بعد النجاح الكبير الذي حققته الكاتبة والمترجمة المصرية هالة صلاح الدين حسين في نقل آداب اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية عبر مجلتها الإلكترونية "البوتقة" التي احتفلت بإتمام عامها الثامن في أفريل/ نيسان من هذا العام بعددها الثاني والأربعين، استطاعت هالة أن تؤسس أيضا بجانب بوتقتها الإلكترونية دارا للنشر والتوزيع أصدرت من خلالها أربعة كتب هي عبارة عن مجاميع قصصية لأشهر كتاب الحداثة الغربيين، كتابها الأول جاء بعنوان "حواس مرهفة"، أما الثاني فكان "أشباح بلا خرائط "، والثالث "وجوه متوارية"، وجاء كتابها الرابع "تماس مع القدر" لتقف عنده بانتظار الفراغ من مشروعها الرائد والذي سيكون الأول عربيا، وهو الكتاب المسموع للمكفوفين حتى تنتقل لإصدار كتابها الخامس. مشروع "البوتقة" الثقافي للمكفوفين، وكما تقول السيدة هالة، يسعى حاليا لإنتاج مطبوعه الأول، ستكون بدايته في مصر وليبيا، حيث حصلت على منحة من المجلس البريطاني خصصت لدعم هذا المشروع الذي سيتمحور حول شؤون المرأة والتحديات التي تواجه كل واحدة منهن في حياتها، هن نساء يكابدن صراعا ما، مع خيانة الرجل، المجتمع بتقاليده البالية، مرض الأبناء، الحق في الإجهاض، العنصرية، الفقر وغيرها من صعاب الحياة، الكتاب الأول من هذا المشروع سيحتوي على عدد من القصص تروي كل قصة منه حالة من التي ذكرتها هالة وسيكون على شكل قرص مدمج يتناوب على قراءة كل قصة فيه كاتبة عربية ومن الأسماء اللامعة في دنيا الأدب والثقافة أمثال: فيروز التميمي من الأردن مقيمة في السويد، إيمان حمدان من لبنان مقيمة في فرنسا، جاكلين سلام من سوريا مقيمة في كندا، ميرال الطحاوي من مصر مقيمة في أمريكا، منصورة عز الدين من مصر، فاطمة غندور من ليبيا، غالية قباني من سوريا مقيمة في كندا، عاية ممدوح من العراق مقيمة في فرنسا، سحر مندور من لبنان مقيمة في مصر، سمر يزبك من سوريا مقيمة في فرنسا، هالة صلاح الدين من مصر مقيمة في بريطانيا. دار نشر "البوتقة" سوف تقدم عشرة آلاف نسخة من هذا الكتاب المسموع أي - القرص المدمج - هدية إلى المؤسسات التي تكرمت بالموافقة على توزيعه في كل من مصر وليبيا، كما تقول ناشرته هالة التي أضافت قائلة: "وهناك ما يقدر بملايين المكفوفين في مصر وليبيا والعدد في تزايد سنوي، في حين لا تضع وزارتا الثقافة والهيئات الأدبية هناك المكفوفين ضمن خططهم الثقافية، إذ لا يقع تحت أيدي المكفوفين إلا مواد تعليمية لغرض اجتياز العام الدراسي، هذا الكتاب هو أول كتاب أدبي مسموع على الإطلاق لخدمة المكفوفين في الوطن العربي والذي سيكون على نطاق دولتين في الوقت الحاضر". الخطوة القادمة للمشروع سوف تكون فلسطين، سوف أنتج كتابا مسموعا في العام الواحد لأن "البوتقة" فصلية تنتج 4 أعداد في العام، 12 قصة سوف يضمها كل كتاب مسموع، الحقيقة أن ليبيا وفلسطين اختياران توخيت فيهما العامل الجغرافي بالأساس، أي القرب من مصر، الوطن العربي كله بحاجة إلى كتب مسموعة، حتى دول الخليج الغنية، ولكني سوف أركز في المستقبل على ليبيا وفلسطين - إلى جانب النصوص - في موقع "البوتقة" ليسمعها أيضا المبصرون مجانا، ولكن الوصول للمكفوفين في حاجة إلى عمل على الأرض أكثر من الإنترنت، ولا أستطيع أن أنكر تعاون مؤسسة آريتي للفنون والثقافة في ليبيا - تحت رعاية الشاعر الليبي خالد مطاوع - سوف يساعد جدا في ضمان نجاح المشروع في الجانب الليبي. الموضوع مثير للاهتمام حقا سيما وأنه يمكن أن يشكل مشروعا ناجحا لإنتاج مادة أدبية للمكفوفين كما تقول السيدة الناشرة لا أمام المؤسسات الحكومية فحسب، وإنما أمام المؤسسات ودور النشر الخاصة التي من الواجب عليها أن تتخذ الخطوات اللازمة لإتاحة كل - أو حتى بعض - منشوراتها في أقراص رقمية، الكتب المسموعة في أوربا وأمريكا تصدر بالتزامن مع المنشورات الورقية، وليس الحق في وجودها مدعاة تساؤل، لا أحد يتساءل هل ننتج كتبا مسموعة أم لا؟ إنها حق للكفيف وواجب على دور النشر، فهي حتى لو كانت ساعية إلى الربح فقط بمقدورها أن تنتج الكتب المسموعة على أن يتولى شراءها آخرون من أفراد وهيئات، المهم أن تكون الكتب موجودة بالفعل. دار نشر "البوتقة" وهي تقوم بهذا العمل المهم فإننا نتطلع إلى كافة الهيئات والمؤسسات الثقافية في أنحاء الوطن العربي للوقوف إلى جانبها ودعمها خدمة لشريحة كبيرة من مجتمعنا فقدت البصر ولم تفقد البصيرة، فهي بحاجة إلى هذا الزاد المعرفي الذي قال عنه يوما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين: "التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن"، وهذا جزء منه، أفلا يجب أن نحقق مقولته ولو بنسبة معقولة لصالح هذه الشريحة قبل أن يكون الجهل عاما كالحريق لا ينفع معه التقطير كما قالها العميد.