في اطار البرنامج المسطر للاحتفالات المخلدة لإحياء الذكرى ال 50 لعيد النصر تحت شعار " 19 مارس فجرٌّ جديد" من طرف وزارة المجاهدين الموافق ليوم 19 مارس من كل سنة، نظمت ملحقة متحف المجاهد مساء اليوم الأحد 18 من مارس ندوة تاريخية بحضور أعضاء من الأسرة الثورية من بينهم المجاهد "هرام لخضر" و جمع من الطلبة و عمداء من الكشافة الإسلامية و مدير دار الشباب بحي الظل الجميل، ألقيت خلالها محاضرة تناولت مختلف المحطات المتعلقة بأحداث الثورة من طرف كل من دليوح حميد أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر و بن قيدة المسعود مدير المتحف، تخللتها مناقشات من طرف الحاضرين و استفسارات وجِهَّت للمداخلين . الاستاذ دليوح حميد : يوم النصر... يوم مشهود أول ما تطرق له الاستاذ هو التعريف بعيد النصر و ذلك من خلال طرح الأسئلة التي هو بصدد مناقشة ايجاباتها متمثلة في السبب الذي قاد إلى عيد النصر؟ والأبعاد والظروف التي اختير فيها هذا اليوم بالذات يوما وطنياً للنصر؟ و إلى من يعود الفضل في الانتصار الوطني؟ اعتبر المتدخل أن 19 مارس 1962 هو تاريخ توقيف القتال بالجزائر بعد التوقيع الرسمي على اتفاقيات إيفيان، و هو يوم حققَّت فيه الثورة الجزائرية ما ناضلت من أجله أجيال منذ 1830 توِّجت بنضال وجهاد جيل نوفمبر المجيد، بحيث انتزع استقلاله واسترجع سيادته بعد تضحيات جِسام بلغت مليونا ونصف مليون شهيد ، و هي ذكرى تمَّ فيها تكريس الفكرة التي برزت إلى الوجود أصلا مع اعلان أول نوفمبر 1954 والذي اعتمد نصها على تدويل القضية الجزائرية كوسيلة من وسائل كفاح الثورة التحريرية. و عن فضل الانتصار الوطني تحدث الاستاذ عن التسيير السياسي و العسكري لثورة اول نوفمبر و دور العامل البشري أو الأشخاص اللذين فجروا الثورة و ظروف ميلاد المنظمة العسكرية السرية الجزائرية التي كانت من أهدافها خلق مخازن للأسلحة في مختلف أرجاء القطر الجزائري وتدريب أعضائها على استعمال السلاح للاستعداد للثورة المسلحة... و عن الصراعات الداخلية أشار المتحدث ان الثورة الجزائرية قد عانت في هذا كثيرًا ، و من ابرز الصراعات التي كانت قائمة تلك التي قادها مصالي الحاج وأنصاره حيث رفضوا الإندماج في جبهة وجيش التحرير الوطني وأسسوا الحركة الوطنية الجزائرية، التي أصبحت عدوًا وخصمًا لجبهة التحرير الوطني أثناء كفاحها المسلح، إلا أن البعض من أعضائها تدارك الأخطاء وانضم إلى الثورة. السيد بن قيدة المسعود: المفاوضات الفعلية ...السرية و العلنية ركز المحاضر في حديثه عن الثورة أن المفاوضات كانت مطلبًا جزائريا حين رفضت فرنسا ذلك و اتهمت الجزائريين بقُطّاع الطُرق و الارهابيين و "الفلاقّة" و رغم ذلك تغلب الرأي الجزائري في النهاية و أسهب المتحدث أن المفاوضات قد انقسمت إلى مرحلتين : أولا: مرحلة المفاوضات السرية الأولية لجس النبض وفيها وقعت اتصالات مبكرة منذ 1956 بالقاهرة و بلغراد و الجزائر، كما جرت مفاوضات ب "مولان" من 25 الى 29 جوان 1960 و باءت بالفشل بسبب تشبث كل طرف بمطالبه و سوء نية فرنسا. ثانيا: مرحلة الاتصالات السرية و تمثلت في مفاوضات لوسارن يوم 20 فيفري 1961 و لوشاتل في 5 مارس 1961، و قد ميزها تباعد وجهات النظر في المواقف الفرنسية و الجزائرية حين طالبت فرنسا بتقسيم الجزائر ليؤكد المفاوضون على ضرورة و شرط السيادة الكاملة و ضرورة إقرار وقف إطلاق النار. ثالثا: مرحلة المفاوضات الجدية و بدأت بإيفيان الأولى يوم 20 ماي 1961 إلى غاية 31 جوان 1961 و ترأس الوفد الجزائري خلالها "كريم بلقاسم"، أما الوفد الفرنسي فترأسه "لويس جوكس"، و توقفت المفاوضات في جويلية و أوت 1961 بسبب فكرة فصل الصحراء و تجريد جيش التحرير من السلاح، و تواصلت المفاوضات في لوغران و بال و لي روس في فيفري 1962، و بعد اعداد الأرضية الأولى للإتفاقيات اجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية بين 22 و 27 فيفري 1962 لدراسة نص الاتفاقيات و صادق عليها (المسودة) بالأغلبية ، و افتتحت المفاوضات من جديد بإيفيان الثانية بين 7 و 18 مارس 1962 و انتهت بتوقيع اتفاقيات ايفيان على أن يبدأ في تنفيذ وقف إطلاق النار يوم 19 مارس 1962. وفي الأخير قال السيد "بن قيدة" بأن هذه المفاوضات توَّجت بانسحاب جيش الاحتلال وأُرغمت فرنسا على الاعتراف بالسيادة الوطنية للجزائر دون انتزاع أي جزء من إقليمها. و اختتم بأنه و بالرغم من مرور 50 عاماً على توقيع هذه الاتفاقات التي كرست سيادة الجزائر، تعود كل يوم 19 من شهر مارس من كل سنة في ذكراها معززة الاعلان عن جزائر حرة مستقلة بتضحياتٍ جِسام ، ومعاناة تحت نير الاستعمار زهاء 132 سنة.