إذا كان يحلو للكثير اليوم أن يرى أن انتقال كثير من الأشخاص من حزب سياسي إلى حزب آخر، ورحلتهم من أقصى الشّمال إلى أقصّى اليمين و من ليبرالي متعصّب إلى اشتراكي حتى الثّمالة، و من علماني إلى إسلامي متطرف أو معتدل!. و أن يعبّر عنها بالسّياحة السّياسية، فإنّه على الشعب أن يقنّن عزلا سياسيا في حق هؤلاء السّواح غير المرغوب فيهم كل خمس سنوات. وليقم بإحصائهم (والخاء بدل الحاء) في الاستحقاقات القادمة لإقصائهم. فليسوا وحدهم رجال الجزائر، بل ليس حتى أفضل من كثير من النساء اللواتي هنّ نساء، فلو كانت النساء كمن فقدنّ لفضّلت النساء على هؤلاء (أشباه) الرجال. تلون الحرباء و السّياحة السّياسية إن المتتّبع للساحة السياسية في جزائر الاستقلال يرى أن بشرا ليسوا من شاكلتنا يتلونون تلون الحرباء في كل موعد انتخابي، حيث لا مبدأ و لا أخلاق، بل و لا حياء،، فهم الذين تصدّروا قوائم أحزابا لائكية بالأمس القريب،وقبلها الله يعلم أين كانوا؟ و الآن هم يتدافعون على مكاتب الأحزاب الإسلامية، خاصة و أن شهية النفاق السياسي فُتحت في ظل حراك الرّبيع العربي مع وصول الكثير من الحركات الإسلامية إلى الجلوس تحت قبة البرلمان في بلدان عربية كثيرة، فالكثير من هؤلاء البشر (الحرباء) فاقوا في تلوّنهم هذه الأيام، هذا الحيوان الذي قضى الله له أن يتكيّف مع الطبيعة ، فمنهم من أصبح لا يكلمك إلا على الأمانة و خدمة الأمة لوجه الله، و يبدأ كلامه بالبسملة، و يتوسطه بالصلاة على النبي (وما أدراك إذا صلى على النبي؟!) و يختمه بسورة العصر ، بل إن البعض قصّر ثوبه و هو الذي له قصور في فكره و مبادئه أصلا، و البعض الآخر أصبح حمامة المسجد في الصفوف الأولى، و يسلم على كل قريب وبعيد، جالس و قائم، و قد أسدل لحيته فطالت؟!، وقد كان لسانه بالأمس قد تطاول على كل ماهو إسلامي ووطني، بل وحتى على حرمة الثورة والشهداء، و البعض منهم أصبح أكثر وطنية من كل وطني، و أنا- هنا- لا أشكك في النوايا، بل إذا كان هؤلاء هذه حقيقتهم- هذه الأيام- فليلزموا بيوتهم، و ليمسكوا ألسنتهم، وليدعوا للبلاد بالخير والرفاه والاستقرار، فعيب أن يصير الواحد منهم متعدد المواهب و الاختصاصات، و كأنه هو الرجل الوحيد في قريته أو في مدينته، فهؤلاء لا يرون إلا أنهم وحدهم الصالحون لكل شيء، وفي كل زمان ومكان، و أنهم أرباب المجال السياسي و هم...و هم... باختصار حرباء بشرية تعمل بكل ألوان الطيف الحزبي، فقد أفسدوا المشهد السياسي، وأفقدوا الناس الرغبة في ممارسة الحق الانتخابي وزهّدوا الشعب في كل تغيير آت. الشعب... و قانون العزل السياسي: في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها المشهد الدولي و الوطني فإن الشعب بدأ يعّي ضرورة التغيير بالوسائل السلمية و حتميتها عن طريق الانتخاب- رغم بروز الانتهازيين الجدّد- فإذا كانت نفس الوجوه تتصدر القوائم الانتخابية و بنفاقها السياسي المعهود و شراء المراتب الأولى بتسلقها كل مرة إلى رأس القائمة هنا وهناك، و خاصة في الأحزاب الجديدة المعتمدة التي تبحث لها على الانتشار الأفقي في الساحة السياسية الحزبية، و بخاصة منها الإسلامية و الوطنية، فلتحذر هذه الأحزاب من تسلق هذه الفئة البشرية إلى قوائمها لكي لا يفقد الشعب فيها ما بقي من ثقته في الأحزاب الفاعلة، و حينها على الشعب أن يشكل حزبا باسم (حزب الشعب ) وينتخب نفسه بنفسه وبالطريقة المُثلى التي يراها مناسبة وقتئذ، ويقرر عزلا سياسيا لهؤلاء الثعالب البشرية التي تعطيك من طرف اللسان حلاوة، و لها عبر تاريخها السياسي رواغان الثعالب، وعذرا للحاج –رحمه الله- ومحبيه على اقتباس اسم الحزب مع حفظ المقامات وحق الملكية الفكرية، وعذرا للشاعر العربي أيضا. وإذا ما تكررت نفس الأسماء التي اعتادها الشعب في كل مناسبة كان يأمل فيها التغيير فإنّ على الجزائر والانتخابات السّلام، وما على الأحزاب القديمة والجديدة إلا أن تغربل قوائمها من هؤلاء(الحثالة) الصالحين لكل المبادئ والأفكار، والأمكنة والأزمنة، والذين لهم من الأقنعة ما يكفي لأجيال، و إذا ما تكررت نفس تجارب الماضي بنفس الوجوه (المشوهة من كثرة عمليات التجميل، والمساحيق في كل دورة انتخابية) ولكن (هل يصلح العطّار ما أفسد الدهر..)!!وعذرا للشاعر العربي مرة أخرى!. فعلى الشعب أن يعزلهم سياسيا - ولا يقاطع الاقتراع- ،بل يختار قائمة النزهاء من الأحزاب والقوائم الحرة، حتى وإن كانت تخالف قناعاته، لأن اختيار الرجال والنساء للمرحلة القادمة في تاريخ جزائر الاستقلال هي الوسيلة الوحيدة للتغيير المنشود. الطحالب السّياسية... و سياسة التسلق: قبل الاستحقاقات السياسية و الانتخابية في الجزائر بدأت أعناق كثير من الطحالب البشرية- كما قلت- تشرئب إلى خوض هذه الاستحقاقات وفق قاعدة كل الطرق تؤدي إلى البرلمان، و انتهاج سياسة الغاية تبرر الوسيلة، و الوسيلة الآن هي التلاعب بمشاعر الشعب الناخب ليكون سُلما و طريقا ممهدا إمّا طريقا - سياسيا أو مزدوجا أو سيّارا؟!- المهم أن اتجاهه لا يخطئ شارع زيغود يوسف بالعاصمة. و على هذا الأساس فإن الكولسة السياسية بدأت تنشط- هذه الأيام- في ظل غياب الوعي أحيانا لدى كثير من الأحزاب و إطاراتها بطرق و وسائل هؤلاء و خداعهم في ترشيحهم على رأس القوائم، و قد قلت- سابقا- أن هؤلاء الأشخاص- المتسلقون- ربما تكون نواياهم صادقة، و توبتهم على مبادئهم السابقة كذلك صادقة، فلتكن أماكنهم في صفوف هذا الحزب أو ذاك في الوسط أو يعمل أحدهم جنديا في حزبه الجديد أو القديم لا أن يكون في الصفوف الأولى في القيادة أو على رأس القائمة، بل إن البعض يساوم كل الأحزاب على المراتب الأولى في القائمة و إلا رفض الترشح، وأيما حزب قبله فهو منهم، إنّهمُ.... بل همُ .... الآية !!فلا مبدأ له و لا شخصية، ولا قناعة حزبية أو سياسية، فكيف يكون غدا هذا (الطحلب) مدافعا على حقوق الشعب و هو أصلا لا مبدأ يحمله و لا حتى ثقافة سياسية واعية على الأقل؟ فمثل هؤلاء اليوم هم الذين يملئون الحياة السياسية قبل الاستحقاقات الانتخابية خاصة منها- التشريعية- صراخا و يتباكون على المبادئ و على ضياع حقوق المواطن، وعلى ضياع الجزائر في يد الفاسدين. فهنيئا يا جزائر جاءك المخلّصون، و لله في خلقه شؤون... غياب الرؤية السياسية... و سلبية المخلصين في ظل هذا الانتشار لمثل هذه الحشرات السياسية الضارة التي خلا لها الجو فكثّرت فراخها، و روائحها النتنة أزكمت أنوف المخلصين من الإسلاميين و الوطنيين وغيرهم وهم كثير... و مما تعيبه كثير من الفئات الشعبية غياب المخلصين على اختلاف اعتقاداتهم و مشاربهم على خوض غمار لعبة الساحة السياسية، فلا مبرر للأحزاب إلا أن تقحمهم معها في هذه الاستحقاقات بكل الوسائل، و لا مبرر لهؤلاء المخلصين القادرين على المساهمة الفعّالة في بناء الدولة الجزائرية أن يتواروا على الأنظار، أو أن ينسحبوا من هذا العمل الوطني و الذي أصبح واجبا دينيا ثمّ وطنيا.ولا يجوز لهم ترديد قول الشاعر: إذا سقط الذباب على طعام رفعت عنه يدي ونفسي تشتهيه وتأبى الأسود وُرود ماء إذا كانت الكلاب ولغنّ فيه و قد يقول قائل إن الفساد قد استشرى في جسد الدولة سواء على مستوى دوالب الدولة أو في إداراتها، و أن فئات كثيرة من الشعب هي الأخرى انغمست في هذه الدّوامة من الفساد، و أن "الفساد ظهر في الدولة والشعب على حد سواء وفي "البر و البحر.." بما عاثت به يد المفسدين فيه والعابثين، و لا يمكن أن يكون هناك أي تغيير في ظل هذه المعطيات، و لكنّي أرى أن هذه الرؤية السوداوية، و هذه السّلبية للقادرين على المسؤولية و تهرّبهم منها هي التي أزّمت الوضع، و"إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، فأول بداية التغيير هي الرغبة في المشاركة من طرف هذه الفئات المخلصة القادرة على الفعل، و لكن سلبيتها المستدامة هي التي زادت الأزمة تأزّما، و الجزائر تكون بمثل هؤلاء الرجال و النساء، فعلى هؤلاء(القادرين والقادرات) أن يشاركوا ويشاركنّ المخلصين والمخلصات في بناء الجزائر، و على الأحزاب أن تفتح قوائمها لهؤلاء أو أن تسعى إليهم- كما قلت سابقا-، أما إذا تكرّست الرداءة هذه المرة في التشريعيات والمحليات القادمة، فإنّي أرى سماء مُكفهرة و مستقبلا ملبدا بغيوم عدم الثقة بين القمة و القاعدة لفترة طويلة أو لجيل على الأقل إذا بقيت دار لقمان على حالها