أجمع المتتبعون لمسيرة المنتخب الوطني، في كأس أمم إفريقيا التي اختتمت أول أمس بأنغولا، أن ''الخضر'' أحرزوا إنجازا بوصولهم إلى نصف النهائي، وهو الدور الذي لم نصل إليه منذ 20 سنة· لكن في المقابل ''كان'' أنغولا كشفت عن عدة نقائص في المنتخب· بالرغم من أن سعدان يملك لاعبين وصفتهم حتى الصحافة الأجنبية بالنجوم، إلا أن الأداء المتذبذب، ربطه بعض المختصين بعدم تكيف الخطة التكتيكية مع معطيات اللقاء، إلى جانب عدم معالجة الأمور في وقتها اللازم· هذا، بالإضافة إلى عدم إيجاد الطاقم الفني حلا للعقم الهجومي الذي تأكد أكثر في أنغولا· دراسة المنتخبات تمت، لكن الصعوبة بقيت فوق الميدان بالعودة إلى تحضير المنتخب قبل اللقاءات الستة التي أداها ''الخضر''، فقد خصص الطاقم الفني الوطني قبل كل مباراة حصصا تكتيكية للتطرق إلى نقاط ضعف وقوة المنتخبات المنافسة، ومنها إعداد الخطة اللازمة، التي من خلالها يمكن للاعبين القيام بمهامهم على أحسن وجه، وفي نفس الوقت كبح تحركات لاعبي الخصم والحد من مردودهم، وهذا ما لم يتحقق في عدة لقاءات بداية بمباراة مالاوي التي انهزمنا فيها بثلاثية، ولم يجد فيها لاعبونا الحيز اللازم لإبراز لعبهم، حيث تمكنت عناصر مالاوي من فرض حصار على أبرز العناصر في قيادة الهجمات وفي مقدمتها مطمور· وفي اللقاء الثاني أمام مالي تم تدارك هذا الجانب، حيث بدت العناصر الوطنية أكثر تحركا، وتمكنت من تحقيق الفوز ولو بهدف يتيم· وإن كانت الأمور سارت كما نشتهي في مباراة كوت ديفوار، الذي بلغ فيه عطاء اللاعبين ذروته، مقدمين بذلك أروع مباراة في الدورة، فإن الأمور لم تكن كذلك أمام منتخب مصر في الدور نصف النهائي، حيث ورغم معرفتنا الجيدة للمنتخب المصري، بحكم اللقاءات التي واجهناه فيها من قبل، إلا أننا لم نبادر منذ بداية اللقاء، عكس المصريين الذين رأوا نقطة الضعف في منتخبنا، على الجهة اليسرى، ومن ثم وظف المحمدي الذي صال وجال في هذا الرواق دون مشكل، ولم يتدخل الطاقم الفني حينها، من خلال تغييرات تكتيكية للحد من خطورة اللاعب· بالإضافة لذلك، فإن الكثير من المتتبعين رأوا أن الطاقم الفني الوطني، وبعد إخراج حليش بالبطاقة الحمراء، لم يجر التغيير اللازم لحظتها، وجاء متأخر جدا· دكة الاحتياط تطرح أكثر من تساؤل·· ومن بين الأمور الملاحظة خلال مباريات المنتخب، أن دكة الاحتياط لحد الآن لا تشكل نقطة قوة للمنتخب الوطني، فما عدا الأمور الاعتيادية، المتمثلة في تعويض لاعب بلاعب عند التعب، لا تحوي دكة احتياط ''الخضر'' لاعبين قادرين على قلب الموازين، أو الاعتماد عليهم في تغيير النتيجة، حيث تمكن بوعزة في مرة واحدة، من حسم الأمور أمام كوت ديفوار، ليظهر بعدها اللاعب بمستوى متواضع في المباراة الأخيرة أمام نيجيريا· هل يجب تدعيم العارضة الفنية قبل مواجهة كابيلو؟ الحديث عن المدرب سعدان يقودنا حتما للإنجازات التي حققها ''رجل المطافئ''، الذي تمكن من وضع ''الخضر'' في المونديال بعد 24 سنة من الغياب، والتأهل إلى كأس أمم إفريقيا بعد غياب دام نسختين، وقد واجه سعدان مؤخرا مدربين في المستوى من بينهم مدرب مالي، ومدرب كوت ديفوار، ومدرب المنتخب المصري شحاتة الذي قاد، أول أمس، منتخبه إلى إحراز الكأس السابعة لمصر· ورغم أن الجميع يثمن الإنجازات التي قام بها سعدان، إلا أن هناك من يرى ضرورة تدعيم العارضة الفنية بتقنيين في المستوى، بإمكانهم تقديم الإضافة اللازمة للمنتخب الذي عانى في الكثير من المباريات من الجانب التكتيكي، خاصة وأننا مقبلون على المونديال، الذي سنواجه فيه منتخبات قوية، تملك مدربين نجوم، على غرار المدرب الإيطالي للمنتخب الإنجليزي كابيلو· جمال مناد (مدرب شبيبة بجاية): كيناه وشحاتة تفوقا على سعدان تكتيكيا ''المباراة التي دخلناها أمام مالاوي أظهرت نقصا تكتيكيا ولم تكن في محلها، حيث ظهرت ناقصة مقارنة بما أبان عليه المنافس، فرغم تحجج مسؤولي ''الخضر'' بالعوامل المناخية التي لم تساعد ''الخضر'' لكنها كانت نفسها على لاعبي مالاوي وتأثروا بها· سعدان لم يدرس خطة لعب المنافس كما يجب، ولم يكن ذكيا في أخذه بنقاط ضعف وقوة مالاوي، وعلى الأرجح فقد أثرت بداية الدورة على مسؤولي الطاقم الفني الوطني الذين لم يكونوا قد درسوا جيدا خطة لعبهم، لم ننجح أيضا في استغلال التخوف الذي دخل به لاعبو مالاوي من منتخبنا، وعوض أن يساعدنا ذلك العامل، فقد انقلب ضدنا حيث نجح مدرب ذلك المنتخب في الإحاطة بجميع ما يتعلق بالخضر، وطالب من لاعبيه الضغط على الفريق الوطني، وهو ما ساهم في انهزامنا بتلك النتيجة· ورغم ما حدث لنا أمام مالاوي، غير أن الدروس لم تستخلص، حيث ورغم تحسن الأداء في بقية لقاءات الدور الأول وربع النهائي، غير أن الخطأ تكرر مرة أخرى أمام مصر· صحيح، أن تحيز الحكم للمصريين كان فاضحا، لكنه ليس المبرر للهزيمة بتلك النتيجة العريضة، حيث ارتكبت عناصر التشكيلة الوطنية أخطاء التمركز داخل منطقة الخصم ومراقبة الكرة· شحاتة كان ذكيا عندما عرف كيف يغلق اللعب علينا في الرواق الأيمن، لأنه تفطن لقوتنا على ذلك الخط وهو ما لم يتفطن له سعدان الذي كان مطالبا حينها بالبحث عن الحلول وتحويل مناصب اللاعبين على أرضية الميدان خاصة عنتر يحيى وبلحاج حتى يساهم في كسر لعب المصريين''· مهدي سرباح (حارس المنتخب الوطني سابقا): سعدان لم يستغل جميع الأوراق التي كان يملكها ''وصولنا للنصف النهائي كان نتيجة إيجابية، لكن المنتخب الوطني كان قادرا على الذهاب إلى أبعد من ذلك، حيث كانت نقائص تشوب الفريق في طريقة لعبه والذهنية التي يدخل بها اللاعبون إلى أرضية الميدان، والتي تحتاج إلى مراجعة· المدرب الوطني لم يفشل تكتيكيا، لكنه لم ينجح في استعمال كافة الأوراق التي كانت بين أيديه، حيث أقصى لاعبين من المشاركة رغم أنهم كانوا قادرين على منح الإضافة التي يحتاجها الفريق خاصة على مستوى الهجوم، حيث وقفنا على نقص كان يجب تصحيحه عن طريق مدّ الفرصة لمهاجمين كانوا على دكة الاحتياط ولم يأخذوا فرصتهم، فلاعب مثل زياية لديه كافة الإمكانيات لقلب الموازين في أي وقت من المباراة، لكن سعدان لم يستغل تلك الورقة، أي لاعب لا يمكنه تقديم الإضافة المرجوة إذا لم يكن له الوقت الكافي للعب، فربع ساعة لا تكفي بل يجب أن يكون الدخول خلال شوط كامل على الأقل· البحث عن تدعيم اللاعبين يجب أن يكون من البطولة الوطنية التي تملك لاعبين يستحقون حمل الألوان الوطنية ومنحهم الفرصة ليبرهنوا على قدراتهم، فلا أعتقد أن البدائل لتحضير ''الخضر'' للمونديال ستكون بجلب لاعبين من البطولات الأوروبية، باعتبار أن ''الخضر'' يملكون في صفوف التشكيلة الوطنية أحسن اللاعبين الناشطين بتلك الأندية، وبالتالي لا فائدة من جلب لاعب من هناك يملك نفس إمكانيات اللاعب المحلي''·