الحمد لله العزيز القويّ القاهر الغافر، الّذي نضّر أُولي العلم، و حسّنهم في مُضارع الأزمان و الغابر، و رفع قدرهم و أعلى شأنهم في السّابق و اللّاحق، و على كُلّ خافق.. حمدًا يليق بِقدره و مَقامه و جلاله، و يُوافي نِعمه و آلاءَه، و يُكافِئ مَزيده و عَطاءَه. و الصّلاة و السّلام الأتمّان الأكملان على سيّدي و مولائي[1] النّبيّ الرّسول مُحمّد بن عبد الله، سيّد الأوّلين و الآخرين، و خاتم الرّسل جميعًا و الأنبياء، و على آله و أصحابه الطّيّبين الطّاهرين، أهل الصّفوة و الاعتناء، صلّى الله عليه و عليهم أجمعين و سلّم، صلاةً و سلامًا بلا انقطاعٍ و لا انقضاءٍ. و بعد : إنّ مِن الأحاديث الّتي يتوانس بها أهل الفضل في مجالسهم، هي ذكر أشياخ بلادهم و أوطانهم، و سيرهم و قصصهم و أنبائهم و أيّامهم، و هو مِن حسن الأُمور و مندوباتها، و مِن فضل الاعتناء و الاقتداء، و مِن مُجمل وُجوه البرّ و الإحسان، و هُو خيرٌ بِدون شكٍّ مِن الاشتغال بما لا يعني، مِن القِيل و القال، و الخوض في عُيوب النّاس، و الافتراء عليهم، الّذي بلا ريب هُو فِعال مَن كانت له همّة سفسافيّة[2]..... و شيخ جلستنا هاته[3] هُو الشّيخ الألمعيّ الأُصوليّ الفقيه المقاصديّ المُفتي الكبير الفوائد الكثير الفرائد أبو مُحمّد الجابريّ سالت النّائليّ (النّايليّ).. و هُو كما لا يخفى مِن أعلام و صُلحاء مِنطقة الجلفة، و مِن أهل العلم الكِبار فيها، مِن غير نكيرٍ[4]، و صاحب أفضالٍ و أعمالٍ كثيرات، تدعو إلى الاعتراف و الإقرار و التّقدير، و إلى غيرها مِن المُمارسات الحضاريّة، الّتي مِن صُورها و تجلِّياتها الحقيقيّة التّعريف و التّنويه و الإشادة، مِن طريق الإعلام، كتابةً و ارتجالاً، و في ذلك نشرٌ لِلعلم، و تبليغه بالسُّبل المُمكنة و المُتاحة... و سنروي بِثقةٍ و صدقٍ، و بِلسان النّصفة و الموضوعيّة. قول الله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ، قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سبأ / 24. 25، لِمُتابعي و قُرّاء جريدة الجلفة إنفو الإلكترونيّة شيئًا مِن سِيرته، و قد أدركنا عنه ذلك حِكايةً و سماعًا، مُنذ أكثر مِن عقدٍ مِن الزّمن، أو يزيد.. فنقول هُو الجابريّ بن عبد النّبيّ سالت[5] البُورقباوي[6] القويني النّايليّ الإدريسيّ الحَسنيّ الشّريف. ازداد في يوم الثّلاثاء 02 شهر الله المُحرّم، مِن عامّ 1363 ه، المُوافق 28 ديسمبر، مِن عامّ 1943 م، بِمدينة البِيرين[7]، بِالشّمال الشّرقيّ لِولاية الجلفة. انضمّ إلى التّعليم الحُكومي الفرنسيّ سنة 1950 م، و أكمل مِنه المرحلة الأولى (الابتدائيّة)، سنة 1957 م، و بعد الاستقلال (1962 م) زَاول تعليمه ضِمن التّعليم النّظامي الجزائريّ، و أحرز مِنه شهادة الأهليّة، سنة 1965 م، ثمّ شهادة التّعليم العامّ المُزدوج سنة 1969 م[8]، لِيلتحق بعدها بِمعهد بُوزرّيعة لِتكوين الأساتذة، بالجزائر العاصمة، ما بين سنتي 1972 م، و 1973 م، و تخرّج بِه أُستاذًا مُتصدِّرًا لِدُفعته، في مادة الرِّياضيات. و كان خِلال سنة 1963 م، قد وُظِّف مُمرّنًا لَدى مُديريّة التّربية لِولاية التِّيطري (التِّيتري)، في ذلك الحِين[9]، ثمّ ترقّى في سنة 1966 م إلى مُساعدٍ، لِيصير في سنة 1968 م مُعلِّمًا، ثمّ مُديرًا لِابتدائيّة، سنة 1969 م، مُتنقِّلاً مَا بين مدينتي الجلفة و مسعد. و بعد إنهائه لِدِّراسة بِمعهد بُوزرِّيعة المُومى إليه آنفًا، عُيّن بإحدى مُتوسِّطات مدينة مسعد الجميلة العريقة، و ظلّ بِها إلى غاية سنة 1979 م، و هي السّنة الّتي غدا في خريفها، مُديرًا لِمُؤسّسة بن عيّاد (سابقًا)[10] بِمدينة الجلفة، ثمّ مًديرًا لِمُؤسّسة حاشي بلقاسم، بِنفس المدينة، سنة 1982 م، إلى أن أُحيل إلى المعاش (التّقاعد)، سنة 2004 م. و عن مساره المُتعلِّق بالتّعليم الشّرعيّ، و هُو الّذي نُدندن حوله.. فقد انخرط فيه، و تعلّق به، بداية مِن جُماد أوّل 1374 ه، المُوافق جانفي 1955 م ؛ فتلقّى القُرآن الكريم شقًّا، بِرواية ورشٍ، لِقراءة نافعٍ الأكثر اتّباعًا لَدى الشّرب الأوّل، مِن الشّيخ عيسى بن الطّاهر عايدي (رحمه الله)، بمقرأته، بحيّ البُرج (القرابة)، خِلال خمس سنوات مُتتالية، ثمّ انتقل حلقة الشّيخ عامر بن المبروك محفوظي (ت 2009 م) الإِقرائيّة، الّتي كان يُقيمها وقتذاك، بالجامع الكبير (جامع الجُمعة)[11]، الّذي يُسمّى حاليًا جامع سي أحمد بن الشّريف ؛ و ذلك لِترسيخ القُرآن الكريم كاملاً، و تثبيته في صَدره، و أثناء هذه الفترة أخذ العُلوم الرّائجة، في اللِّسان العربيّ، و في الشّريعة الإسلاميّة، عن الشّيخ عطيّة بن مُصطفى مسعودي (ت 1989 م)، و لَازمه، و أفاد عنه كثيرًا، و تأثّر بِه بالغًا، لاسيما في تصوّفه، و اتّباعه الطّريقة الرّحمانيّة الخلّوتيّة. و قد واصل مشواره هذا، بِعصاميّة جادّة، فقرأ مُتونًا و كُتبًا، و خَتم شُروحًا و تقارير و حواشٍ، و طالع مُطوّلات و سلاسل، في التّفتيق و النّحو و الصّرف و البلاغة و الأدب، و في التّفسير و الكلام و الفقه و الأُصول و المواريث (الفرائض، أو التّرائك)، و في المنطق و الوضع و المقولات، و كوّن نفسَه بِنفسِه، و أحكم كثيرًا مِن الفُنون اللُّغويّة و الشّرعيّة، و بَرز فيها.. فَهُو أديبٌ لُغويٌّ خرِّيتٌ ذو لِسانٍ نضناضٍ صريفٍ، و فقيهٌ أُصوليٌّ لوذعيٌّ مُبدعٌ[12]... مُتواضعٌ ليّن العريكة فُكاهيٌّ[13] مُداعبٌ. و قد كُنّا قد تكلّمنا عليه، في كِتابنا المُدبّج ب " مِن فُضلاء مِنطقة الجلفة مِن 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين "، و وصفناه بِقولنا : ((... و هُو رجلٌ ذكيٌّ جسورٌ مُتمكِّنٌ في العربيّة، يأتي بالخُطبة العصماء، كما يقال، مع تمكّنه العجيب في أصول الفقه و المقاصد و فقه البُيوع و المُعاملات الماليّة و المادّيّة، يُعْوِزه الحديث و عُلومه التّسعة المعروفة. و هُو من أهمّ العلوم و أشرفها، و جرت عادة المغاربة عدا الأندلسيين قديمًا في تفريطهم في هذا العلم المُهمّ، و قد قال العُلماء يتطلّب من الفقيه أن يكون عالماً بالأُصولين (الأصلين)، أُصول الحديث و أُصول الفقه، و بالغريبين، غريب القُرآن و غريب السُّنّة. و الحقّ يُقال فهو من أجلّ مَنْ وقع عليه بصري مِنْ فُضلاء الجلفة، فهو فاضلٌ ذائع الصِّيت، انعقدت عليه الخناصر في دماثة أخلاقه و حسن سِيرته، إلّا أنّه قد يُنكر عليه التّقليد غير المعذور في الفُتيا (الفتوى)، و قد أُوتي نصيبًا من العُلوم الشّرعيّة، يجعله يبحث و يطلب الحقّ مهما كان مصدره[14]، و عدم الإنكار لِبعض البدع المُجمع عليها و الحوادث المُخالفة لِسنن المصطفى (صلّى الله عليه و سلّم) و صحابته الكرام، خُصوصًا في جانب العقائد و منهج التّلقِّي[15]. و الله أعلم. و هُو يُقدِّم الرّأي و القياس كثيرًا في فتاويه (فتاواه)، و هذا لا ينبغي، فقد روى الإمام العَلَم البُخاري في صحيحه، في كتاب الصّوم، عن أبي الزِّنَاد قوله :(إنّ السُّنن و وُجوه الحقّ لَتأتي كثيرًا على خلاف الرّأي، فما يجد المُسلمون بُدًّا من اتّباعها.)) اه. و له نشاطٌ كبيرٌ، في إقامة حلق العلم الشّرعيّ ؛ فقد فتح بيته و مكرمه لِذلك، في عامّ 1976 م، و ظلّ على ذلك إلى يوم النّاس هذا.. و مِن الحلق الّتي اشتهر بِها، تِلك الحلقة المُنتظمة، الّتي عقدها بِجامع عبد الرّحمان بن عوف، بِباب الشّارف، ما بين عامي 1987 م، و 1988 م، و لخّص فيها الإمام القُرطبيّ (ت 671 ه / 1273 م)، و قد جمع ذلك في كراريس، فُقِد مُعظمها، كما أنبأنا هُو بِذلك، و أدام مجالس كثيرة بِمقطنه، شرح فيها قطر النّدى، في العربيّة، و غيرها، و أُخرى، بمسجد أبي ذرّ الغِفاري، بحيّ الكويت، المعروف بجامع النّورانيّ، فكّ و أوضح فيها كتاب بداية المُجتهد و نهاية المُقتصد، لِلإمام المُجتهد ابن رُشد الحَفيد (ت 595 ه / 1198 م)، و كتاب الوجيز في أُصول الفقه، لِوهبة الزُّحيليّ (ت 1436 ه / 2015 م)، و كُتبًا في الفرائض، و في غيرها، و قد ثَوَى في ذلك رَدَحًا مِن الوقت. و هُو يُشرف على مدرسة الإخلاص (نادي المعلمين سابقاً)، بداية مِن سنة 2005 م، و أمين مجلس إقرأ، التّابع لِلشُّؤون الدِّينيّة لِولاية الجلفة، مُنذ عام 1991 م، و هُو لا يزال على هذا النّشاط، إلى حدّ اليوم. بالإضافة إلى زِياراته و تواصله مع أهل الفضل و الإحسان، و شُداة العلم و المعرفة و الثّقافة الأصيلة..... و له كتابات يسيرة، فهو مُقلٌّ في هذا المهيع، مِنها : 01) أولويّة الاهتمام بالتّعليم القُرآنيّ. 02) الملمح المُقترح لِمُعلِّم القُرآن الكريم. 03) برنامج المدرسة القُرآنيّة. 04) المسألة الإرثيّة نُصوصًا و تطبيقات (دراسة أكاديميّة). 05) انطباعات على هامش المُلتقى الأوّل لِلمذهب المالكيّ المُنعقد بِولاية عين الدّفلة، في وقتٍ مَضى. و له شعرٌ، و شعره جيّد، و مِن شعره مثلاً لا حصرًا : حول المال : دع المال يستهوي بِرونقه البشر * فإنّ جمال الكنه[16] بِالنّقد ما اكتسب بِه يستمال المرء حالة ضعفه * بِشيء من الإغراء و الغشّ و الكذب و مَن يدري أنّ المال يبلغ بِالفتى * مدارك علم لا مدارج في الأدب و كم حاجة لِلبطن يسعى لِجمعها * و دوره في فتح الشّهيّة قد سلب و يقول : بناء حصون العزّ مشفى و ملجأ * مشاريع خير لا لِلّهو و لا لعب تدلّك أنّ المال سيف قد ازدوج * بِه ضربة المغلوب أو طعن من غلب فإيّاك إيّاك اغتراراً بِمظهر * فما كلّ مسبوك يعدّ من الذّهب حول المساجد : بشرى لِمن يعتاد * دخول بيت الله و كلّه استعداد * لِخدمة الإله و فيه قد يصطاد * بلا قيد و جاه حول الدّعم : و مَن يرد لِلدّعم من تعرف * بجزئه الخالي مِن التّسلّف فالقصد منه ليس بالمهين * ما دام عونا مِن يد المعين بِقبضة الفلاح و الموّال * وفق التزام بين المقال و له فتاوى عديدة و جريئة[17]، لو جُمعت لَجاءت في كراريس، يستفيد مِنها خلقٌ لا يُحصى، و إنّ أكثر النّاس بِمنطقة الجلفة يرونه أهلاً لِلإفتاء، و أجدر مِن غيره، على الإطلاق، بِهذه المِنطقة الشّاسعة الواسعة المُترامية النّظر و السّير، و في رُؤيتهم هذه كثيرٌ مِن الصّواب[18]، و تعيين المُفتي تحكمه بُروتوكولات شتّى، كما هُو معروفٌ. و بِمرور الزّمان اكتسب مكتبة لا يُستهان بِها، مُنوّعة المواد، و مُختلفة الاتّجاه، و تعرّف إلى شخصيات عديدة علميّة، و غير علميّة، مُختلفة المشرب و المهوى، و قد نال إعجابها و احترامها، و كسب حبّها و ودّها. و مِن حريّ القول و لِزامه في هذا الشّأن، أن نقول أنّ الشّيخ الجابريّ (عفا الله عنه)، أثناء حقبة وُجوده بِمدينة مسعد[19]، ذات الحُقول و البساتين الغنّاء، مِن أوّل وُلوجه في عالم التّربيّة و التّعليم، و إلى حِين عامّ 1979 م، احتكّ بِوجوهٍ علميّة ذات وزنٍ و ما أكثرَهم وقتذاك و استفاد مِنهم غاية الاستفادة، و مِن أبرز هؤلاء الشّيخ أحمد بن عبد القادر بن دحمان الطُّعبيّ النّايليّ، المعروف بِأحمد بن دحمان (ت 1978 م)[20]، الّذي كان يُوجِّهه و يَمْحَض له النّصيحة، مَتى التقاه و اجتمع بِه[21]. و شيخنا الجابريّ حقيقة هُو همزة وصلٍ، بين جيلٍ يُمثّله الإمام الذّائع الصِّيت و الشّائع الذّكر كُبّارة المُتصوّفة و الطُّرقيّة في وقته عطيّة مسعودي (رحمه الله)، و مَن كان على شاكلته، و سار في فلكه، و بين جِيل الصّحوة، الّتي تضوّع ريحها بِهذه الدِّيار، في نهاية السّبعينيات، و بداية الثّمانينيات، مِن القرن المِيلاديّ المُنقضي، على اختلاف مَنازعه، مِن سَلفيين و إخوانٍ و تبليغيين... و هُو يُجلّ شيخيه عطيّة و عامرًا، إجلالاً مُبالغًا فيه، إلى درجة أنّه لا يستطيع مُراجعتهما في حياتهما في قولٍ أو فتوى أو موقفٍ، و تصوّفه خالٍ مِن الأوهام و الشّطحات و الرُّعونات، المعهودة غالبًا عن مَنْ سلك هذا المنهج، و هُو على فضلٍ و زُهدٍ و عفّة، لا يطلب و لا يسأل أحدًا حاجةً لِنفسه، مِن أمر الدّنيا، و قد بقي مُحافظًا على تجلّيات التّعليم الشّرعيّ الفاخرة، كالإقراء و الإملاء، و تنظيم الحِلق و النّدوات، و إلقاء الدُّروس، و جمع النّاس على كُتب الأوّلين، و حلّ ألفاظها و شرحها و تيسيرها[22]، و ربطهم بِماضيهم الإسلاميّ العربيّ المَجيد، و في ذلك مُناصرة لِدين الله و عِباده، على قدر علمه و طاقته، و قد علا سنّه، و هدّه الجَهد و المرض (شفاه الله و عافاه)، بالإضافة إلى حُضوره مشاهد الخير و مجالس الذّكر، و مَا شَاكلها، و سِعايته في افتتاح المساجد و المقارِئ و الكتاتيب، و في أبواب البرّ المُختلفات، و قد رحل و طوّف، في الحجّ و العُمرة، و في غيرهما، و أدرك و جالس و سمع و رأى، و رزقه الله ذكاءً و فِطنةً و مَهارةً و خَطًّا جميلاً و أولادًا، مِنهم الطّيّب و مُصطفى... و زِيادة على مُلازمتنا له، و معرفتنا بِه عن قُربٍ، مُنذ ما يزيد عن مُدّة أربعة عشر عامًا، كُنّا قد أخذنا فِيها عنه شيئًا من العربيّة، و أُصول الفقه، و تَلقّيناه فِيها في دارنا غير مَا مرّة، فإنّا أفدنا عنه أخبارًا ذات بالٍ، في تحقيق أُصول بعض العوائل (الأًسر) الجلفيّة (الجلفاويّة)، و في ضبط ألقاب و أسماء و كُنى و مَكْنِيات، بعض أعيان و فُضلاء مِنطقة الجلفة، و في تراجمهم، و تواريخ مَواليدهم و وَفياتهم، و في توضيح بعض الفتاوى الّتي أصدرها أشياخه، على غِرار فتوى الشّيخ عطيّة مسعودي، في أنّ المرأة لا ترث مِن الأرض البيضاء (العروشيّة) الّتي لا عقد لها، و كذلك في الكراهة المذمومة[23] لِأخذ الأجرة على تعليم القُرآن، و إمامة النّاس، و في مسألة الصّلاة في المقابر، و قراءة القُرآن فيها، و في قضيّة البيّعان بِالخيار[24]... و في غيرها. و مِن جُملة الأخبار الّتي أسعفنا بِها و هُو مِمّن يُحتجّ بِه و يُقدّم في العِلم و يُوصف بِه و قد أفادتنا كثيرًا، في كِتابنا المُومى إليه سابقًا، أنّ شيخه عطيّة مسعودي قد انقطع عن حلقة التّحفيظ القُرآني (الإقراء)، في نهاية سنة 1947 م، و عن حلقة التّعليم الفقهيّ، في بداية سنة 1970 م، أو قال في سنة 1967 م، و لم يكن له بعد هذه السّنة تلاميذٌ، أو طلبةٌ. هذا جُزءٌ من حقّ الشّيخ علينا أدّيناه، و هُو حقيقٌ بذلك. و قد تحقّق و تتطابق ما جاء في هاته الجلسة بإيجازٍ. وفّقنا الله إلى ما فيه الخير، و خَتم بالصّالحات أعمالنا، و رزقنا و إيّاكم الالتزام بالنّمط الأوسط[25]، و أماتنا على الإسلام و السُّنّة، بِفضله و إِحسانه و كرمه و منّه. آمين. و صلّى الله و سلّم على سيِّدنا مُحمّدٍ و على آله الأطهار و صحابته البَررة الكِرام. الباحث سعيد هرماس رفقة الشيخ سي الجابري سالت أثناء تكريم الشيخ الجابري من طرف جمعية الإبداع -فيفري 2013 هوامش 1 على قراءة مَن يُحقِّق الهمز، و الجاري على ألسنتنا و هُو صحيحٌ بلا ريبٍ مولاي. و الله أعلى و أعلم. 2 أو سفساويّة، مِن السّفساف، و هُو الرّديء و الحقير مِن كُلّ شيء. و الله أعلى و أعلم. 3 و هي عبارة عن مًحصّلة عدّة جلسات و مجالس، جمعتنا في زمنٍ مضى، بالشّيخ المُنوّه به (سلّمه الله و عافاه)، آخرها كانت بُلْطَةً، بِبنكه (مسكنه) الجديد، بِجانب مدرسة الإخلاص، بِوسط مدينة الجلفة، و ذلك في صباح يوم الخميس 17 ربيع ثانٍ 1439 ه، المُوافق 04 جانفي 2018 م . 4 عدم النّكير وقع على علمه و فضله، أمّا في غيرهما، فقد وقع النّاس فيه في اختلافٍ، بين مادحٍ و قادحٍ ؛ لتآويل لا يسعنا شرحها في هذا المقام. و الله أعلى و أعلم. 5 أو سلت أو سيلت. و الله أعلى و أعلم. 6 نسله الحقيقيّ الّذي حدّثني به هُو شخصيًّا يعود إلى أولاد شيبوط (بيت بن زاهية)، مِن أولاد سي محمّد (فتحًا)، مِن أولاد سِيدي نايل، كما هُو معلومٌ. و يزعم آخرون أنّ أصوله تنحدر مِن سَحاري (صَحاري) أولاد كرفال العَقالة، مِن أولاد إبراهيم الهلاليين. و هُو زعمٌ بعيدٌ. و الله أعلى و أعلم. 7 لقد وُضِع مِيلاده، في الوثائق الإداريّة (الرّسميّة)، خِلال سنة 1943 م، بمدينة حاسي بحبح المشهورة. و الله أعلى و أعلم. 8 في سنة 1970 م تحصّل على الشّهادة الابتدائيّة بِالفرنسيّة بِصفة حرٍّ. و الله أعلى و أعلم. 9 و ذلك تغطية لِحاجيات وزارة التّربية و التّعليم، لِلدّولة الجزائريّة الحديثة الاستقلال. و الله أعلى و أعلم. 10 تُدعى اليوم مُتوسِّطة 11 ديسمبر، و تقع بالدّشرة البيضاء، بالشمال الغربي لِمدينة الجلفة. و الله أعلى و أعلم. 11 كانت إلى وقتٍ قريبٍ جدّا، في الجوامع الكبيرة، بالمغرب الكبير، و مِنه الجزائر، وظائف دِينيّة ثابتة، بِمثابة الخُطط الشّرعية، و هي إمامة المسجد، و قراءة الحزب، و قراءة صحيح البُخاري، و قراءة الشّفاء لِلقاضي عِياض، و مدح النّبيّ (صلّى الله عليه و سلّم)، و إيقاد قنديل المسجد... و كانت هذه الوظائف مُقسّمة بين المُنتسبين إلى السّلك الدِّينيّ. و الله أعلى و أعلم. 12 المُعاصرة حرمانٌ.. و أكثر النّاس لا يهتمّون بِمن يعيش بينهم، مِن أهل العلم و الثّقافة، و لو كان ذا بالٍ. و هذا مِن الأسباب الحقيقيّة الّتي خلّت أمر الثّقافة شيئًا لا يُذكر، و سُلطان العلم يتقهقر و يضمحلّ. و لا حول و لا قُوّة إلّا بالله. قال الشّاعر : قل لمن لا يرى المُعاصر شيئا... و يرى لِلأوائل التّقديما إنّ ذاك القديم كان حديثا... و ذاك الحديث سيبقى قديما 13 له لطائف و نِكات عديدة، تصلح أن تُجمع في كتابٍ. و الله أعلى و أعلم. 14 يقول العلّامة صالح عبد السّميع الآبي الأزهريّ : (الأحاديث الّتي نصّ الإمام مالك رضي الله عنه على أنّه لم تبلغه، إذا قال أهل الصّناعة (أهل الحديث) أنّها صحّت، فيجب على مُقلّدي الإمام رضي لله عه العمل بها، و يُؤيّد هذا ما قول الإمام مالك في رواية ربيبه معن بن عيسى قال : سمعت مالكًا رضي الله تعالى عنه يقول (إنّما أنا بشرٌ أُخطِئ و أُصيب فانظروا في رأيي فما وافق الكتاب و السُّنّة فخذوا بِه و ما لم يُوافق الكتاب و السّنّة مِن ذلك فاتركوه.) اه. جواهر الإكليل. المُجلّد الأوّل. ص (187). طبع المكتبة الثّقافيّة. بيروت. لبنان. و الله أعلى و أعلم. 15 قال الشّيخ العالم مُحمّد بن صالح العُثيمين المُتوفّى 2001 م : (آفة العلم سُوء الفهم عن الله و عن رسوله (صلّى الله عليه و سلّم.) اه. و الله أعلى و أعلم. 16 الكُنه هُو جوهر الشّيء و ماهيته. و الله أعلى و أعلم. 17 هُو لا يرى جواز قِراءة القُرآن على الأموات، سِيما حال الدّفن، و في الأربعينيّة، و لكنّه فِي نفس الوقت لا يُنكر على مَنْ أتى ذلك. و في كثيرِ مِن فتاواه (فتاويه) يُراعي مآلات الأفعال، و تحقيق المناط الخاصّ، و هُما أمران مُهمّان. و الله أعلى و أعلم. 18 جاء عن سلفنا الكِرام قولهم أنّه لا ينبغي لِلرّجل أن يُنصِّب نفسه لِلفتوى، حتّى يكون فيه خمس خِصالٍ. أما أوّلها : فأن تكون له نيّة، فإن لم تكن له نيّة، لم يكن عليه نُورٌ، و لا على كلامه نُورٌ. و أمّا الثّانية : فيكون عليه حلمٌ و وقارٌ و سكينةٌ. و أمّا الثّالثة : فيكون قويًّا على ما هُو فيه، و على معرفته. و أمّا الرّابعة : فالكفاية، و إلّا مضغه النّاس. و أمّا الخامسة : فمعرفة النّاس. و نخشى أنّ لا نجد في المُتصدِّرين لِلفُتيا، في حَاضرنا هذا، واحدة مِنها، و لكنّ الأمرَ إن شاء الله نسبيٌّ. و الله أعلى و أعلم. 19 لقد كان في هاته المدينة العتيقة، في زمنٍ غابرٍ، حُصونٌ و قُصورٌ و دُورٌ و جوامع و قرافات و كَرفانات و خانات و ساباطات و حذاءات، و بِها أهلُ علمٍ و فقهٍ و أدبٍ و شعرٍ، و قد تركوا مكتبات، تضم كثيرًا مٍن المخطوطات، الّتي سهر على نقلها طلبةٌ و كتبةٌ،كانوا يستضِيئون في ليالي التّحصيل، بنارٍ مُوقدةٍ، بِحطب الطّلح العريق، و قد بلغت مِنهم البِلَغِينُ (البُلَغِينُ)، و لكنّها ضاعت و تلفت، و لا حول و لا قُوّة إلّا بِالله. اُنظر مقالنا الأخير " الثّقافة الأصيلة بِمِنطقة الجلفة "، الّذي نُشر بِتاريخ 19 ديسمبر 2017 م، عبر إنفو جلفانا. و الله أعلى و أعلم. 20 لقد ترجمنا له ضِمن مُدوّنتنا " مِن فُضلاء مِنطقة الجلفة مِن 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين "، في طبعتها الرّابعة (04)، إن شاء الله. و الله أعلى و أعلم. 21 كان دائمًا يُذكِّره بِقول الله تعالى : (وَ لَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَ مَا لَكُم مِن دُونِ اللهِ مِن أَوْلِيَاء ثُمّ لَا تُنْصَرُونَ). هُود / 113، و قوله : (وَ لَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَ لَا يُصْلِحُونَ). الشُّعراء / 151 و 152. و الله أعلى و أعلم. 22 و قد كانت و لا تزال تتردّد إليه الدُّفعات الكثيرة، و يسمعون دَرسه، و يحضرون أماليه، بِمدرسة الإخلاص، و ما أدراك مَا مدرسة الإخلاص. و قد يُقرأ عليه في هذه المجالس القُرآن، و يُسمع عليه فيها الفقه، و مَا يتعلّق بالتّزكية و السُّلوك و الرّقائق. و الله أعلى و أعلم. 23 الكراهة إذا قُرنت بالذّمّ فهي تُفيد التّحريم، كما قرّره كُبراء أهل الأُصول. و الله أعلى و أعلم. 24 عن أحمد بن حنبل (رحمه الله) أنّه قال : (بلغ ابن أبي ذئب أنّ مالكًا لم يأخذ بحديث " البيّعان بِالخيار "، فقال : يُستتاب في الخِيار، فإن تاب و إلّا ضُربت عُنقه. و مالكٌ لم يردّ الحديث، و لكن تأوّله على غير ذلك.) اه. و الله أعلى و أعلم. 25 قال الإمام الرّاشديّ عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه و أرضاه) : (عليكم بالنّمط الأوسط.) اه. و الله أعلى و أعلم.