مديرية الصحة بالجلفة تشهد معظم العيادات الطبية الخاصة بالجلفة عبثية في التسيير و تسابقا في جمع الأموال على حساب نوعية العلاج و المتابعة الجدية للمريض الذي يضطر لانفاق أموال طائلة متنقلا بين العيادات و المصحات الطبية الخاصة بحثا عن التشخيص الصحيح الذي يريحه و يحفظ له صحته. و متابعة لتحقيقها الميداني حول الموضوع، رصدت جريدة "الجلفة انفو" الإلكترونية التالي: أخطاء طبية بالجملة و المرضى بدون ملفات متابعة في كثير من الأحيان يجد المريض نفسه يتناول أدوية لا تناسبه و لا تشفيه، فيضطر الى الذهاب الى طبيب آخر والذي بدوره ينتقد الطبيب الأول، ثم يعالج الخطأ بخطأ آخر فيزيد في معاناة المريض الذي يظل متنقلا من عيادة لأخرى في حيرة من أمره… وكمثال على ذلك حالة السيد "ر.ع" الذي أخبرنا أن ابنه راح ضحية إعاقة غيرت مجرى حياته، بسبب طبيب الأطفال الذي لم يشخص حالته كما ينبغي و اكتفى بوصف أدوية مسكنة للحمى، حيث أن هذا الأخير لم يبحث و لم يحلل أسباب المرض و خلفياته بشكل كاف و سليم الى أن حصلت الاعاقة الدائمة للطفل. و حالة أخرى لمريضة أجرى لها طبيب عملية جراحية من أجل ازالة ورم من المفروض أنه لا ينبغي ازالته يدويا بل كيميائيا فزادت حالتها تدهورا، و لحسن الحظ أنقذها طبيب آخر بصعوبة بعدما تنقلت اليه في ولاية مجاورة قبل فوات الأوان... و هنا تتعدد الأمثلة و يطول ذكرها حيث أن البحث و السؤال عن الطبيب الجيد أصبح عادة شائعة لدى المواطنين بسبب ما يتعرضون له من أخطار و متاعب. و لعل من بين أسباب التشخيص أو العلاج الخاطئ هو عدم اطلاع الطبيب على المستجدات في مجال الطب من حيث الأمراض و الأدوية و التقنيات المتجددة... بسبب قلة أو انعدام الرسكلة و التربصات، فهو مشغول بتحطيم الأرقام القياسية في عدد المرضى و الأموال على مر الأيام، حيث يخبرنا أحد الصيادلة أن ما أثار دهشته هو أن طبيبا قدم نفس الوصفة لعدد كبير من المرضى، كما أخبرنا عن بعض الأطباء الذين يقومون بوصف أدوية أصبحت غير موجودة، و أخرى لا يعلم بعض الأطباء بتوفرها بسبب عدم تحديث المعلومات الطبية... ومن ناحية أخرى، مكوث الطبيب بالعيادة الى وقت متأخر من المساء ليفحص كل تلك الأعداد الهائلة من المرضى يزيد في استعجاله و ارهاقه و قلة تركيزه فيدفع المريض الثمن غاليا من صحته. هذا، اضافة الى مشكل التخصص الطبي الذي لا يتم مراعاته من طرف الأطباء الذين لا يوجهون المريض الى الطبيب صاحب الاختصاص المناسب للحالة اذا وجدوا أنها خارج اختصاصهم، فهم "يفتون" المريض في كل الحالات و مهما كان نوع المرض، فالمريض هنا هو من يختار نوع العيادة الخاصة التي يذهب اليها. لكن، كيف له معرفة التخصص المناسب لحالته؟؟ ! ! و في خضم هاته الفوضى و العشوائية، فان الأغلبية الساحقة ان لم نقل جميع العيادات لا تضع سجلات أو ملفات لمتابعة المريض كما يجب أن يكون من أجل معرفة تطورات حالته الصحية السابقة والحالية و نوعية العلاجات التي يتلقاها من أجل المتابعة الجيدة و العلاج الفعال لتفادي "خلطات الأدوية التجريبية"... أطباء يوجهون المرضى اجباريا يقوم الكثير من الأطباء العاملين بالمستشفيات العمومية بتوجيه المرضى بالضغط على المقبلين منهم على عمليات جراحية داخل المستشفى -بشكل مجاني- الى عيادات و مصحات خاصة تفرض عليهم دفع مبالغ معتبرة، إضافة إلى إرغام بعض المرضى على اقتناء الدواء من عيادة الطبيب المعالج، أو توجيه المريض الى صيدلية معينة، أو اشتراط اجراء التحاليل أو الفحص بالأشعة عند مخبر معين، حيث يرفض الطبيب التعامل مع غير من أوصى به... أطباء ينشطون بطريقة غير شرعية من بين الأمور الخطيرة التي أصبحت معروفة بالجلفة هو النشاط غير الشرعي لبعض الأطباء غير المرخص لهم، حيث ينشط بعضهم في الحجرات الخلفية للصيدليات و منهم من أصبح معروفا كبديل للاستعجالات الطبية حيث يقدم في غالب الأحيان حقناٌ مسكنة للجميع و دون فحص، والأخطر من ذلك هو نشاط بعض القابلات في بعض العيادات على أساس أنهن طبيبات مختصات في أمراض النساء حيث يقمن بكتابة الوصفة و ختمها باسم الطبيب صاحب الاعتماد. و هنا نذكر أيضا التزوير في الوصفات و التقارير الطبية من أجل التحايل على الادارات لصالح الموظفين، أو التحايل على مصالح الضمان الاجتماعي... أسعار عشوائية متصاعدة رغم كل تلك الخدمات المتردية و المعاناة التي يعيشها المرضى بسبب تلك العيادات الا أن هؤلاء الأطباء يفرضون أسعارهم المرتفعة بل و يزيدونها في كل مرة و بالمقدار الذي يشاؤون بدون حسيب ولا رقيب و لا ضمير مهني أو أخلاقي، حيث يبدأ سعر الزيارة من 500 دج الى 1000 دج و يصل عند بعض الأطباء الأخصائيين الى 2000 دج. و في نفس الجلسة العلاجية يكون الفحص بالأشعة الذي يبدأ سعره من 1000 دج و قد يصل الى 5000 دج أو أكثر في حالة الفحص بالمنظار...اضافة الى بعض الخدمات الأخرى التي يتم تسعيرها جزافا. مصحات خاصة بأسعار خيالية يضطر الكثير من المرضى الى العلاج في المصحات الخاصة التي تقدم خدمات لا بأس بها لكن بأسعار باهظة جدا، فمجرد الفحص العادي يكون سعره ب 2000 دج أو أكثر، و يصل سعر الولادة العادية الى أكثر من 2 مليون سنتيم، و عمليات الإجهاض بأكثر من 4 ملايين سنتيم، و العمليات القيصرية بأكثر من 5 ملايين سنتيم... ! أما الأسعار بالنسبة للعمليات الجراحية فهي مرتفعة جدا و متفاوتة حسب الحالة، و كمثال على ذلك حالة المريض الذي أخبرنا بأن ازالة ورم سطحي بعملية لم تتطلب سوى ربع ساعة من الوقت كلفته أكثر من 4 ملايين سنتيم ليمر الطبيب إلى مرضى آخرين و يجري عمليات جراحية لمرضى آخرين الواحد تلو الآخر و كأنه في "مسلخ"!! اضافة الى تكاليف الفحوص بالأشعة و التحاليل و الحقن التي تتبع العلاج، و الأكثر من ذلك أسعار المبيت داخل المصحة التي تبلغ 5000 دج للمريض و 2500 دج للمرافق له، أي ما قيمته 7500 دج في الليلة الواحدة فقط ! و ضخامة هذا المبلغ لا تعكس فخامة المرقد و المأكل و المعاملة حسب ما حدثنا به بعض من اضطروا لدفع تلك التكاليف، حيث أن ضحايا ذلك الاستغلال المادي الفاحش يدفعون ثمن حصص التشخيص و العلاج و التحاليل و الجراحة اضافة الى المبيت لأيام، فيدخل المواطن محدود الدخل في دوامة ديون تضاف أثقالها الى أثقال المرض الذي يعاني منه، أما الفقير فلا أمل له في العلاج الجيد... عمال بدون مؤهلات و بلا حقوق و من ناحية أخرى، فالعيادات فتقوم بالتوظيف بشكل عشوائي غالبا وبدون مؤهلات ف"مساعدة الطبيب" مثلا نجدها متعددة الخدمات، فعادة ما تقوم بالاستقبال و تدوين قائمة المرضى و تقوم كذلك بمساعدة الطبيب و وضع الحقن للمرضى اضافة الى استلام النقود....كل ذلك بدون تكوين في الاستقبال أو في التمريض أو في النظافة و التعقيم الطبي... و الشيء العجيب هو الأجرة الزهيدة التي يتقاضاها أولئك العمال الذين يكون بعضهم في اطار عقود ما قبل التشغيل أو الادماج المهني و أغلبهم لا يتم تأمينه و لا يتلقى أية منح على طبيعة العمل مثل أخطار العدوى و غيرها، حيث أسر لنا أحدهم أنه في مصحة طبية تتقاضى عاملات النظافة 6000 دج فقط للشهر! و رغم ذلك فهن غير مؤمنات اجتماعيا بل و تعطى لهن توصيات بأنه في حالة دخول لجنة تفتيش الضمان الاجتماعي فما عليهن سوى التظاهر بأنهن من أقارب المرضى. أما بالنسبة للتصريح لدى مصالح الضرائب بأعداد المرضى و الأرباح فلا يوجد هناك ضمانات على تلك الأرقام لأنه ببساطة لا توجد سجلات حقيقية، و الشاهد هو الأوراق المنفردة التي تحملها مساعدة الطبيب و تدون فيها قوائم المرضى، و كذلك الوصفات الطبية غير المرقمة و كذا عدم وجود أية قيود أو سجلات منظمة. مواطنون يضطرون للعلاج في مدن أخرى و هربا من تلك العبثية، يضطر العديد من المرضى الى تكبد عناء السفر الى ولايات أخرى توفر لهم خدمات لائقة و محترمة هربا من تلك العيادات التي تمتهن كرامتهم و تسلخ جيوبهم و تخاطر بصحتهم، لكن أين يفر المرضى الضعفاء ماديا و هم لا يتحملون مشقة السفر و العلاج بعيدا عن مدينتهم و أهلهم!؟؟ في انتظار قانون الصحة الجديد من المنتظر صدور قانون للصحة جديد يحمل في طياته موادا تتعلق بتنظيم العيادات و المصحات الخاصة لأول مرة خلفا لقانون 1985 الذي لم يعد مواكبا للتغيرات الحاصلة في مجال الصحة، سيعرض على الحكومة لمناقشته ومن ثم على البرلمان للمصادقة عليه في الدورة الخريفية القادمة حسب ما صرح به الوزير لوسائل اعلام منذ أيام، حيث سيهتم بالقطاع الخاص كالتصريح بالعيادات الخاصة و الأخطاء الطبية و غيرها...فيا ترى هل ستطبق قوانينه بالشكل الذي تطبق به القوانين الحالية؟؟ رقابة غائبة و ضمير ميت الملاحظ لكل تلك الوضعية السيئة التي أصبحت سائدة، يتساءل هل هناك فعلا سلطة ادارية ممثلة في "مديرية الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات" أو منتخبة أو جمعوية تراقب تلك "الدكاكين" التي تسمى عبثا بال"عيادات طبية"، التي يسيرها أطباء الكثير منهم بلا ضمير أخلاقي ولا مهني، هدفهم الأكبر هو تسجيل أرقام قياسية في عدد المرضى و تحصيل المبالغ المالية دون مراعاة الجانب الانساني و الرسالة النبيلة لمهنة الطب التي أقسم ممتهنوها بأن "يصونوا كرامة المرضى" و "ألا يستغلوا حاجتهم" و أن "يراقبوا الله في مهنتهم"...؟؟؟ تحقيق. العيادات الطبية الخاصة بالجلفة تتحول إلى كابوس حقيقي (الجزء الأول)