بينما تتضارب الآراء حول وصف "الرئيس السوري" ب "الرئيس الدكتور" أو "الرئيس الدكتاتور" رغم أنّ الصفة الأولى يفترض أن تلغي الثانية إلاّ في عالمنا العربي الذي لا يقدّر عالماً؛ تتضارب الآراء كذلك وبنفس الحدة حول مدى توافر تلك الصفتين في منصب رئيس الجامعة، والذي يصفه المقال ب "الرئيس الصوري" على اعتبار أنّ من يتولى مقاليد رئاسة الجامعة عصابة تضاهي عصابة "الرئيس السوري" خطورة ومكراً..؟! وحيث أنّ الحدث يصنع نفسه حول ما قيل أو ما يقال بالنسبة للرئيس "السوري"، فإن الحدث بالنسبة للرئيس "الصوري" يصنعه آخرون، اختاروا بدقة توقيته في غفلة محاضر الخروج بالنسبة للأساتذة والموظفين، وفي غمرة الابتهاج بالنسبة لحاملي شهادات الباكالوريا وأوليائهم، ابتهاج الاحتفال بالانتقال التاريخي – ما عدا BAC 2007 المشؤوم – من المرتبة الأخيرة إلى ما قبل الأخيرة في كافة التراب الوطني..؟! فإننا نحاول تتبّع أثر عملية الاستنساخ التي يحاول صانعوا الحدث بواسطتها الانتقال عبر التاريخ من تجربة "رئيس سوري" إلى "رئيس صوري"، وعبر الجغرافيا من "دمشق" العروبة إحدى عواصم الخلافة الإسلامية أيام التمكين، إلى "الجلفةالجديدة" التي تظل صفتها "الجديدة" شاهدا على مدى عراقتها وتأصلها في المجتمع الجلفاوي..؟! إنّ الملاحظ لمسيرة كلى الرئيسين سورياً كان أم صورياً، يستشف تشابها كبيراً – مع الفارق – وأنّ لهما نفس المسار ونفس المصير..؟! فالرئيس "السوري" جاء على أنقاض دستور معدّل مكّنه من وراثة الحكم والحفاظ على استمرارية نظام سلفه وهيبة دولته؛ مثلما اكتشفنا متأخرين أنّ قرار تعيين الرئيس "الصوري" مكّن هو الآخر من استمرار النظام السابق مع تغيير طفيف على الواجهة وتقاسم خفي للأدوار، وأنّ بذور الفساد المزروعة من وقت سالفيه، لا تزال تهيمن على مقاليد القرار بوجوه بدت في حينها مختلفة، ليفعل عامل الزمن فعلته في تذويب مساحيق التجميل التي تسترت تحتها تلك الوجوه.. ومثلما حافظ نجل "حافظ" على حكمه وحكم سلفه باستخدام النعرة الطائفية، حافظ نظيره – من حيث لم يحافظ – لفترة معتبرة على حكمه وحكم أسلافه بذات الأسلوب، حيث لا يتناطح عنزان – كما يقال – حول جلاء حقيقة العروشية وأغلوطة التوازن الجهوي التي استخدمها مثلما استخدمها أسلافه البائدون .. والتي لا تُمت بأي صلة للصرح الذي يتربّع على عرشه، ولا لأي ميثاق أو عرف سوي، لاتصافها بالنتنة من لدن أشرف البشر،.. وإذا كان البعض يزعم أنّ "الأسد الأب" اطمئن على مآل الحكم لابنه "الشبل" بعدما أتم مدارسة جملة مؤلفات روسية سورية في السياسة والإدارة وهو الطبيب الذي لا يمت بصلة لهما؛ فإنّ الأكيد أنّ "سباع الجامعة" اطمئنت على استقرار نفوذها بعدما لقّنت "سبعها" وتم تحت إشرافها مدارسة كتاب وحيد يحمل عنوان: " كيف تنتقل من مجرد رئيس مؤقت إلى رئيس مرسّم في الجامعة: الوصايا العشر.." والذي من أهم ما ورد في وصاياه: « .. إذا ظهرت إحدى هذه النبوءات في إدارتك؛ أبشر أنت مؤهل لأن ترسم في منصبك: · انفجار "وشيك" في كلية العلوم يجب أن يظهر على أنه "صوري". · انفجار "صوري" في كلية الحقوق والعلوم السياسية يجب أن يظهر على انه "وشيك". · تطاحن إداري ظاهر وخفي في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية. · تعديلات موعودة في كلية الاقتصاد يجب أن تبدوا ضرورية لتبرير التعديلات في كلية الحقوق. · نسبة نجاح 100% وبأي وسيلة خاصة بالنسبة لطلبة BAC 2007 بما في ذلك مرحلة الماستر، حفاظاً على شعور الوزير "الدكتور" أو "الدكتاتور" في إطار السياسة العامة لتهدئة الأوضاع واستتباب الاستقرار. · ... » وبينما صفّق ولا يزال يصفق المحيطون بالرئيس "السوري" لدى كل خطاب وبعد كل مبادرة، صفّق ولا يزال يصفق المحيطون بالرئيس "الصوري" من غير أي خطاب وبدون أية مبادرة، بل ويتدافعون بعفويتهم المعهودة إلى بهو الرئاسة للتنافس وإظهار الود والابتهاج لترسيمه، رغم أنهم في عطلة "مقدسة" مثلما يردد بعضهم حينما يطلب منه تقديم خدمات للمتعاملين مع إدارته التي يشرف عليها في هذا الوقت، حتى أولئك الذين جفاهم وُده وخارت ذكراهم في تلك البناية، علهم يسترجعون وصالاً وهيهات أن يعود الوصال فلسان حالهم يقول: مشكلة الدور جرت بيني وبين من أحب لولا مشيبي ما جفى لولا جفاه لم أشب لكن الفرق؛ هو أنّ عدد المصفّقين للرئيس الأول في تناقص كلما تجاوزتهم الأحداث، بينما يزداد عدد المصفقين للثاني في تجاوز منهم للأحداث، بعدما كانوا قبل أيام فقط يهمسون في كل المقاهي ما عدا مقاهي الإنترنت بعبارة "مات الملك" في اعتقاد منهم بأنه سوف يكون كبش فداء لتلك الأوضاع الموبوءة التي اختلقوها والتي لا يمكنهم العيش إلاّ في كنفها وباستنشاق عفنها، صارخين هذه المرة بأعلى أصواتهم وبكل ما جادت به قرائحهم "عاش الملك"، وهو حريصون كل الحرص على أن لا يقرأ "سبعهم" الجزء الثاني من الكتاب المقرر: " كيف تنتقل فجأة من رئيس مرسّم إلى اللاّ رئيس: إحذر المصفقين..؟!".. وهرع على خطاهم الكثير من المغلوبين على أمرهم في صورة مشابهة تمامًا لتلك الصورة التي تدافع فيها المواطنون على شبابيك الضرائب لدفع قسيمة السيارات التي غضت عنها الدولة الطرف لأسباب معروفة واستردت بعد ذلك هيبتها عن طريقها لنفس الأسباب.. وإذا كان هناك اختلاف في وجهات النظر حول سلوك كلى الرئيسين لنفس المسار؛ فإنّه ما من خلاف حول لقاء كليهما نفس المصير.. حيث يتهاوى عرش الرئيس "السوري" رغم دعوات الإصلاح، لا لأن "الدكتور" فاسد حاشا لله، وقد عرفت سورية خلال فترة حكمه تحسناً ملحوظاً، ورغم مواقفه المشرّفة تجاه قضايا الأمة العادلة، لكن لأن محيطه فاسد وعصابته مستمرة من أيام والده "الدكتاتور"، وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس "الصوري" حيث نتوقع جازمين أن يتهاوى عرشه، رغم دعواتنا له بالصلاح، لا لأن "الدكتور" فاسد حاشا لله، وقد عرفت الجامعة خلال الفترة الأولى من توليه المنصب تحسناً ملحوظاً، ورغم كونه ابن عائلة محترمة، لكن لأن محيطه فاسد وعصابته مستمرة من أيام سلفه "الدكتاتور".. إلاّ أن ينتبه النائم من غفلته، ويستيقظ الجواد من كبوته، ويتخلى عن تلك الصفة الذميمة باعتباره رئيساً "صوريا"، ويشغل فعلاً منصب الرئاسة، حيث لم تعد له حجة بعد الترسيم، وهو يعلم أنّ لديه أزيد من 50 متصرفا إدارياً مهمشين مغيبين، وأنّ غالبية من موظفيه تريد الإصلاح، وأنّ الشرذمة التي تُحكم الطوق حول رقبته وتحرص على استمراره "صوريًا" هم أقلية، وذلك بمجهود بسيط جدا: هو أن يعمل في وضح النهار، وأن ينجز كافة الصفقات والتوظيفات والتعيينات في المناصب العليا تحت الضوء؛ لأن الصراصير والخفافيش عشاق الظلام الذين اعتادوا على طريقة التسيير الليلية جبناء إذا رأوا منه عزيمة وإصراراً، ولا يملكون أي شيء عندما تطلع الشمس إلاً التصفيق، ولسوف نراهم يصفقون.. هذا لأن لا مجال للشك في أن القانون الرباني والسنة الكونية التي لا تحابي أحداً متحققة لا محالة، كيف لا وقد قرّر ذلك من فوق سبع سموات العزيز المقتدر: ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾