عرفت ظاهرة جمع الخبز"البايت"، الخردة ..بالعاصمة ارتفاعا كبيرا في المدة الأخيرة ، وانتشرت بشكل ملفت للانتباه عبر مختلف أحيائها، وحتى في الأحياء الجامعية في مطاعمها، حيث تحولت بعض الأجنحة إلى مستودعات لركن أكياس الخبز "البايت"التي أضحت تشكل دخلا موازيا لعمال الإقامات والمطاعم الجامعية، الذين لايتجاوز راتبهم في أقصى الأحوال 14000دج، فيصبح مايدخل جيوبهم من عملية الجمع هاته معينا على المصاريف اليومية التي تثقل كاهلهم خصوصا مع الغلاء الفاحش لمتطلبات العيش، فالكيس الواحد من الدقيق ذي 25كلغ ب1200دج، وقارورة الزيت ذات اللترالواحد ب120دج، "الأمة العربية" اقتربت من بعض الإقامات الجامعية ومن مطاعم الجامعات، والأحياء الشعبية"باش جراح، عين النعجة،.."فنقلت عبر صفحاتها هذا الإستطلاع. كثيرة تلك المشاهد التي شاهدها كل من ارتاد الإقامات الجامعية كمقيم أو كزائر لأحد أقاربه المقيمين بالحي، فالعمال بهذه المطاعم يقومون بجمع ماتبقى من خبز على موائد المطعم بالتناوب. ومن يخرق القاعدة فإنه سيعاقب هذا ماأكده لنا بعض عمال الإقامات الجامعية التي قصدناها، وقد عللوا إقدامهم على جمع الخبز بأن راتبهم الشهري قليل وهو لايكفي رب الأسرة، ثم إن عملية جمع ماتبقى من الخبز ثم إعادة بيعه للموالين يدر عليهم أرباحا تفوق في بعض الأحيان مترتبهم الشهري فسعر "الكيس "الواحد من الخبز يساوي 200دج، ضف إلى ذلك أن الطلبة يسرفون في هذه المادة إذا أن الكثير منهم عندما تسلم له الخبزة الواحدة فهو لايكتفي بها بل يدفع تذكرة إطعام أخرى قصد الحصول على خبزة أخرى ثم لايأكلها ويتركها مرمية على المائدة، فيقوم الأعوان بجمعها، إذ أنهم إذ لم يقوموا بجمعها فسترمى ولايستفاد منها أحد، وهم يعتبرون أنفسهم بإقدامهم على هذا العمل حد لرمي هذه المادة في القمامة واستثمارا فيها . كما توجد فئة أخرى من المواطنين امتهنت جمع الخبز اليابس، حيث أصبحنا نشاهد يوميا حالة تنقل من عمارة لأخرى ومن شارع لآخر لجمع الخبز اليابس ووضعه داخل أكياس ويتنقل به جامعيه إلى الأسواق الأسبوعية وبيعه إلى الموالين الذين يحولونه إلى أعلاف لماشيتهم، ربما هي وليدة الظروف الصعبة التي تتخبط فيها بعض شرائح المجتمع نتيجة البطالة وانعدام فرص العمل والاعتماد على المهن الحرة كمصدر للعيش، ألا وهي حرفة جمع الخبز اليابس التي غزت معظم أحياء وشوارع العاصمة، والملفت للانتباه في هذه المهنة أنها أضحت مهنة يتناطح فيها روادها، فقد شهد الكثير من الناس الذين التقتهم "الأمة العربية"بأنهم شهدوا شجارات عنيفة بين ممتهنيها، كانت في كثير من الأحيان لأسباب تافهة، من بينها أماكن الجمع التي أمموها وأصبحت ملكية خاصة لهم بفعل ترددهم الدائم عليها، وقد اكتسحت هذه الظاهرة الأحياء الشعبية كالمدنية، ومحمد بلوزداد، وعين النعجة..، إذ أضحت أكياس الخبز المركونة بجوار الجدران ديكورا خاصا يزين شوارع الأحياء الشعبية. سيدة التقيناها ونحن بصدد إعداد هذا الاستطلاع في باش جراح تجاوزت الخمسين من عمرها، ألحت بأن نرمز لاسمها ب"ح" أكدت لنا بأن الدافع الأساسي وراء امتهانها لهذه المهنة هو وفاة زوجها، وبقائها من دون معيل، ضف إلى ذلك أنها أنجبت منه ثمانية أولاد ستة إناث وطفلين توأمين لم يتجاوزا خمس سنوات، وكلهم صغار لايقدرون على ممارسة الأعمال الشاقة، فهم ليسوا في سن العمل، وفي كثير من الأحيان تقوم بمساعدتها بناتها بعد فترة الدوام الدراسي، كما أنها تقضي فترات طويلة من الوقت في الجمع، وتقوم بقطع مسافات طويلة، كما أكدت بأنها تتعرض لمضايقات كثيرة من قبل الأطفال والشباب ممتهني هذه الحرفة"جمع الخبز" من سب وشتم ومعاكسات التي لم تسلم منها رغم كبر سنها، لتؤكد على أنه لولا الحاجة ما أقدمت على جمع الخبز، فهي تقوم بهذا العمل لتطعم أبناءها الصغار الذين هم في مقاعد الدراسة، والتي تنتظر منهم التفوق في دراستهم قصد إخراجها من الغرقة. حاولنا رصد عمل هذه الفئة من المجتمع، فلاحظنا بأنهم ينهضون باكرا مع آذان الفجر متكلين على الله ، ليتوجهوا إلى الأحياء الشعبية والأماكن التي اعتادوا التنقل إليها يوميا، أو التي يعلمون بأنهم سيجدون ضالتهم فيها، فهم في مباشرتهم لهذا العمل مع الصباح الباكر يعملون على التنافس الجدي خشية أن تفوت الفرصة عليهم قي تحصيل قوت أولادهم، وما يترك الدمع ينسكب من مقلة العين هوأن ترى أطفالا في مقتبل العمر مع الصباح يجرون أكياس الخبز، لا حاملي الحقائب المدرسية ومتجهين بها إلى المدارس، رغم إجبارية التعليم في الدستور الجزائري.