سبر الآراء بعد آلية إحصائية يراد من ورائها معرفة حركية الموضو محل الدراسة.. ولا يمكن أبدا الاستناد ا؟ الحكم المطلق أو النتيجة النهائية نظر لتداخل عدة عوامل أهمها هنا الذاتية التي تبقى دائما العنصر الأكثر تحديد لما وصل اليه الواقفون وراء هذا العمل. وأصعب الدراسات في سبر الأغوار هو ما تعلق بالاعلام والاتصال ونقصد هنا كل ما يتوجه الى الركائز الاعلامية السمعي البصري والمكتوب لتحليل مضمون الخطاب في التلفزيون أو الاذاعة أو الصحف اليومية. وتكمن هذه الصعوبة في النتائج المتوصل اليها التي يعتقد أصحابها بأنهم «قادة رأي» يوجهون الجمهور كما يريدون وهذه أخطاء لا أساس لها من الصحة، ولايمكن السير عليها أبدا. ومراكز سبر الأراء تدعي الاستقلالية في نتائجها ولا نعتقد أبدا بأن الأمر كذلك، لأن صاحب الامتياز ونعني به مالك الجريدة، هو الذي يطلب من مركز من مراكز سبر الآراء دراسة مدى حضور الصحيفة في الفضاء الاعلامي لأي بلد مقابل دفع مبالغ ضخمة حتى يكيف هذا السبر مع ما يريده صاحب الصحيفة من وضع هذه الأخيرة في صدارة تصنيف الصحف في هذا البلد. وفي هذا السياق لا بد من الاشارة هنا بأن مركز سبر الأراء الذي كان يشرف عليه «عباسة» قام بالعديد من الدراسات الميدانية وفق استمارات توز على عينات من الجمهور، وهذا حسب السن والجنس وغيرها من المقاييس المتعارف عليها في مثل هذه الدراسات الاعلامية. إلا أنه وحسب مصادر مطلعة فان النتائج التي توصل اليها بمناسبة فيما يتعلق بنسب مشاهدة التلفزيون الجزائري، لم ترق الى مستوى تطلعات المسؤولين في هذا الجهاز الاعلامي، وأبدوا رفضهم القاطع للعمل المنجز كونه لم يخضع لضوابط صارمة في العمل ونتساءل هنا عن الكيفية التي يعمل بها عباسة هل هي التي توجد في مراكز سبر الأراء العالمية أم أنه كيفها وفق منظور خاص به؟ وكيف يتم اجراء العمل الاحصائي/ هل يقوم به «إحصائيون» أم أعوان من الشباب الجامعي الذي يبحث عن عمل غير دائم؟ انها اسئلة جديرة بأن تطرح في سياق الحديث عن مدى مشاهدة التلفزيون أو مدى مقرؤية الصحف، وحتى الاستما الى الاذاعات، لأن الأمر قد يؤدي الى مغالطات خطيرة لا يمكن السكوت عنها أو القول بأنها على حق هذا ما وقع مؤخرا مع «إمارما غريب» وهو معهد فرنسي تأسس سنة 1999، يدرس الخبرة والاحصاء وعمليات سبر الأراء والاستشارة في مجال التسويق يتواجد في شمال افريقيا ويتعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات في الاعلام والاتصال والسيارات والصناعات الغذائية والصحة والبنوك والتأمينات، ومع «تي في 5» و«ميدي 1» وغيرها. وبذكر هذا المعهد لا بد من التطرق الى آخر دراسة أعدها حول الصحافة المكتوبة في الجزائر مؤرخة في شهر مارس 2010 شملت عينة 2500 عائلة جزائرية 86٪ تفوق أعمارهم 15 سنة على مستوى 11 ولاية، 80٪ سكان المدن، و20٪ سكان الريف. وفي هذه الدراسة التي مست 78 يومية جزائرية، تسجل ملاحظات اساسية يستدعي الأمر التبنيه لها وهي: @ أولا: لا يمكن الاقرار بحكم قاس ومجحف في حق الاعلام العمومي المكتوب بأنه ليس له مقرؤية، وعليه فان هذا يعتبر حكما تقيميا، وليس نتيجة لدراسة إعلامية أكاديمية مرفوضة في المراكز التي تحترم نفسها، والسؤال المطروح مفخخ يحمل قراءات ذاتية أكثر منها موضوعية وجاء على الشكل التالي: ما هي الصحف الاخرى الوطنية التي قرأتها أو تصفحتها خلال الاشهر ال 12 الاخيرة؟ هذا يعني ضمنيا بأن السؤال الجوهري كان محددا من قبل والسؤال المتعلق بالصحف الاخرى، جاء مذيلا أو تابعا للأول من ناحية حيثيات المقارنة للاستدلال به فقط وليس من أجل تثمينه من ناحية المضمون، واستعمال هنا «الصحف الوطنية الاخرى» وكذلك«التصفح» بانه ليس هناك أي نوايا جادة من اعطاء صفة البروز لهذه العناوين، في مسار عملية سبر الأراء. @ ثانيا: لا يحق لأي شخص عاقل أن يطلق «صفة» صحف بلا مقرؤية، لأن الأمر يختلف اختلافا جذريا بين كل خط افتتاحي لاي جريدة خاصة بين ما هي عمومية، ومستقلة، بالاضافة الى ذلك التعليق المرفوض في مثل هذه الدراسة والسعي لقول اي كلام غير مسؤول تجاهها .. ولا بد اليوم من التأكيد على حقائق منها أن كل من يتوهم بأنه يتمتع بمقرؤية ومصنف في خانة معينة من العمل الاعلامي، يعتمد على الاثارة والمتفرقات من الاحداث المتعلقة بالقتل والسرقة والاحتيال والانتحار، وهو يتبع المقولة المشهورة «هذا ما يريده الجمهور» في حين تعمل الجرائد العمومية على نقل الحدث السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للقارىء وعدم حرمانه منه. وما نستغرب له في كل هذا هو ايماء البعض بأن درجة الخطأ في دراسة إعلامية ميدانية لا تتجاوز 2,1٪ هذا غير صحيح بتاتا، لأن 2500 عينة لا تكون خاضعة لنفس النموذج الحسابي أو ما تعلق بقراءة الاستثمارات، ويجب التأكيد هنا بأن عملية فرز الاستبيانات صعبة ومعقدة جدا تتفاوت فيها نسبة الخطأ بشكل كبير، لأن التصنيف تحدث فيه الكثير من المواقف الذاتية تخضع لأمزجة أكثر ما تكون خاضعة لتوجهات حيادية.. ومن جهة أخرى فان 171 استمارة وزعت في الجنوب فقط، و956 عينة في وسط البلاد، و632 عائلة بالغرب، و761 استمارة بسطيف، ويلاحظ هنا ذلك التفاوت في الاستمارات عبر الولايات. واستنادا الى كل ما قيل فانه من الصعوبة بمكان التفاعل مع نتائج عمليات سبر الأراء لأنه حسب المختصين فانها نسبية لا تصل الى درجة المطلق كون كل ما له علاقة بالاعلام /تلفزيون، إذاعة، صحف / تشهد حركية متواصلة.. في المشهد الاعلامي، وهذا بحكم عدة شروط أو عوامل معروفة، أهمها عدم القدرة على التحكم في سلوك المشاهد أو المستمع أو القارىء، لذلك فان استطلاعات الرأي لا تبنى على الاحكام وانما على تبرير المشكلة القائمة على مجموعة من التوصيات البناءة والمثمرة تخدم الاعلام ولا تدعو ابدا الى النفور منه كما أوهمت به دراسة معهد «ايمار»