ما بعد الكارثة "ما إن جلس بين عياله ووُضع العشاء على المائدة حتى صفقت السيول الباب وغمرت الغرفة ليرى بأمّ عينيه صحن الكسكس يطفو فوق الماء" ... هذه أبلغ عبارة سمعناها من أحد سكان قرية الهيوهي التي أصابتها نكبة ليلة الأربعاء 19 أوت 2015 ... نكبة لم تترك لا بيوتا ولا بساتين ولا شبكة صرف صحي ولا كهرباء ولا حيوانات ولا أثاثا إلا وأصابته بفيض أمطارها !! "الجلفة إنفو" عادت لتقصي ما بعد الكارثة ولترصد مطالب السكان التي يبدو أنها لا تتعلق بتعويضات عن أثاث ومتاع وعتاد وثروة 35 عائلة ... إنها مطالب تعود إلى سنة 2011 بغرض تنبيه سلطات البلدية والدائرة (عين الإبل) والولاية بشأن خطر فيضان الوادي الذي يشق قرية الهيوهي إلى نصفين ... ليفيض في أوت 2015 في أعتى سيل عرفته القرية الواقعة على قارعة الطريق الوطني رقم 01 ب. الحاجة إلى شبكة تحتية جديدة للقرية أهم ما خسرته القرية حسب أحد السكان هو "البنية التحتية" للقرية لا سيما شبكة الصرف الصحي التي طمرتها الأوحال. غير أن ذلك لا يمنع من إعادة طرح سؤال حول دراسة مشروع هذه الشبكة وطريقة الإنجاز من طرف المقاولة التي كانت محلّ معاينة من طرف الوالي "عبد القادر جلاوي" في زيارته إلى "الهيوهي" في أكتوبر 2014. خسائر البنية التحتية شملت أيضا شبكة الكهرباء حيث أسقطت السيول القوية عدة أعمدة كهربائية تسببت في قطع التيار الكهربائي عن الجزء الغربي للقرية. ولعل أهم مطلب يعيد رفعه سكان "الهيوهي"، بعد أن راسلوا بشأنه السلطات سنة 2011، هو ضرورة تخصيص مشروع لبناء جدار حماية للقرية من فيضانات الوادي. وكذا بناء جسر آخر لتجنيب سكان الجهة الشرقية التنقل إلى الجسر القديم على أن يكون الجسر الجديد بمستوى مرتفع يسمح بالحركة عليه في حالة فيضان الوادي. ونفس الأمر بالنسبة لتزفيت الطرقات وتهيئتها كون القرية مازالت عبارة عن مسالك ترابية سرعان ما تتحول الى برك مائية وأوحال عند أولى قطرات المطر. الكهرباء الريفية والفلاحية ... مطلبان متجددان وبخصوص مشكل الكهرباء فقد أكد السكان على أن مصالح سونلغاز تدخلت في النهار الموالي لليلة الفيضان أين وصلت فرقتها على الساعة الحادية عشر لتزويد بعض المنازل بالكهرباء بصيغة مؤقتة في انتظار أن تقوم "سونلغاز" بإعادة الوضع إلى ما كان عليه. وأشار السكان في هذا الصدد إلى أن قريتهم تعاني أصلا من النقص في الربط بالكهرباء الريفية يُضاف إلى ذلك شح الحصص الخاصة بالكهرباء الفلاحية. هذه الأخيرة تنعدم تماما بمنطقة "الحاجب" الواقعة على مسافة 01.5 كلم غربا باتجاه الدويس. ويبقى في الأخير التذكير بأن الإنارة العمومية صارت شبه مفقودة منذ أسبوع بعد العُطل الذي أصاب شبكتها في الفيضانات الأخيرة. الفلاحون يطمحون إلى تعويضات تساوي حجم الخسائر خسائر الفلاحين شملت كل البساتين المحاذية للوادي والواقعة في محيطه لا سيما الأشجار المثمرة التي اقتلعتها السيول. ولهذا الغرض تم تشكيل لجنة لإحصاء خسائر الفلاحين ليتساءل المعنيون إن كانت ستكلل عملية الإحصاء بتعويضات في أقرب الآجال؟ وهل ستكون التعويضات منصفة بحجم الخسائر التي شملت الثروة الحيوانية وإعادة إصلاح شبكة السواقي الإسمنتية الخاصة بري البساتين والتي أنجزتها المحافظة السامية لتطوير السهوب. إضافة إلى فتح وتهيئة منابع الماء التي كانت مجهّزة لذات الغرض. الهيوهي ... مجرّد وعود لقرية بمواصفات بلدية !! أما فيما يتعلّق بالمعاينة الميدانية للسلطات، يؤكد أحد السكان على أن عنصر الاستماع وتدوين الانشغالات كان شبه منعدم من طرف السلطات المحلية التنفيذية وهو "ليس وليد اليوم" على حد تعبير أحدهم بدلالة المراسلات السابقة والتي كانت تُقابل بالتجاهل. ليبقى الأمر مجرّد وعود بتخصيص حصص للسكنات الريفية لمن لم يسبق له الاستفادة من برامج سكنية أو مَنح مبالغ مالية لترميم السكنات المتضررة ... وهذا ما حذا بأحد الشباب إلى التساؤل إن كانت المبالغ المرصودة ستغطي خسائر كل بيت وصلته السيول !! الوعود تتكرر أيضا على مستوى التجمع السكاني الجديد الواقع شرق القرية القديمة والفاصل بينهما الطريق الوطني رقم 01 ب. حيث أن هذا التجمع قوامه أزيد من 30 مسكن لا تزال شاغرة بفعل عدم ربطها بشبكتي الصرف الصحي والإنارة العمومية وعدم تهيئة طرقاتها من طرف البلدية أو مديرية التعمير. أما التكفل الصحي فعنوانه قاعة علاج يتيمة لتقديم الخدمات الصحية للمئات من السكان. فالقاعة يسيّرها ممرض وحيد والطبيب لم يزرها أبدا في إطار برامج المناوبة الأسبوعية للأطباء، حسب تصريحات أحد السكان. الهيوهي هي قرية بمواصفات بلدية سُكّانا وموقعا ونشاطا ولكن لا يعلم الكثيرون أن "الفرع البلدي" الخاص بها يحتل قسما من مدرستها على حساب تمدرس الأطفال ... ولا يعلم المسؤولون الذين يجيدون لغة الخشب أن "الهيوهي" تنتظر المشروع الحلم "غاز المدينة" اليوم قبل الغد ... ولا يعلم المسؤولون أنه يجب عليهم أن يلتفتوا الى قرية "الهيوهي" ببرنامج خاص حتى لا تقع كارثة لا قدّر الله ... أكبر من كارثة أوت 2015 في ذكرى "يوم المجاهد" !! وللتذكير فإن قريتي "الهيوهي" و"عامرة" تابعتان لنفس الدائرة ويشقّهما واديان خطيران ... والسلطات تنتظر وقوع الكارثة لكي تفهم وتتحرك !!