تستقطب الأسواق اليومية والأسبوعية وكذا مستودعات بيع الإسمنت ومواد البناء والدقيق العديد من الاطفال أين وجدنا العديد منهم يعملون في مجال حمل أكياس الإسمنت أو الدقيق على عربات يدفعونها أو يجرونها على مسافات طويلة تعد بالكيلومترات تعيش آلاف العائلات المعوزة عبر مختلف المناطق النائية وحتى داخل المدن الكبرى بولاية الجلفة حياة قاسية وحرمانا حقيقيا تحت وطأة الفقر المدقع والحاجة بالرغم من الجهود المبذولة من أجل خلقة تكفل حقيقي بهذه الفئات التي لا تجد إمكانية تغيير وتحسين أوضاعها المعيشية المزرية , مما اضطر السواد الأعظم من هذه العائلات إلى دفع إلى ممارسة أي عمل وفي أي مكان حتى ولو كان ذلك على حساب صحتهم في المزابل و المفارغ العمومية حيث تكون في الغالب هذه هي الوسيلة الوحيدة والحل الأنجع لسد رمق العيش وضمان استمرارية الحياة رغم أنها موجعة ومؤلمة , والملاحظ في السنوات الأخيرة دخول نسبة كبيرة من الأطفال إلى عالم الشغل في سن مبكرة أغلبهم أجبرتهم الظروف المعيشية القاسية إلى مغادرة مقاعد الدراسة . أثناء تجولنا في مختلف أحياء ولاية الجلفة ومدنها الكبيرة مثل عين وسارة , حاسي بحبح , حد الصحاري ومسعد لا حطنا تزايد عمل نشاط الأطفال خاصة مع حلول فصل الصيف منهم من يعرض سلعته المتمثلة في مواد غذائية وخبز إلى غير ذلك مستعملين عبارات تستعطف المارة وتجلبهم لشرائها وآخرون أنشئو طاولات لبيع السجائر أمام المقاهي وفي محطات سيارات الأجرة وهناك وجدنا الطفل بدر الدين الذي لم يتعد سنه ال 14 سنة سألناه عن الدوافع والأسباب التي جعلته يعرض نفسه لأشعة الشمس الحارة من أجل بيع بعض السجائر قد لا تعود عليه بفائدة محترمة فأجابنا بأنه تلميذ نجيب لا يقل معدله الفصلي عن 16 / 20 وان السبب الحقيقي الذي دفعه إلى العمل هو الحالة الإجتماعية التي تعيشها عائلته بعد وفاة والده إذ اضطرت أمه التي أرغمها الفقر إلى الخروج والعمل كمنظفة في إحدى الإدارات العمومية في إطار الشبكة الإجتماعية وأصبحت لا تقدر على تلبية طلباته وإخوته الأربعة ' هذه الظروف التي أقل ما يقال عنها انها صعبة للغاية اضطرته إلى البحث عن أي عمل وكونه صغير السن ونحيف الجسم لم يجد سوى بيع السجائر في محطة سيارات الأجرة حتى يتمكن على الاقل من مساعدة والدته على شراء بعض الملابس والادوات المدرسية لإخوته رغم المخاطر الكبيرة خاصة درجة الحرارة المرتفعة التي يتعرض إليها يوميا والتي لم تشكل أي عائق امامه . " حمالة " في الأسواق اليومية والاسبوعية تستقطب الأسواق اليومية والأسبوعية وكذا مستودعات بيع الإسمنت ومواد البناء والدقيق العديد من الاطفال أين وجدنا العديد منهم يعملون في مجال حمل أكياس الإسمنت أو الدقيق على عربات يدفعونها أو يجرونها على مسافات طويلة تعد بالكيلومترات مقابل مبالغ مالية زهيدة جدا , هناك وجدنا الطفل جمال نحيف الجسم يجر عربة كان بها 8 أكياس من الإسمنت أي ما يعادل 4 قناطير كان يتعذب في جرها تارة ودفعها تارة أخرى شدنا مظهره اقتربنا منه واستوقفناه لنمنحه قسطا من الراحة من جهة ونسأله نفس السؤال الذي وجهناه لبدر الدين إذ لم يتأخر في إخبارنا بأن والده سبقه يفع عربة أخرى محملة بنفس الكمية لأنه لم يجد عملا يوفر من خلاله بعض متطلبات العيش الكريم لأبنائه وزوجته وعن فترة عمله قال بأنه طوال أيام السنة على هذه الحال منذ بزوغ الشمس إلى غروبها سواء في الشتاء وبرده القارص أو في الصيف وحرارته القاتلة " واش ندير .. إذا لم أعمل وأساعد والدي على الحياة فسوف نموت جوعا ولا احد سيهمه أمرنا .." بهذه العبارات المؤثرة فارقنا جمال ويهو يلهث بالرغم من أنه أخذ قليلا من الراحة ليعود مجددا عله يجد زبونا اخر قبل ان يسبقه أحد الاطفال المرابطين أمام المستودع , نفس الشيء بالنسبة للأسواق اليومية والاسبوعية التي يقصدها مئات الأطفال باكرا من الرابعة صباحا حيث يعملون كحمالين خاصة مع أصحاب شاحنات الخضر والفواكهالذين يعتمدون على البيع بالحملة . البعض الآخر من الأطفال الذين اختاروا عالم الشغل في سن مبكرة أصبحوا يمارسون مهنة حراسة السيارات في مختلف الأحياء الكبيرة وأمام الإدارات العمومية إذ جعلوا من هذه المهنة مصدر رزقهم الذي يعينهم على تغطية بعض المصاريف اليومية لعائلاتهم , أما إحدى الإدارات العمومية في شارع يعج بالحركة وجدنا أخوين لم تحفظا على ذكر إسميهما يحملان عصي خشبية قد لا تساعد على قتل فأر يستعملانها من اجل الدفاع عن أنفسهما والسيارات التي يحرسانها أخبرانا بأنهما يعانيان الويلات كل يوم خاصة مع بعض الشباب المنحرف إذ انهما غالبا ما يستنجدان بالمارة في حالة مضايقتهم معن المبلغ الذي يدره عليهما هذا العمل اعترفا بأنه لا يكفي لسد رمق يوم واحد , أما عن السبب الذي دفعهما إلى العنل بالرغم من صغر سنهما قالا وبكل حسرة بانهما يتيمين لا أب ولا أم توفيا في حداث مرور وهما الآن يعيشان عند جدهما حيث يأبى أعمامهما عن مساعدتهما لإتمام مشوارهما الدراسي . ورشات البناء, المزابل والمستثمرات الفلاحية مقبرة الاطفال إذا كان بعض الأطفال توجه إلى التجارة والبعض الآخر اختار الأسواق ومواقف السيارات فهناك عدد معتبر من الاطفال لجأ إلى الشغل في عالم البناء , حيث شاهدنا العديد من الأطفال يعملون في ورشات البناء بالرغم مما ينجر عنه من مخاطر على حياتهم ورغم تحريم كل القوانين لمثل هذه الظاهرة إلا أن بعض المقاولين لا يهمهم الامر مادام الأطفال لا يطالبون بمبالغ كبيرة عكس الكبار الذين يعرفون قواعد العمل عند الخواص خاصة المقاولات ومن ذلك التامين , ومن بين الاطفال الذين اختاروا العمل بورشات البناء وجدنا الطفل حسين صاحب ال 15 ربيعا قال لنا بأنه يعمل هنا لكسب بعض المال حتى يتمكن على الأقل من مساعدة أمه المريضة على شراء الدواء بعدما ترك مقاعد الدراسة مكرها لأنه لم يجد من يمد له يد العون ويساعده على شراء الأدوات المدرسية , وما يثير الدهشة هو أنه طرد من المدرسة لعدم تمكنه من اقتناء الكتب الخاصة ببعض المواد وهو ما دفع بمعلمه إلى طرده من القسم عدة مرات وإحراجه أمام زملائه ليقرر بعدها عدم العودة إلى المدرسة ثانية والتوجه إلى عالم الشغل , وفي ورشة غير بعيدة عن الأولى وجدنا مجموعة من الاطفال يتعاونون على تفريغ أكياس الإسمنت من شاحنة مقطورة كانت معبأة عن آخرها , سألنا أحد الاطفال عن مدى قدرته على حمل الكيس الذي يفوق وزنه وزن الطفل الذي يحمله فأخبرنا بأنه لا يبالي ما دام هذا العمل سيكسب من وراءه بعض المال الحلال . المستثمرات الفلاحية هي الأخرى تخفي بين أشجارها ووسط حقولها عدد كبير من الاطفال خاصة في مواسم جني المحاصيل حيث يعمل الكثير من الأطفال تحت أشعة الشمس الحارقة مقابل مبالغ مالية زهيدة لا تتعدى في أحسن الاحوال 250 دج البعض منه يدفعونه كاجرة لأصحاب النقل العمومي والبغض يحتفظون به , في حين أن بعض الأطفال يتجهون نحو المفارغ العمومية والمزابل الفوضوية لجمع مادة النحاس والبلاستيك وإعادة بيعه لأشخاص يهتمون بهذا المجال , هؤلاء الاطفال لا يعيرون أي اهتمام للأمراض والأخطار التي قد تنجم عن تقليب الآلات الحديدية ومن ذلك لسعات العقارب التي تتكاثر بشكل رهيب خاصة في فصل الصيف . هذه عينات قليلة من آلاف الحالات التي تعرفها ولاية الجلفة , ولعل ما يقتل الامل أن الحل ليس بالقريب ما دام رفع الغبن ليس من اهتمام المسؤولين اليوم ومهما تعددت زجهات الاطفال للعمل في هذا ىالفصل الحار وحتى في فص لاشتاء البارد فإن الهدف موحد وهو جمع بعض المال منهم من يعين به عائلته على تلبية بعض الضروريا بعدما نزعت الكماليات من قاموسها , والبعض الآخر يؤمن به متطلبات الموسم الدراسي حتى لا يضطر إلى ترك مقاعد الدراسة مبكرا .