وزير المجاهدين العيد ربيقة يشارك في تنصيب القائد الأعلى للجيش و القائد العام للشرطة بنيكاراغوا    بوغالي يستقبل بالقاهرة من قبل رئيس البرلمان العربي    هلاك 4 أشخاص وإصابة 228 آخرين في حوادث المرور خلال 24 ساعة    أمطار رعدية على العديد من ولايات الوطن    جائزة "الرائد سي لخضر" تحتضن توأمة تاريخية بين الزبربر وسي مصطفى    المغرب : انتقادات تلاحق الحكومة وتضعها في قفص الاتهام بسبب فشلها في تحقيق العدالة الاجتماعية    القضاء على إرهابي خطير بالمدية    تكييف عروض التكوين مع احتياجات سوق الشغل    عراقيل تعترض استقرار إفريقيا وتنميتها تفرض التعامل بجدّية    لا مصلحة لنا في الاحتفاظ بالجثامين لدينا    بيتكوفيتش يحضّر لبوتسوانا والموزمبيق بأوراقه الرابحة    شباب بلوزداد يضيّع الصدارة في سطيف    تبادل البيانات بين القطاعات الوزارية بسرية وسلامة    منحة السفر الجديدة سارية بعد عيد الفطر    2025 سنة تسوية العقار الفلاحي بكل أنماطه    قرية حاسي مونير بتندوف... منطقة جذب سياحي بامتياز    الجزائر قوة ضاربة بإنجازاتها العملاقة    الانتهاء من ترميم القصبة بحلول 2026    توالي ردود الفعل المنددة بطرد الاحتلال المغربي لوفد برلماني أوروبي من الاراضي الصحراوية المحتلة    عطاف يجري بجوهانسبرغ محادثات ثنائية مع عدد من نظرائه    تصدير أجبان مجمّع "جيبلي" إلى عدة دول قريبا    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    بوغالي بالقاهرة لترؤس أشغال المؤتمر ال7 للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية    الدورة الافريقية المفتوحة للجيدو: سيطرة المنتخب الوطني للأواسط في اليوم الأول من المنافسة    أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة    شركة جازي تفتتح فضاء جديدا خاصا بالحلول التكنولوجية بالدار البيضاء بالجزائر العاصمة    وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية يترأس بسطيف لقاء مع مسؤولي القطاع    تنظيم الطبعة ال21 لنهائي سباق سعاة البريد في اطار احياء اليوم الوطني للشهيد    ترسيم مهرجان "إيمدغاسن" السينمائي الدولي بباتنة بموجب قرار وزاري    سفارة أذربيجان بالجزائر تستعرض مجموعة من الإصدارات الجديدة في لقاء ثقافي    ياسين وليد: ضرورة تكييف عروض التكوين مع متطلبات سوق العمل لكل ولاية    بوغالي يستقبل رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي بالجزائر    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد يسقط في سطيف (1-0) و يهدر فرصة تولي صدارة الترتيب    تدشين مصنع تحلية مياه البحر بوهران: الجزائر الجديدة التي ترفع التحديات في وقت قياسي    الأغواط : سايحي يضع حيز الخدمة مركز مكافحة السرطان بطاقة 140 سريرا    جائزة سوناطراك الكبرى- 2025: فوز عزالدين لعقاب (مدار برو سيكيلنغ) وزميليه حمزة و رقيقي يكملان منصة التتويج    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    الشروع في تسويق طراز ثالث من السيارات    بن طالب.. قصة ملهمة    شرفة يعلن عن الشروع قريبا في استيراد أكثر من مليوني لقاح ضد الحمى القلاعية    بو الزرد: دخول منحة السفر الجديدة حيز التنفيذ قبل نهاية رمضان أو بعد العيد مباشرة    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي    مبارتان للخضر في مارس    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط    احتفالات بألوان التنمية    إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"    "حنين".. جديد فيصل بركات    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النّزلة الخضراء...أو "محضرة بُوقرّيّة القرميطيّة"
بموطن أولاد بُوشارب بطريق بحرارة
نشر في الجلفة إنفو يوم 13 - 12 - 2017

الحمد ربّ العالمين، القائل في مُحكم تنزيله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهَ لَحَافِظُونَ) الحِجْر / 09، و الحمد لله حمدًا يليق بقدر جلاله و عظيم سُلطانه، و الحمد لله كفاء حقّه، و الحمد لله الّذي أقام الحُجّة على جميع خلقه، و الحمد لله الّذي اصطفى مَنْ شاء من خلقه، و اجتبى من الأُمم بلطفه و هدايته، و الحمد لله الّذي هَدَانا لِدينه الإسلام، و خصّنا بمُحمّدٍ نبيّه الأمّيّ، و رسوله المكِّيّ، سيّد وَلَد آدم، الّذي جعله نذيرًا لِلنّاس بين يدي عذابٍ شديدٍ. (إِنْ هُو إِلَّا نَذِيرٌ لَكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) سبأ / 46. و الصّلاة و السّلام على سيّدنا و مولانا و قائدنا و حبيبنا و شفيعنا مُحمّدٍ، المبعوث إلى جميع الأنام، من مَلَكٍ و إنسٍ و جان، بشيرًا و نذيرًا، و سِراجًا مُنيرًا، و جعله لِلعالمين رحمة مُهداة و نعمة مُسداة، و أقام به الحُجّة، بِتبليغه الرِّسالة، و أدائه الأمانة، و تعليمه الشّريعة، و نُصحه للأمّة، حتّى فارقهم على المحجّة البيضاء، لا يزيغ عنها إلّا هالكٌ، فصلّى الله عليه و على آله و أصحابه و إخوانه و أتباعه، كُلّما ذكره الذّاكرون، و غَفل عن ذِكره الغافلون، و سلّم تسليمًا كثيرًا. و بعد :
مِن المحاضر الّتي كانت قارّة في وقت مضى، ثمّ انقطع خبرها، و اندرس أثرها، بموطن أولاد بُوشارب، من أولاد بُوعبد الله، الّذين ينحدرون مِن نَسْل أولاد سي محمّد (فتحًا)، من النّوايل الأشراف الحَسنيين، بين فجّ أولاد العقّون[1]شمالاً، و حُدود حوش النّواورة[2]و الرّواقيب[3]جنوبًا، بإقليم المحاقن[4]، بمنطقة الجلفة.. محضرة[5]بُوقرّيّة القرميطيّة[6]، عند عائلة قرميطيّ، الّتي يبعد مَوْضِعُها عن مقرّ الولاية بنحو 24 كلم، أو 25 كلم، بالجهة الشّرقيّة الشّماليّة لها. و قد عَمَرها الإخوة الأشقّاء القُرّاء قرميطيّ المقدّم، و أخواه عطيّة و المسعود[7]، بالإضافة إلى ابن عمِّهم الّذي يكبرهم سنًّا المصفى (مُصطفى). و هُم من حَفَظة القُرآن، الّذين يحفظونه حِفْظًا جيّدًا[8]. و كان المقدّم و أخوه عطيّة قد انتسبا إلى زاوية الهامل زمنًا، و تلقيا فيها القُرآن و بعضًا من الفقه و الفرائض و التّفسير و اللُّغة، و غيرها. و أمّا المسعود فقد درس على الشّيخ المصفى المُومى إليه آنفًا، و تربطهم جميعهم حينذاك علاقة ودٍّ و محبّة و احترامٍ و تبادل الزّيارات و التّغافر، بالزّاويا المُختاريّة و الهامليّة و النّعاسيّة، و بأشياخها و المُشرفين عليها و المُدرِّسين فيها، و كُلّهم على التّصوّف الرّحمانيّ[9]كما لا يخفى...
و قد كان هؤلاء النّفر و مَنْ معهم يُدوّون بِالقُرآن الكريم بِألسنتهم، مُصبحين و بِاللّيل، و يصيحون به (يُجلجلونه[10])، بصوتٍ جهوريٍّ عالٍ[11]، يُسْمعُ مِن بعيدٍ، دَاخل الخِيام و البُيوت الحمراء[12]، المصنوعة من الصُّوف و الشّعر، و الأعشاش المصنوعة من القَصَب و السَّمَار، الّتي كانت مُنتصبة، في ذلك الحِين[13]، في تلك الجهة، الّتي تُدعى بُوقرّيّة، و الّتي بها بئرٌ مشهورة، صالحة لِلشّرب، تُعرف بإسمها (حاسي بُوقرّيّة)[14]، حَفَرها الفرنسيون، أيّام استعمارهم لِلجزائر، و بها ممرٌّ يربط عدّة جهات[15]، شمالاً و جنوبًا، و شرقًا و غربًا، و يصلها بعضها ببعض، و لَطالما حدّثنا والدي عن هذا الممرّ، و أنّه استعمله غير ما مرّة، بالخفّ و بالحافر، حِين مَجيئه و عَودته، من مَوطنه الدّجال، شرقي مدينة حاسي العشّ، و إلى مدينة الجلفة البهجة، مُرورًا بالرّيّان و الزدارة (الصدارة) و جِبال بسطامة و الجعيْمة و فجّ أولاد العقّون ؛ لِأجل التّسوّق و الاتّجار، و غيرها، و ذلك في فترات الثّلاثينيات و الأربعينيات و حتّى الخمسينيات، من القرن المُنقضي.
و قد ظلّ هؤلاء القُرّاء الأربعة على هاته الطّريقة دُهورًا خلت، و رُبّما استمرّوا على ذلك طِيلة حياتهم، و إلى غاية وفاتهم[16]، و قُد أُطلق على البيت الّتي كانوا يَقْرَأون و يُقْرِئُون فيها القُرآن المجيد، مِن قِبل الحاضرين و الزّائرين و الوافدين و المارّين، إسم النّزلة الخضراء (الخضرة)، حتّى عُرفت به و اُشتهرت، استبشارًا منهم و تَفَاؤُلاً. و كُلٌّ له حظٌّ من إسمه كما يُقال. و قد ظلّت هاته التّسميّة سائرة، لِسنوات عديدة.
و قد أنبأنا الشّيخ أبو يُوسف عُثمان بن المسعود قرميطي (حفظه الله)، و هو يحفظ شيئًا من القُرآن، و قد أَقَرَأَه زَمنًا، بتلك المحضرة، أنّ عمّه المقدّم كان أعلم من أخويه عطية و المسعود، و من ابن عمّه المصفى أيضًا، و كان بالإضافة إلى حِفظه للقرآن الكريم، يحفظ بعضًا من المُتون في العربيّة، و في الفقه، و في غيرهما، و يفقه كثيرًا من الأحكام... و كان هُو المُوجِّه و المُرشد بتلك الجهة على حدّ وصفه و قد قرأ عليه نفرٌ مُحترمٌ.
و بهذه الطّريقة حافظوا على تعليم القُرآن و العربيّة بالبوادي و القِفَار. و قد يُزوّدون على حفظ القُرآن، بعض الكُتب الّتي كانت رائجة الدِّراسة بالشّمال الأفريقيّ، كَمُوطّأ مالكٍ، و صحيحي البُخاريّ و مُسلمٍ، و شمائل التّرمذي (التّرميذي)، و شفاء القاضي عِياض، و حِكم ابن عطاء، و تُلازمهم في ذلك نيّة التّبرّك و التّحصّن، و هي في اعتقادنا لا تكفي. و يتّبعون ما كان عليه الإمام الأشعريّ صاحب مقالات الإسلاميين و الإبانة[17]، في العقائد[18]، و يتصوّفون على منهج الإمام الجُنيد السّالك[19] كما يزعمون و هذا على وِفق ما كان سائدًا ببلاد الغرب الإسلاميّ. و في نظرنا أنّ في ذلك زيادة على ما كان عليه الشّرب الأوّل.
و كانوا يُعلّمون النّاس في ما تمسّ الحاجة إليه، في عباداتهم، مِن صلاةٍ و صومٍ و حجٍّ و زكاةٍ و نذرٍ...، و في مُعاملاتهم، مِن زواجٍ و طلاقٍ و بيعٍ و تجارةٍ و...).
و كانوا كذلك يُمارسون ظواهر مُرتبطة بهم و بِغيرهم، مِنها المشروع، و مِنها دُون ذلك.. كالمُعالجة بالرُّقيّة المكتوبة، و الغير المكتوبة، و يُسمّونها التّسباب، مِن فعل سبّب، يُسبِّب، تَسبيبًا و تسبابًا، و تعتري هذه المُعالجة الصِّبيّة و الغِلمان و النِّساء و الرِّجال و الشّيوخ، و حتّى الأنعام و الأفراس... و قد يكتبون ذلك في قراطيس أو تمائم تُعلّق، أو تُخزن. و حِين حديثنا عن هذه الظّواهر، في هذا الموضع، بشيء من الاقتضاب، لا يعني أبدًا أنّنا لا نعرف حَيَّها مِن لَيِّها[20]، و لَكنّنا أشرنا إليها إشارة خفيفة عَلَّها تكفي. و لِكُلِّ مقامٍ مقالٌ.
و بالجملة فقد استطاع هؤلاء، و مَن كان على شاكلتهم، أن يُقدِّموا شيئًا ثمينًا لِربعهم و موطنهم و أمّتهم، خدموا به الدِّين أوّلاً، و العربيّة ثانيًا، رغم ما اعتراهم مِن صُروف الزّمان و تقلّباته شدّة و رخاءً، و رغم ما عَايشوه مِن جوٍّ كان سائدًا في ذلك الزّمان، فرضه المُستدمر الفرنسيّ، بِلغة الحديد و النّار...، لِأكثر من ثلاثة عشر عَقْدًا، حاول فيها عبثًا أن يطمس هويّة الشّعب الجزائريّ المُسلم، و أن يُبدِّل وِجهته الشّرقيّة، و لكن بَعُد عنه مُراده الخسيس، بفضل الله أوّلاً، و بفضل مَن قيّضهم، مِن عِباده الصّالحين العاملين المُجاهدين، الّذين لا يخلو مِنهم عصرٌ و لا مصرٌ. (وَ يَأْبَى الله إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ) التّوبة / 32. و (وَ الله مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ) الصّفّ / 08.
و في سِياقنا المُنتظم كَعادتنا، و ارتباطًا بِرواقنا الّذي عَهِدناه و عَاهَدناه، عبر إنفو جلفتنا (جلفانا)، كتابةً و تَدوينًا[21] و فَلترةً، نُورد في هذه المقالة أسماء الكُتب الفقهيّة المالكيّة (متنًا و شرحًا)، مع أسماء مُؤلِّفيها، الّتي كانت مُقرّرة لَدى رَباطات و زوايا التّعليم الشّرعيّ، بشمال أفريقيا، و بخاصّة منه المغرب الأوسط (الجزائر)، و قد كُنّا قد خَصَصنا موضوعًا لِهذا الشّأن، عَنْوانّاه بِ " مُقرّرات الحفظ و القراءة الّتي استقرّ عليها العمل خلال العُهود الأخيرة عند عُموم الزّوايا الجزائريّة في العُلوم الوسائل و العُلوم الأهداف "، نُشر عبر الجلفة إنفو، بتاريخ 03 أفريل 2016 م، و لكن لا بأس بِتكرار بعضه، و التّكرار في هذا الموضع محبوبٌ و مندوبٌ.. و نقول مِن هذه المُتون، أو الكُتب العلميّة الّتي تخصّ الفقه المالكيّ رأسًا، و الّتي كانت مُعتمدة لدى التّعليم العتيق بموطننا (حسب التّدرّج و مَراقي الطّلب) :
01) متن الرِّسالة لِأبي مُحمّد عبد الله بن أبي زيد القيروانيّ (ت 386 ه / 996 م). و شُرُوحها على غِرار (على التّرتيب الألفبائيّ) : شرح الزَّرُوق، و الفواكه الدّواني، و الفيض الرّحمانيّ، و كِفاية الطّالب الرّبّانيّ، و غيرها[22]...
02) متن المُختصر الفقهيّ لِأبي المودّة خليل بن إسحاق المصريّ (ت 776 ه / 1374 م). و شُروحه ك (حسب تاريخ وفاة مُؤلِّفيها) : الشّرح الكبير لِبَهْرام بن عبد الله الدّميري (ت 805 ه / 1402 م)، و التّاج و الإكليل في شرح مُختصر خليلٍ لِمُحمّد بن يُوسف العبدريّ، أو العبدوسيّ، الشّهير بالمواق (ت 897 ه / 1492 م)، و شرح أحمد بن أحمد بن مُحمّد زَرُّوق (ت 899 ه / 1493 م)، و مواهب الجليل في شرح مُختصر خليلٍ لِمُحمّد بن مُحمّد بن عبد الرّحمان الرُّعينيّ، المعروف بالحطّاب (ت 954 ه / 1547 م)، و شرح الزُّرْقانيّ لِعبد الباقي بن يُوسف الزُّرْقانيّ (ت 1099 ه / 1688 م)، و الشّرح الكبير على متن خليلٍ لِمُحمّد بن عبد الله الخَرَاشيّ، أو الخرشيّ (ت 1101 ه / 1690 م)، و أقرب المسالك لِمذهب الإمام مالكٍ لِأحمد بن مُحمّد بن أحمد العدويّ، المعروف بالدّردير (ت 1201 ه / 1786 م)، و حاشية مُحمّد بن أحمد بن عرفة الدُّسوقيّ (ت 1230 ه / 1815 م)، و أوضح المسالك و أسهل المراقي على شرح الزُّرقانيّ على مُختصر خليلٍ لِمحمّد (فتحًا) بن أحمد بن مُحمّد بن يُوسف الرُّهُونيّ (ت 1230 ه / 1815 م)، و بُلغة السّالك لِأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالكٍ، لِأحمد بن مُحمّد الخلّوتيّ، المشهور بالصّاويّ (ت 1241 ه / 1825 م)، و منح الجليل على مُختصر خليلٍ لِمُحمّد بن أحمد بن مُحمّد عُلَيْش (ت 1299 ه / 1882 م)، و جواهر الإكليل شرح مُختصر خليلٍ لِصالح عبد السّميع الآبي الأزهريّ (ت بعد 1328 ه / 1910 م)، و غيرها... بالإضافة إلى متن الرَّحَبية في المواريث (الفَرائض، أو التَّرائك) لِمُحمّد بن عليّ بن مُحمّد بن الحسن الرّحبيّ، المعروف بابن المُتْقِنَة (ت 577 ه / 1182 م).
أمّا الطُّلّاب المُبتدِئون فَيُقرّر لهم مُتون الأخضريّ في العِبادات لِعبد الرّحمان بن مُحمّد الأخضريّ (ت 983 ه / 1575 م، أو 953 ه / 1546 م)، و المُرشد المُعين على الضّروريّ من عُلوم الدِّين لِعبد الواحد بن أحمد بن عليّ الأنصاري، المعروف بابن عاشر (ت 1040 ه / 1631 م)، و العبقريّ (نظم باب السّهو مِن مُختصر الأخضريّ) لِمُحمّد بن أبّ المزمريّ (ت 1160 ه / 1747 م)، مع شُرُوحها.
و في نهاية تعريفنا لِهذه المحضرة الّتي اندثرت، و لم يبق منها شيء يُذكر، إلّا هاته القالة الّتي خطّتها أناملنا، تأريخًا لها و توثيقًا، نستيقن بأنّه كان على ظهر بسيطة مِنطقتنا الجلفاويّة (الجلفيّة) المُترامية الأطراف، شمالاً و جنوبًا و شرقًا و غربًا، في غابر السِّنين، مَن كان يُعافس هذه الوظيفة الجليلة التّعليم القُرآنيّ و ما يتبعه ، بِما أُوتي مِن جهدٍ و وسيلةٍ و مَرْفِقٍ، ابتغاء وجه الله، و ابتغاء نشر العلم، و يُصَاحبه في ذلك كُلِّه هَزيع الزّمان و إكراهات البيئة و التّضاريس و السّنين العِجاف، حتّى طواه الموت، و نسيته الأيّام، دُون ذِكر أو مَحْمَدَة، و لم تُكتب لِلأسف آثاره. و لكنّ الله جلّ و علّا تولّى ذلك و كَفَلَه، و هُو خيرُ كفيلاً. (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ المَوْتَى وَ نَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَ آثَارَهُمْ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) يس / 12.
و ندعو البَحثة و الكَتبة و المُشتغلين على هذا المهيع، أن يهتمّوا بهذا الموروث الحضاريّ الثّقافيّ الرّاقي، الّذي يُعبِّر بِصدقٍ عن أصالة و تجذّر قومنا، و عن مدى ارتباط مِنظقتنا، بِأُصولها الإسلاميّة، و لِسانها العربيّ، و أن لا يتركوه أهزوجة بين النّاس، و لا نَعني بِدعوتنا هاته حملة الشّهادات الّذين اكتفوا من العلم بإسمه، و من العُلماء بزيّهم، إلّا القليل منهم، إنّما نعني مَنْ عُني بطلب العلم على وجه الحقيقة.
و الحمد لله الّذي خلق و صوّر، و حكم و دبّر، و قضى و قدّر، و أرشد و بسر، ثمّ هدى و أضلّ، و وفّق و خذل، و تفضّل في ذلك و عدل، لا يُسْأل عمّا يفعل، لا إله إلّا هُو. و الصّلاة و السّلام على سيّدنا مُحمّد النّبيّ الرّسول المُختار، و على آله الأخيار، و أصحابه الأبرار.
محضرة بوقرية القرميطية بطريق بحرارة
هوامش
1 و هُم أيضًا فرعٌ لِأولاد بُوعبد الله، الّذين هُم مِن وَلَد سي محمّد ( بالفتح )، كما أشرنا إلى ذلك في أعلى المتن. و الله أعلى و أعلم.
2 نسبة إلى إسم النّورين، أو نورين، و هُو من الألقاب التّابعة إلى فِرقة ( رفقة ) أولاد بُوشارب. و الله أعلى و أعلم.
3 الرّواقيب، و مُفردها رَاقُوبَة، و يُراد بها المُرتفع من الأرض، و هي في حيّز تُراب أولاد لعور، من أولاد عيسى النّوايل الأشراف. و الله أعلى و أعلم.
4 يقع شرقي مدينة الجلفة ( عاصمة الولاية )، و هُو يُعرف بِقُروسة برده شِتاءً. و المَحَاقِن مُفردها مِحْقَنٌ، أو مِحْقَنَةٌ، و هُو أداة أو آلة الحقن.. مِن فعل حَقَنَ، يَحْقُنُ، حَقْنًا، بمعنى جَمَعَ و حَبَسَ. و الله أعلى و أعلم.
5 من فعل حَضَرَ، يَحْضُرُ، حُضُورًا. و على غِرارها زاوية، من فعل انزوى، ينزوي، بمعنى انقطع إلى، أو هي من فعل زَوَى، يَزْوِي، زيًّا، بمعنى جَمَعَ، و قَبَضَ، و طَوَى، و صَرَفَ إلى. و على غِرارها المَقْرَأة، من فعل قَرَأ، يَقْرَأ، قِرَاءَةً و قُرْآنًا. و على غِرارها كُتّاب، من فعل كَتَب، يَكْتُب، كَتْبًا، و كِتَابًا، و كِتَابَةً. و المحضرة من الحُضور و الاجتماع، و هي مُنسجمة مع الجذع و مُوافقة لِلقياس. أمّا الشّناقطة تحديدًا فيكتبونها بالإشالة ( محظرة )، من الحظر و المنع، و اتفقوا على ذلك، حتّى صارت مُصطلحا خاصّا بهم، يُطلقونه على الزّاوية، أو المقرأة، أو الكُتّاب، حيث يجتمع الطّلبة لِحفظ القرآن و تعلّم العربيّة و العُلوم الشّرعيّة، و كأنّهم أرادوا بذلك أنّ هذا الاجتماع هو محظُورٌ و ممنوعٌ إلّا على أهله، من العُلماء و طُلّاب العلم و المُريدين و الأتباع. و الله أعلم.
6 نسبة إلى إسم قرميطيّ، و هُو أحد الألقاب الموجودة عند فِرقة ( رفقة ) أولاد بُوشارب، و ليس المُراد منها النّسبة إلى فِرقة القرامطة، الّتي هي من غُلاة الشّيعة كما لا يخفى نَشأت بالعراق، و اتّسع مُلكها بالحجاز. و الواحد من هذه الفرقة يُسمّى قَرْمَطِيًّا. و قَرْمَطَ هي بمعنى قارب في خطوه، أو دقّق كتابته، أو اتّخذ مذهب القرامطة. و الله أعلى و أعلم.
7 الشّيخ المقدّم يكون ميلاده في حُدود عام 1890 م، أو قبله، أو بعده، بقليلٍ، و وفاته كانت سنة 1967 م. أمّا الشّيخ عطيّة فميلاده كان في عام 1894 م، و وفاته كانت في عام 1962 م. و أمّا أخوهما الشّيخ المسعود فهو من مواليد سنة 1896 م، و تُوفّي سنة 1993 م، و قد عُمِّر. و الله أعلى و أعلم.
8 رُبّما حفظهم له كان دُون إتقانٍ لِأحكام تجويده و تِلاوته، على عادة عامّة قُرّاء مِنطقتنا، و غيرهم، في ذلك الوقت، لَكنّهم كانوا يُحسِنون حفظه بِرسمه و ضبطه و وقفه، على طريقة المغاربة. و الله أعلى و أعلم.
9 نِسبة إلى الشّيخ مُحمّد بن عبد الرّحمان الأزهريّ القجطوليّ، أو القشطوليّ الجرجريّ الجزائريّ ( ت 1208 ه / 1793 م، أو 1794 م ). و كلامنا هُنا هُو مِن باب التّأريخ و الوصف، لا الإقرار. و الله أعلى و أعلم.
10 من فعل جَلْجَل، يُجَلْجِل، جَلْجَلَةً، من شدّة الصّوت، و الصّريخ في الأرض، و قيل الجَلْجَلَةُ هي صوت الرّعد، و المُجَلْجِلُ هُو السَّحاب المُصوِّتُ، و المُجَلْجَلُ هُو السَّحَابُ الرَّاعِدُ، و التَّجَلْجُلُ هُو السُّؤُوخُ في الأرض، من السّوخ، و السّيوخ، و السّوخان، و منه ساخَتِ الأرض بهم، أي انْخَسَفَتْ. و الله أعلى و أعلم.
11 ليس في ذلك تعلّة مِنا لِلذّكر الجماعيّ المُتقيّد بالعبادات، زمانًا و مكانًا و حالاً، و إن كانت قراءة القُرآن جماعة ؛ لِأجل الحِفظ و التِّكرار، جائزة عِند أكثر أهل العلم. و الله أعلى و أعلم.
12 شِعار و عَلَم أولاد سيدي نايل، و هُو مُتخذ على الرّاجح من الأقوال ليَعلم النّاسُ أنّ أُصول أولاد سيدي نايل، هي من السّاقية الحمراء. و قِيل غير ذلك. و لا حَاجة لنا في هذا السِّياق، إلى بسط الكلام في هذا الأمر. و الله أعلى و أعلم.
13 بعض ساكنة جِهة بُوقرّيّة، و منهم آل قرميطيّ سَكنوا أيضًا البيوت المصنوعة مِن المَدَر، و رُبّما كان ذلك في بداية النّصف الثّاني، مِن القرن العشرين المِيلادي. و الله أعلى و أعلم.
14 هُناك أيضًا بقربها جنوبًا بئرٌ صالحة لِلشّرب، حَفَرها الفرنسيون في نفس الآونة، تُدعى نُومسن، أو النُّومسن، تقع شمالي حوش النّواورة. و الله أعلى و أعلم.
15 كالطّريق الرّابط بين مُدن الجلفة و القرية، ثمّ دار الشّيوخ مُباشرة، الّذي أُفتتح حديثًا، و الّذي يُعرف بطريق بحرارة. و الله أعلى و أعلم.
16 على الأقلّ بالنسبة لِلشّيوخ عطيّة و المصفى و المقدّم ( رحمهم الله جميعًا ). و الله أعلى و أعلم.
17 عليّ بن إسماعيل بن إسحاق، أبو الحسن، الأشعريّ، من نَسْل الصّحابيّ الجَليل أبي مُوسى الأشعريّ ( رضي الله عنه ). وُلِد سنة 260 ه / 874 م، و تُوفّي بِبغداد سنة 324 ه / 936 م. كان من أئمّة أهل الكَلام المُجتهدين، و إليه تُنسب فِرقة الأشاعرة، أو الأشعريّة، إحدى الفِرق الإسلاميّة، الّتي تبلورت، و نضجت آراؤها و برزت، و ظهرت دواوينها و استقلّت، بعد ما انصرم القرن الثّالث الهجريّ. القرن التّاسع الميلادي، و أربى عليه القرن الرّابع الهجريّ. القرن العاشر الميلادي. و الله أعلى و أعلم.
18 و تُسمّى أيضًا التّوحيد، و الأُصول، و الكلام، و الفِكر، و الغيبيات، و السّمعيات. و الله أعلى و أعلم.
19 الجُنَيْد بن مُحمّد بن الجُنَيْد، أبو القاسم، الخزّاز، القَواريريّ. تُوفّي بِبغداد عام 297 ه / 910 م . و هُو مِن عُلماء الإسلام، و من أرباب التّصوّف في عصره. و الله أعلى و أعلم.
20 بِمعنى لا يعرف الكلام الّذي يُفهم من الكلام الّذي لا يُفهم. و الله أعلى و أعلم .
21 االمُراد بهذه اللّفظة الجمع ؛ لِأنّ التّدوين يُقصد به عند القُدامى الجمع. و الله أعلى و أعلم.
22 عِند المُتأخّرين مَنْ أضاف شَرح العلّامة الحافظ أحمد بن مُحمّد بن الصّدّيق الغُماريّ المغربيّ، المُسمّى " مسالك الدّلالة في شرح متن الرّسالة ". و هُو شرحٌ مُمتازٌ. و الله أعلى و أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.