الجزائر.. إمكانات هائلة لضمان توفير المياه لجميع المواطنين    دور جزائري هام في ترقية الأمن الغذائي بإفريقيا    عنابة- قالمة- عنابة..مرحلة حاسمة لتحديد صاحب القميص الأصفر    وزارة الاتصال تعلن 2 جوان آخر أجل لإيداع الملفات    التوقيع على اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو    قالت التي حققها قطاع التعليم العالي خلال السنوات الأخيرة: تنظيمات طلابية تشيد بالنقلة النوعية للجامعة قاطرة للتنمية    مانشستر سيتي يتوّج باللّقب للموسم الرابع على التوالي    اسكندر جميل عثماني في سباق 100م (ت13) باليابان    حجز 25 ألف قرصا مهلوسا وتوقيف مسبوقا قضائيا    نحو إصدار مؤلف جديد يجمع موروث سكان "الوريدة"    في المنتدى العالمي 10 للماء ببالي الاندونيسية،دربال: الجزائر سخرت إمكانيات هائلة لمواجهة شح المياه    مخطط عملياتي..طائرات «درون» ومروحيات لصائفة بلا نيران    الرئيس تبون يعزي الشعب الإيراني في وفاة الرئيس رئيسي    الجيش الصحراوي مستمر في كفاحه البطولي حتى دحر الغزاة    حُجّاجنا الميامين.. كونوا خير سفراء لوطنكم    رقمنة و تكنولوجيات الإعلام و الإتصال: الطبعة الثانية لصالون "كونستانتيك" قريبا بقسنطينة    تحت شعار معلومة دقيقة تنمية مستدامة : انطلاق القافلة المكلفة بعملية الإحصاء العام للفلاحة بقسنطينة    المحافظة على الهوية والموروث الثقافي الجزائري    ''كيالة مياه الفقارات''..حرفة عريقة تأبى الاندثار    إقبال طلّابي كبير على المقاولاتية وريادة الأعمال    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    برنامج الأغذية العالمي يؤكد الحاجة إلى دخول "آمن ومستدام" للمساعدات إلى غزة    الولادة خلف القضبان تخوف يلاحق الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الصهيوني    عطاف يستقبل مبعوث ماكرون    براهيمي مرشّح لجائزة الأفضل    سكك حديدية: إطلاق برنامج لربط 16 صومعة لتخزين الحبوب قريبا    مجلس الأمن: بطلب من الجزائر وروسيا والصين أعضاء المجلس يقفون دقيقة صمت ترحما على أرواح الرئيس الإيراني ومرافقيه    عين عبيد في قسنطينة : مديرو الابتدائيات يلوحون بوقفة احتجاجية للمطالبة بالسكنات الالزامية    وزير الصحة يشرف على إفتتاح ورشة حول الأمراض النادرة في الجزائر    قسنطينة : تنظيم يوم دراسي علمي تحت شعار "نحو تقديم أحسن خدمة للمريض"    زيتوني: مشروع "فينكس بيوتيك" سيشرع في تسويق منتجاته الصيدلانية في غضون 18 شهرا    جهود لتثمين الموقع الأثري لرجل تيغنيف القديم    جامعة الجزائر 1 تنظم احتفالية    الطالب.. بين تضحيات الماضي ورهانات المستقبل    الجزائر تواصل الضّغط على مجلس الأمن    عرقاب في زيارة عمل إلى الكونغو لبحث توسيع آفاق التعاون الطاقوي    تعرّضت لحملة حقد وكراهية لا تطاق بفرنسا    عطّاف: إفريقيا تمرّ بمنعطف حاسم    تفعيل تواجد الجزائر في منظمة الأمن والتعاون بأوروبا    مرافقة الطلبة في إنشاء مؤسّساتهم ومشاريعهم الابتكارية    هيئة إفتاء مصغرة لمرافقة الحجاج إلى البقاع المقدسة    ربط سكيكدة بالطريق السيار "شرق-غرب" مشروع مستعجل    قوات الاحتلال تحاصر مستشفى "العودة" شمال غزة    بحث فرص رفع المبادلات المقدرة ب700 مليون دولار سنويا    صور بهية ومتنوعة عن "ميموزا الجزائر"    إبراز دور الشيخ الإبراهيمي في الثورة التحريرية    دورة تكوينية لفائدة مسيري الجمعيات واعضائها ببسكرة    محرز "الغاضب" يردّ على شائعات خلافاته مع مدرب الأهلي    كلوب بروج وأندرلخت البلجيكيَين يتنافسان لضم قادري    أندية إنجليزية تراقب اللاعب الواعد مازة    اللباس الفلسطيني.. قصة مقاومة يحاول المحتل طمسها    حجز آلاتي حفر بعين الذهب والنعيمة    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظبية تؤنسُ وحشةَ الغريب
نشر في الجزائر نيوز يوم 02 - 05 - 2014


إلى نورة ب (1)...
من أين تعودين إليّ؟ وقلبي الذي انكمش عند باب عمرك لم يزل يمضغ خبز الأسى على قارعة الزمن... وفي صمت جنائزي يضع رأسه على كفّه يتوسد الحزن وحيدا زاده البكاء المدوّخ والجوع الثمل فيك... يستمطر مغفرة ما منحتها له... وما وهبتها له السماء...
أيتها الفاتنة المتجبّرة...
إني أراك، في خيالي المتعب، المظنى، ظبية تراقص الأوراق البيض، تبسم لي بمكر طفولي وتقول: "إني أعرفك، إني أفهمك، ولكني لا أبالي بك، ولا بحزنك".
وإني أراك... في إشراقة صبح حلو، وإغفاءة حمام أبيض... أراك... في ابتسام طفل صغير، وفي ارتعاش أيادي العاشقين، تقولين ولو كذبا: "أنا لك أيا ياسين".
يقولون أنّ السليماني مسيحي الهوى، رأوني أقرب نبيذ المذبح ذات نكسة، وفي مقام الرب هناك غسلتني الملائكة وألبستني إكليل النعم. قلت نعم، ليس لي إلاّ قلب واحد وقلبي فداء حبيبي.
أيا شهرزاد اللغة... أخبريني إن كنت تعرفين لمأزقي مخرجا... كيف لي في الأربعين أعيش يتما... وأن تكون أقصى أمانيّ أن يهبني الرب صدرا لخمس دقائق، لخمس دقائق فقط... أنتحب عليه بدموع الدنيا جميعها ثم أدعه ينطفئ... علميني كيف أعاشر الحزن في بيتي؟ كيف أرى صورتك في قلبي فلا أبتئس... كيف أقرأ نشيد حبك فلا ينداح الجرح من مسام جلدي؟ فقلبي الذي توضأ بماء فجرك لم يزل سامريا تلاحقه لعنة الرب... وفي معبدك السامق قدم دمه قربانا إليك فما سامحته ولا غفرت له خطيئته التي لم يرتكب... أخبريني كيف صار قلبي يهوديا تائها ظل يبحث عن وطن فلا يلقى إلا الشتات؟
عصفور الكلمات انقصف جناحاه فما عاد ينقر حب اللغة على كتفك الشامخ كما النخيل، وشجر المعنى تهاوت أوراقه فما عاد يظل وحشة الغريب إذا أنهكه العطش إلى بحر عينيك.
يا امرأة من سراب الكلمات، عانقيني كما تعانق مآذن المساجد أبراج السماء، وكما عانق يسوع صليبه ففاضت حكمته، لكن إن سألتك خبزا فلا تلقميني حجرا، ولا حيّة إن طلبت من عمق لؤلؤتيك سمكة. فإني انخدعت حين ظننت أن النساء الجميلات لا تقوى قلوبهن على القتل والتنكيل بالقتيل.
أيا امرأة القتل الجميل... على جرحي تسيرين... تنصبين خيمتك... ترسلين قناصتك... تصطادين... ولحظك الماكر الذي ما كفّ عن مجونه... يتهيّأ لينازلني... أقول: مهلا يا ابن الأكرمين... متى كان للعبد أن ينازل مليكه... الطاعة لك... فخذ قلبي المتهافت المسكين، بضاعة مزجاة وقل: هيّئي لنفسك حفلة شواء... ولا ترأفي لفؤادي فإنّ دماء الحياة قد ودعته... وأمام قبره أرقصي رقصة هندية... وعودي إلى قصرك، عند مغيب اليوم، وأوصدي شبّاك العقل والقلب عن أيّ حرف يربط باسم ياسين. فإن خطر لك خاطر فيه، فلا تنسي أن تقرئي المعوذتين وتلعني الشيطان الرجيم.
أيا امرأة الأبجديات كلها، واقف أنا أمام بابي الحزين... أقاسي جرحا أقسى من كل جرح، وحزنا أفدح من شجر البوح، فدعي لغيري ذاك الملح، يكفي أن تراك العيون يوما بدوني ليحلّق الحزن فوق الغيوم وبين النجوم.
أين أنت؟ أيا إيزيس حياتي المنكسرة... أين رحلة عبر النهر بحثا عن حبيبٍ؟ وأين الجسد المبعثر الذي قيل لي أنّك ستجمعين؟
أين أنت، عماء اللغة يفضحني، يقول أنّ الرجال لا يبكون...وأنّ الدمع رغم التذكير أنثى، وعيب أن ينفرط عقده في غير حجر أنثى. أقول: إنّ الدمع يغسل زجاج نافذتك فلا تفتحي، حتى لا تهزّك زوابعي وعواصفي ، ولكن، قفي أمامها، واطلعي إلى غيوم القلب ورعوده وبروقه، ثم عودي بجانب المدفأة واقرئي كتابا مسليا، وتمني في سرك لقلبك أحلاما هانئة، وتمني في جهرك لقلبي شتاءات لا تنقضي.
فأنت هناك، تبتعدين بقدر ما تقتربين، وحبّك المدهش يعاندني، يشاكسني، يحاربني، يسالمني، يهادنني، يساكنني، يحيي عظامي من رميم القدر.
في ليالي الآرقة... تزورينني أنت يا جارة الحزن... أيتها الخالدة كإلهة بابلية... تنبشين في دفاتر الحزن المتكوّمة... تفتحين جراحي باحتراف مجرم... تندلق أسئلتي المرهقة من أيام البدايات الغالية وبنزق طفل صغير... تدفعني أسأل: أين جدائلك الطويلة التي كانت تظفرها لك الماما؟ والمشبك الذهبي في شعرك الليلي؟ وفراشات نسابقها فتسبقنا في حقل الياسمين... أين منزل جدي الحزين، أين أرض كانت تسعنا؟ لماذا ضاقت عن حبنا الصغير؟ عن حلم تبرعم حزنا... أين القمر الذي اتفقنا أن ننظر إليه كلما تركت يدي ودخلت غرفتك الصغيرة، ها أنا أنظر إليه، وأسلم عليك عبره، فمتى تسلمين؟
أين مقلمتك الجميلة؟ وألوانك الزاهية فيها، الوردية والبنفسجية؟ والحمراء والخضراء؟ أين كراستك التي كنت فيها تخربشين، تكتبين: ياسين لي وأنا لياسين، هل تذكرين؟ من كان يقف عند الباب ينتظر متى تخرجين؟ من كان يعطيك شكولاطة وتفاحة وزهرة ياسمين؟ ويجلس إلى جنبك بعيون الحنين؟ ما اسمه؟ ما عنوانه؟ أم تغرّبت الخرائط والطرق كما غرّبتنا الأيام والسنين؟
لا زلت عند وعدي أيتها الظبية التي تؤنس وحشتي الكئيبة، في كل ليلة أكتب قصيدة حب لعينيك الجميلتين، وفي كلّ ليلة....في كل ليلة أسمع فيروز تغني "أنا عندي حنين" وابتهالات أم كلثوم في سيرة الحب.في كل ليلة أرتب محفظتك الصغيرة، وأقوّي قلبي الهزيل بذاكرة عطرك... وأقترب منك رغم البعد...وعلى رؤوس أصابعي أقتنص لحظة ملائكية... أتلمس شعرك الليلي الطويل كالسراب... ثم أقبلك بين عينيك، وأقول لك أني أحبك، وأعرف أنك تسمعين.
فماذا لو عادت الأيام الماضية؟ أكنت أتركك من يدي تفلتين؟ اسمعي ما كنت سأفعله معك... أخطك وشما في حدقة العين، وشريانا في القلب، أجعلك ناري المقدسة التي لا تنطفئ، ونهرا تُرسّم فيه معموديتي، أنشدك ترانيم لصلاتي الليلية، وماء لنخيلي المتطاول.
ولو رأيت الرب ذات يوم، فلن أسأله دخول الجنة، ولا شربة من الكوثر، ولكن سأسأله أن يعطيني يدين لأمسك بيدي حبيبتي، وعينين وأذنين، وسأكون جشعا فأطلب منه أن يبارك حبنا، وأن يقسم على نفسه أن يبقينا معا خالدين، عندها، عندها فقط، كلما سمعت صلوات المساجد والكنائس أقول: آمين. أقول آمين.
(1) نورة ب، زميلتي التي تربينا أنا وهي معا، ودرسنا في الفصل نفسه طوال خمس سنوات، وكنّا نتبادل المرتبة الأولى والثانية وكانت المعلمة تمتدح فينا تلك المنافسة الشرسة أحيانا والرقيقة غالبا، وحين كنت أعود إلى المنزل كنت أؤكد للماما أن هذه البنت ستكون زوجتي في المستقبل... غير أننا افترقنا نهائيا بعد تغيير أسرتي للمنزل وتحويلي لمدرسة في الجهة الشرقية للمدينة... بعد كل هذه السنوات أعترف أنني أحببتها حقا... سقى الإله تلك الأيام العامرة التي لم تزل تجعل القلب رطبا بذكر الحب).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.