افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الداخلية للمملكة العربية السعودية    رئيس الجمهورية يعين واليين جديدين لولايتي وهران وسيدي بلعباس    الوكالة الوطنية لدعم و تنمية المقاولاتية تطلق برنامجا وطنيا للنهوض بقطاع المؤسسات المصغرة    ملبنات خاصة ستشرع في انتاج أكياس حليب البقر المدعم في 2025    مالية: 2025 ستكون سنة تعزيز مسار الرقمنة بامتياز    قوجيل: التضامن الثابت والفعلي مع الشعب الفلسطيني هو رهان العالم اليوم ومبدأ وطني للجزائر    سهرة الفنون القتالية المختلطة: عشاق الاختصاص على موعد مع 10 منازلات احترافية الجمعة بقاعة حرشة حسان    المشروع سيكون جاهزا في 2025..خلية يقظة لحماية الأطفال من مخاطر الفضاء الافتراضي    متحف "أحمد زبانة" لوهران: معرض لتخليد روح الفنان التشكيلي الراحل مكي عبد الرحمان    أشغال عمومية: صيانة الطرقات ستحظى بأولوية الوزارة الوصية خلال المرحلة القادمة    حوادث الطرقات: وفاة 41 شخصا وإصابة 193 آخرين خلال أسبوع    السيد بلمهدي يشرف على انطلاق الدورة الثانية لتأهيل محكمي المسابقات القرآنية    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    مولوجي تستقبل رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني    العدوان الصهيوني: 2500 طفل في غزة بحاجة إلى إجلاء طبي    منظمة التحرير الفلسطينية تدعو الأمم المتحدة إلى إلزام الكيان الصهيوني بإنهاء وجوده غير القانوني على أرض دولة فلسطين    لبنان: إصابتان في قصف للكيان الصهيوني جنوب البلاد في ثاني أيام الهدنة    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    شركات مصرية ترغب في المشاركة    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    الحكومة تدرس آليات تنفيذ توجيهات الرئيس    سوناطراك تشارك في صالون كوت ديفوار    البرتغال تستضيف الندوة ال48 ل أوكوكو    عطّاف يدعو إلى مبادرات فعلية وجريئة    ركاش يروّج لوجهة الجزائر    معسكر تحيي ذكرى مبايعة الأمير عبد القادر    كأس افريقيا 2024 سيدات/ تحضيرات : فوز الجزائر على اوغندا وديا (2-1)    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    الإطار المعيشي اللائق للمواطن التزام يتجسّد    الارتقاء بالتعاون العسكري بما يتوافق والتقارب السياسي المتميّز    ميناءا عنابة وجيجل بمواصفات عالمية قريبا    الجزائر تؤكد على حماية العاملين في المجال الإنساني    أوامر لإعادة الاعتبار لميناء الجزائر    198 مترشح في مسابقة أداء صلاة التراويح بالمهجر    إرث متوغِّل في عمق الصحراء    انتقادات قوية لمدرب الترجي بسبب إصابة بلايلي    عطال يتعرض لإصابة جديدة ويرهن مستقبله مع "الخضر"    مدرب فينورد ونجوم هولندا ينبهرون بحاج موسى    فحص انتقائي ل60900 تلميذ    8 عروض وندوتان و3 ورشات في الدورة 13    بللو يدعو المبدعين لتحقيق نهضة ثقافية    "فوبيا" دعوة للتشبث برحيق الحياة وشمس الأمل    حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من مجالس الخير ... مجلس قُوق المصفى
الحلقة الأولى
نشر في الجلفة إنفو يوم 10 - 09 - 2017


قوق المصفى
الحمد لله وحده، الّذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم. و الصّلاة و السّلام الدّائمان المُتلازمان إلى يوم الدِّين، على من أدّبه ربّه فأحس تأديبه، خِيَرَة خلقه و مُصطفاه، و خاتم رُسله إلى البشر كافة ؛ مُحمّد بن عبد الله ، و على آله و صحبه جميعًا. و بعد :
لا تزال هذه الأمّة الإسلاميّة، تُقام فيها مجالس السّماع. و للسّماع قيمة أصيلة عند المُحدِّثين خاصّة، و له مرتبة رفيعة في تثبيت المرويات، صارت جُزءًا من الإسناد. و الإسناد من الدِّين كما لا يخفى ، و قد خُصّت به هذه الأمّة المرحومة، دُون غيرها من الأُمم...
و أغلب هذه المجالس في القُرون الأُولى من مجد أمّتنا العظيمة، كانت تُقام في الجوامع و المدارس الدِّينيّة المعروفة، و يترأّسها جلاوذة من أهل العلم، أغلبهم مُتخصِّصون في الفُنون و العُلوم، الّتي تحتاج إلى التّقييد و السّماع.. كالحديث و التّفسير و السِّير و التّاريخ، و غيرها... و قد حرصوا فيها على تسجيل الحُضور ؛ من حيث إسم المُملي أو المُسمِع، و إسم صاحب المُصنَّف (الكتاب) نفسه، أو غيره من أهل العلم الّذين يروون عنه، و إسم القارئ الّذي وُضع للإقراء[1]، و إسم كاتب السّماع[2]، و إسم المُستمعين جميعًا، الرِّجال منهم و النِّساء و الصّبيان، و إسم كُلّ من شارك[3] في مجلس السّماع، مع ذكر من لهم صفة، إن كانوا من أهل العلم و الحفظ، و تاريخ المجلس و مكانه، و يُعقِّبون في ختامه بقولهم : صحّ ذلك، أو ثبت ذلك، أو صحيح ذلك، أو صحيح كتبه مُؤلِّفه أو جامعه أو راويه أو ناقله، أو غيرها من الألفاظ الّتي تُثبت أو تنفي أو تُعلِّق... و بلا ريب فإنّ هذا ينمّ عن أنّ للسّماع شأنًا عظيمًا، و أنّ لمجالسه قيمة كبيرة، و أنّ عُلماءنا و أئمّتنا كانوا على درجة عالية من التّثبّت و التّروِّي، في ما تلقّوه من عُلوم و آثار و روايات، و في ما سمعوه من فُنون و كُتب.. و بذلك حُفظت مصادرنا الأصليّة، و عُرفت مراكزنا العلميّة، و دُوِّنت رحلات أهل العلم فيها، و وُثّقت كُتبهم و معارفهم.....
و جريًا على درب هذه السُّنّة الحميدة، فقد عقدنا مجالس خير، لنا فيها مرعًى، مُنوّعة الفحوى و الدّلالة، فيها فوائد تُعاد، و غرائب تُستفاد، مع شُخوص جلفاويّة (جلفيّة)، تعدّدت صفاتهم و مُميّزاتهم، لكنّهم اشتركوا في موروث ربعنا الثّقافي، و هُو مُرادنا.. منهم من هو على درجة كبيرة من الأدب و العلم و الفضل، حتّى عُدّ في مضمار العُلماء[4]، و منهم من دُون ذلك، و منهم من زاده في الأسمعة و المرويات غنيّ، و منهم من هُو كُبّارة قومه و جماعته، و منهم من ديدنه نشر الخير و السّعاية في أبواب البرّ و الإحسان، و منهم، و منهم،...
و مجلس حلقتنا هذه، كان مع أحد ممّن عرفتهم الجهة الظّهراويّة (الشّماليّة)، من منطقة الجلفة، و تحديدًا بمدينة حاسي بحبح (مدينة الأدب و الشّعر)، و ما يتبعها من أعتاب و أحواز.. و هُو قُوق المصفى (مُصطفى) بن أحمد بن عبد الرّحمان بن محمّد، من أولاد عبد الرّحمان، من أولاد شيبوط، من أولاد سي محمّد (فتحًا)، من أولاد سيدي نايل الأشراف الحَسنيين.
وُلد يوم الاثنين الأبرك 21 شعبان 1351 ه، المُوافق 19 ديسمبر 1932 م، ببلدة حاسي بحبح، بولاية الجلفة.
تلقّى تعليمه الأوّليّ ؛ من قراءة و كتابة و حفظ للقرآن، إلى غاية سُورة الرّحمان (03 أجزاء، 06 أحزاب)، من الشّيخ بن دنيدينة دنيدينة. و في بداية سنة 1949 م خفّ إلى زاوية الهامل ؛ بُغية التّعلّم. فأتمّ حفظ القُرآن، و أخذ شيئًا من العربيّة و الفقه، و حظًّا من التّعليم المدنيّ الحياتي. و قد تتلمذ للشّيخ القاسمي بن عزّوز الشُّرفي المُتوفّى 1984 م، و لِغيره من أهل العلم و الأدب و الفضل. عاد لمسقط رأسه في بداية سنة 1953 م، لِيُقرّر في شهر جويلية 1953 م، السّفر إلى فرنسا، و هي إحدى مزاهر الحضارة الغربيّة في ذلك الحين، و قد بقي بها قُرابة السّنّة، أو أكثر بقليل[5].....
عاد لأرض الوطن، و افتتح دُكّانا للمواد الغذائيّة بأمر و مُوافقة والده الّذي كان يُعدّ في ذلك الحين واحدا من كُبراء و أغنياء و وُجهاء أولاد شيبوط في نهاية سنة 1954 م... و لم ينس واجبه تُجاه وطنه المُسْتَعْمَر ؛ فانخرط في النّضالين السّياسيّ و الثّوريّ، ضدّ المُستدمر الفرنسي الغاشم، و كُلّف بالضّبط و الكتابة و الأمانة، تحت إِمرة القائد حاشي عبد الرّحمان المُتوفى1957 م، و غيره من قيادات الثّورة التّحريريّة، بالمنطقة الشّماليّة للرّبع النّايلي (الجلفة).
و بعد استرجاع الحُريّة المسلوبة، في جويلية 1962 م، عانى التّعليم بعد إذن و شهادة شيخه بن عزّوز القاسمي[6] ، من 1963 م، إلى أن استقال منه سنة 1974 م، بعد أن ترقّى فيه إلى منصب نائب مُدير مدرسة... مُتنقِّلا و مُختلفًا بين المويلح و المليليحة و فيض البُطمة و دار الشّيوخ و حاسي العشّ و الزّعفران و حاسي بحبح.
وُظّف بعدها لدى إدارة حزب جبهة التّحرير، و كُلّف بعدّة مهام عالية، آخرها أمانة القسمة للحزب المذكور، بدائرة حاسي بحبح، ليُحال سنة 1990 م، بإرادته إلى المعاش (التّقاعد)[7].
مارس و لا يزال الإصلاح بين النّاس، و اضطلع به، و جعله شغله الشّاعل، و كأنّه خُلق لأجل لهذه الوظيفة السّامية، الّتي حثّت عليها تعاليم الإسلام السّمحة. و له في هذا السّبيل أخبارٌ و حكايات و طُرفٌ و مُلحٌ.
و قد صلّى التّراويح بالنّاس، بداية من الثّمانينيات من القرن العشرين، و بقي كذلك لِعقود ثلاثة مُتتالية بعدها... و قد عافاه الله من بلايا طُلّاب الدّنيا، و نجّاه من النّكائث، و مساقط الأذى و الرّدى، و ما يُبيِّته العِدا، من شرور و خَنا. و قد أدبر عن دُنيا النّاس الصّاخبة، و زهد في ما يرغبون فيه من مُتعها و ملاذها الزّائلة.
و قد تحدّث إلينا بلسان ذليق، و حدّثنا بطرب و نشوة، عن الحقبة الواقعة بين عامي 1949 م، و 1953 م، الّتي قضاها تلميذًا و طالبًا، بمهوى طُلّاب التّعليم الشّرعيّ و العربي حينذاك من أهل الرّبع النّايلي الظّهراوي ؛ زاوية الهامل، و هي من الرّباطات العلميّة، الّتي قدّمت وظائف و أعمال لا يُستهان، خدمة للدّين و العربيّة و الوطن... و تذكّر أشخاصًا قاموا بتأديبه و تعليمه، حين تلقِّيه بالزّاوية المذكورة، و قد تأثّرت تقاسيم وجهه، حنينًا و تذكّرًا، و هو مُؤجّج الأشواق و العواطف، و لسانه يلهج بالتّرحّم و الثّناء عليهم... كما حدّثنا أيضًا بذاكرة مُشبعة و مُترعة، عن نشأة مدينة حاسي بحبح، و عن حركة العُمران و البناء فيها، و عن العُروش و الفرق (الرّفق) الّتي تقطنها، و هي آهلة بها اليوم، و عن بعض أعيانها و أعلامها و قادة الرّأي فيها، في وقت مضى، و عن قصّة الرّيّاشة تحديدًا،..... و كذا عن بعض العادات الّتي كانت سادرة فيها، منها القائم، و منها الحصيد...
و قد سألته عن طبيعة علاقة عرشه (أولاد شيبوط)، بهذه الزّاوية العريقة، فقال لي : هي علاقة نسب و ودّ و احترام ؛ فأولاد شيبوط هم أخوال الشّيخ المُؤسِّس محاد بلقاسم الهامليّ (ت 1897 م)، و كانت ولادته بأرض جِهتهم، بزاقز الشّرقي[8]، و قد بقيت قيمتهم و حظوتهم قائمة، بوصية منه، و نفّذها القائمون من بعده على شؤون زاويته.
و القاسميون المُدرِّسون في الزّاوية الهامليّة، أثناء نُشوب حرب التّحرير (1954 م 1962 م)، حين تبلبلت الظّروف و الأحوال، بالخوف و الجوع و نقص في الأموال و الأنفس و الثّمرات، و ضجّت الأُمور، و أُخيفت السُّبل، و كثر المُرجفون، أَووا إلى مدينة حاسي بحبح، ينتجعون أهلها، و بها كثرة مُعتبرة، من أولاد شيبوط، كما هُو معلوم... و من هؤلاء القاسميين الشّيوخ المكِّي بن المختار بن محمّد القاسمي الشُّرفي[9] (ت 1967 م)، و أخوه بنعزّوز (ت 1984 م)، و نجله مُحمّد لزهاري (ت 1997 م).
و المُلفت أنّ أكثر أولاد سي محمّد ( بالفتح)، الّذين انتسبوا إلى زاوية الهامليّ، هُم من أولاد شيبوط. و قد عَددنا منهم بعضًا (على التّرتيب الألفبائيّ) :
01) بقّة مُحمّد.
02) خذير بلقاسم بن الخذير و أخويه الشّريف و مُحمّد.
03) ابن دنيدينة عليّ بن محمّد (ت 1920 م)، و قيل (ت 1918 م).
04) عقّوني محمّد بن البشير.
05) فتيلينة الصّحراوي (إسمًا). و قريبه فتيلينة بن علية.
06) قُوق المصفى بن أحمد (مدار مجلسنا).
07) كربوعة سالم. و قريبه كربوعة محمّد بن إبراهيم.
08) لخذاري الحاجّ عليّة بن لخضر. و نجليه عبد القادر (ت 1968 م)، و احميدة (أحمد) الّذي تُوفّي قبل أخيه بسنوات. و كان أعلم منه، كما ذكر صاحب حلقتنا المصفى قُوق.
09) هزرشي عمر بن محمّد (فتحًا) (ت 1956 م). و قريبه هزرشي محمّد (فتحًا).
و لكن للأسف لم يكن تحصيلهم و إنتاجهم ككثرة عددهم، و رُبّما ذلك يعود لأسباب ليس هذا موضع عنايتنا بها.
و في نفس السِّياق تكلّم لنا على أهل الفضل، من أولاد سي أحمد، و أولاد شيبوط، و أولاد العقّون، و أولاد بوشارب، و أولاد لقويني، الّذين قاموا بوقف أراض و حُقول و بساتين و مساكن لهم (حَبوس)، على الزّاوية المُشار إليها غير مرّة أعلاه. و لا تزال بعضها مُستمرّة الحُكم إلى هذا العهد، و قد ترامت إلينا أخبارٌ من غير طريق، تُؤكِّد ذلك و تُثبته.
و في سياق مُغاير تمامًا روّانا أنّه شاهد ناسًا، في سفره و حضره، صغارًا و كِبارًا و أوساطًا، عرف منهم و أنكر، و أحوالاً أثناء مُمارسته للتّربية و التّعليم ؛ تُعطي و لو بشكل مُختصر، ما كان عليه المُجتمع الجزائريّ، في الومضة الأُولى من فجر استقلالنا السِّياسيّ الرّاهن عامّة، و المُجتمع الجلفاوي (الجلفي) القائم آنذاك حديثًا خاصّة، من مُمارسات و تعاملات، و مدى تمسّكه بدينه و بهويته و مرجعيته العربيّة و الوطنيّة، و ما قيمة العلم و المعرفة عنده، و ما على غِرار ذلك، من مُقوِّمات الحضارة و المدنيّة...
و قد أخذني بِشِلْوه، و ذكر لي و هُو مَوْتُورٌ، ما خيّبه ممّا اعترى قطاع التّربية و التّعليم في السّنين الأخيرة، و قد أبهظه ما رأى، و هي صُور مُثخنة بالعجر و الفَسَالة كما روى، و اتّعدنا على لقاء آخر، نتحادث فيه عن هذا الأمر. و لسنا مُلزمين بمعالجة ما ذكر، و الأمر موكولٌ إلى القائمين على هذا السّبيل الضّروريّ في بناء المُجتمعات.....
و في جوانب حديثي إليه، سألته عن علاقته المودودة[10]، بالشّيخ الفاضل شحطة المصفى بن الطّيّب الحمدي المحمدي النّايلي[11]، فحكى لي شيئًا ممّا وقع بينهما، و هُو ممّا يقع عادة بين الأقران و الأتراب. و علاقتهما لا تزال قائمة بالمحبّة و التّواد و التّواصل.
و قد زوّدنا بأشياء تمور بالفوائد، نتهدّى بها إلى معرفة أشمل و أوضح، بتاريخ ثقافة منطقتنا، بجناحيه الإسلاميّ و العربيّ، الّذي غفله و استغفل عنه، أكثر من يزعمون أنّهم مُؤرِّخون، بمنطقتنا (الجلفة)، من حملة الشّهادات العُليا، من خرِّيجي الكُلِّيات و الجامعات. و هُم ليسوا مُؤرّخين، إنّما هُم في أكثر الأحوال قُرّاءٌ لِكتب التّاريخ فحسب.
و قد صحّ و ثبت ما جاء في هذا المجلس مُختصرًا.
هذا، و قد قال البَكري[12] : ((إنّ للعلم آفة و نكدًا و هُجنة و استجاعة. فآفته نسيانه. و نكده الكذب فيه. و هُجنته نشره في غير أهله. و استجاعته أن لا تشبع منه.)) اه.
و الحمد لله حمدا مُباركًا مُبالغًا فيه، و هُو حسبي و كفى، و الصّلاة و السّلام على سيّدنا مُحمّدٍ، و على آله و صحبه الطّيّبين الأطهار الّذين اصطفى.
الباحث "سعيد هرماس" رفقة الشيخ "قوق المُصفى"
هوامش
1 و قد يتعاقب على القراءة في المجلس الواحد أكثر من واحد. و الله أعلى و أعلم.
2 كاتب السّماع أو الطِّباق، أو يُقال له مُثبت السّماع. قال أهل العلم : هُو الّذي يتولّى كتابة و تقييد السّماع، و قد يكون هُو المُسمع عليه نفسه. و قالوا : الطِّباق جمع طبقة، و يُراد به من دُوِّن إسمه في الرُّواة المُشاركين في السّماع. و قد وضع المُحدِّثون شُروطًا لكاتب الطِّباق. و الله أعلى و أعلم.
3 قال الإمام ابن الصّلاح : (يكتبون لابن خمسٍ فصاعدًا (سمع)، و لِمن لم يبلغ خمسًا (حضر)، أو (أُحضر).) اه. و الله أعلى و أعلم.
4 على الأقلّ في حُدود منطقتنا الواسعة. و مُصطلح العالم كما لا يخفى هُو مُصطلحٌ نسبيٌّ و تقديريٌّ. و ليس بالإلزام أن يتّفق النّاس على ذلك، لكن الواجب هو الاحترام و عدم الازدراء و الحطّ من القدر و المكانة، كما هُو واقع اليوم بين أفراد مُجتمعنا الجلفيّ (الجلفاويّ). و الله أعلى و أعلم.
5 أثناء وُجوده بفرنسا عُرضت عليه فُرصة الالتحاق بالأزهر بمصر للدّراسة. لكنّ الظّروف لم تُسعفه (و كانت هي الخائبة، و لكن قدّر الله و ما شاء فعل) ؛ و منها أنّ والده أبى، و طلب منه العودة إلى أرض الوطن، بعدما أرسل إليه رسالة خطّيّة، يطلب فيها إليه، أن يأذن له بالسّفر إلى أرض الكنانة، مُتوجِّها إليها من العاصمة الفرنسيّة باريس، الّتي نزل بها دُون علم والده المذكور، و لِحاجة في قلبه قضاها. و الله أعلى و أعلم.
6 لقد رُوِّينا من طريق الثِّقات أنّ الّذين تُقبل شهادتهم و تزكيتهم، لمن أراد الالتحاق بسلك التّعليم، أو بسلك الشّؤون الدِّينيّة، إبّان العقد الأوّل بعد الاستقلال، بمنطقة الجلفة، و قد ركنت الدّولة إلى حُكمهم ؛ هُم ثلاثة : الشّيخ القاسمي بن عزّوز بن المُختار (ت 1984 م)، بمدينة حاسي بحبح، و ما إليها ؛ كحاسي العشّ، و بويرة لحداب، و حدّ الصّحاري، و العُقلة، و البيرين، و عين وسّارة، و سيدي لعجال، و القرنيني، و الزّعفران، و غيرها. و الشّيخ مسعودي عطيّة بن مُصطفى (ت 1989 م)، بمدينة الجلفة، و ما إليها من مُدن و بلدات و قُرى. و الشّيخ دحمان أحمد بن عبد القادر، المعروف بأحمد بن دحمان (ت 1978 م)، بمدينة مسعد، و ما إليها ؛ على غِرار عين الإبل، و سدّ رحّال، و دلدول ، و زكّار، و قطّارة، و عمورة، و فيض البطمة، و المُجبارة، و المليليحة، و غيرها. و الله أعلى و اعلم.
7 هذه التّرجمة مأخوذة منه سَماعًا، صباح يوم السّبت 20 ذي القعدة 1438 ه، المُوافق 12 أوت2017 م، بمسكن الإخوة قُوق من ذُرِّية عبد القادر (رحمه الله رحمة واسعة، و وسّع له في قبره)، من بيت الفرافريّة، بشارع هوّاري بُومدين، بالحيّ الإداريّ، بوسط مدينة حاسي بحبح، بولاية الجلفة.
8 ليس لدينا ما يثبت كتابيًّا، أنّ أخوال الشّيخ مُحمّد بن أبي القاسم الهاملي (رحمه الله)، هُم من أولاد شيبوط. لكن بين أيدينا روايات مكتوبة و شفويّة، تُفيد أنّه وُلد بالحامديّة، و هي بادية تقع قرب جبل تاسطارة (طاسطارة) بدار الشيوخ بولاية الجلفة، و قيل بالخرزة بالرّيّان، و قيل بفيض طراد (اطراد)، بزاقز الشّرقي. و كُلّها مناطق واقعة في حيّز أولاد سي محمّد (فتحًا)، من النّوايل الأشراف.
9 نسبة إلىى شُرفة البوازيد من ولد بُوزيد بن عليّ الإدريسيّ الحَسني. و الله أعلى و أعلم.
10 من الودّ و الودادة. و الله أعلى و أعلم.
11 و هو أحد فُضلاء الجلفة، و قد تخرّج بزاوية الهامل، و زاول مهمّتي التّعليم و الإمامة للنّاس. و هُو لا يزال على قيد الحياة، و قد أسنّ. راجع كتابنا " من فُضلاء منطقة الجلفة من 1861 م إلى مطلع القرن الحادي و العشرين ".
12 إمّا أن يكون هو : أبو عليّ الحسن صدر الدّين بن محمّد البَكري الدّمشقي (ت 656 ه / 1258 م) المُحدّث و المُؤرّخ المعروف. أو يكون هو : أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز البَكري القرطبي الأندلسي (ت 487 ه / 1094 م). و هو أديبٌ و مُؤرّخٌ و جغرافيٌّ كبيرٌ. و أخاله الثّاني. و هُنالك بَكريون آخرون، من أهل العلم و الأدب. و الله أعلى و أعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.