استعدادا للرئاسيات، فإن احترام أماكن عملية وضع الملصقات الإشهارية "جد مهم في إطار احترام القانون"، لكن أوضح من جهة أخرى، على أنه "ضد أي تمزيق أو حرق أو رمي صور المترشحين للانتخابات الرئاسية"، لأن هؤلاء حسبه- شخصيات يجب أن "تحترم بما أنها دخلت عملية انتخابية من الممكن أن توصلها لأعلى منصب مسؤولية في البلاد"، داعيا في الأخير من توكل لهم مهمة إلصاق هذه الصور ب "وضعها في مكانها المحدد الذي أعلن عنه سابقا، حتى نتجنب الفوضى الظاهرة أمام أعيننا"، وفي السياق ذاته أرجع أحد الذين التقيناهم، هذه الظاهرة إلى "نقص الوعي لدى المسؤولين على العملية الانتخابية الذين لا يسهرون على تطبيق القانون بحذافيره، بالإضافة إلى بعض المواطنين الذين يسمحون لأنفسهم بتمزيق هذه الصور ورميها على أرصفة الشوارع"، معتبرا أن هذه الظاهرة مستفحلة كثيرا في الجزائر، حيث أثرت "بشكل سلبي على جمال المحيط للمدينة الجزائرية"، وأضاف في السياق نفسه "هنالك صور لمترشحين شاركوا في رئاسيات 2009 ماتزال تعلوا جدران شوارعنا، فما بالك بصور مترشحي 2014 التي تنتشر في كل مكان؟!.