عدم التدخل في شؤون الدول تحول من مبدإ إلى عقيدة يرى البرفسور محمد رضا مزوي رئيس مخبر العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 03، أنه على الجزائر أن تتكيف مع الواقع الجديد بتغيير سياستها الخارجية والعلاقات الدولية تجاه القضايا المتعلقة بالساحل، وإقامة تحالفات صغيرة في وقت وجيز من أجل مصلحتها والابتعاد عن استعمال أفكار المدارس القديمة التي تجاوزها الزمن كمدرسة كوبنهاغن المنادية لحقوق الإنسان والسلم، ولها طابع إنساني ومؤسساتي، داعيا إلى خلق مراكز أفكار بالجزائر لتقديم الحلول لمواجهة المشاكل الراهنة. وأضاف البرفسور مزوي في تصريح ل «الشعب»، على هامش اليوم الدراسي حول «السياسة الخارجية للجزائر والتهديد» المنظم أمس بكلية العلوم السياسية جامعة الجزائر 03 أن الهدف من هذا اليوم هو إعادة النظر في العلاقات الدولية في العالم، بحكم ظهور معطيات جديدة ومفاهيم عكس ما كان خلال الحرب الباردة التي شهدت صراعا بين القطبين الليبرالي والاشتراكي وحركة عدم الانحياز، وخلقت مفاهيم واضحة، بعدها ظهور أزمة إقتصادية كبيرة سنة 2008 مست البنوك والاقتصاد العالمي بعدما كان النظام الرأسمالي منتجا أصبح ماليا محضا لا يرحم. في هذا السياق، أشار رئيس مخبر العلوم السياسية والعلاقات الدولية إلى أن الجلسات الجيو استراتيجية في 2016 تحدثت عن تفكك العالم بدخول نظام جديد، وجلسات 2017 أقرت بوجود فوضى وأزمات وتم الخلط بين الإرهاب مع العصابات المالية قائلا: «هناك مفاهيم جديدة إذا أردنا مساعدة الخبراء الجزائريين، في السلطة ينبغي القيام باجتهاد كبير لفهم واقع العالم الجديد، مسألة الحدود والهوية تجاوزها الزمان»، وحسبه فإن الحروب العسكرية تقلصت واعتمد أسلوب آخر بقلب النظام بطريقة سلمية، ومثال ذلك الربيع العربي، وكذا محاربة الأفكار ونزع القيم في ظل انتشار العولمة التي ترتكز على المال دون أدنى اعتبار للإنسان، والشركات متعددة الجنسيات هي التي تسير السياسة. وقال أيضا أن المخبر، يعمل على تقديم معطيات جديدة وتوصيات استنادا إلى الواقع تصب في مصلحة النخب خاصة على مستوى الشؤون الخارجية والمسؤولين السياسيين للتفكير في الحلول المناسبة للتصدي للأزمات، مثلما هو معتد به في الدول المتقدمة، كاشفا عن برمجة ملتقى وطني وأخر دولي للوصول إلى كنز المعلومات التي تفيد السلطة، كما أن هناك بحث قيد التحضير حول موضوع البيئة، ويوم دراسي حول الهجرة ينظم اليوم. من جهتها تطرقت أستاذة العلوم السياسية لويزة أيت حمدوش، إلى موضوع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الذي تحول تدريجيا من مبدأ إلى عقيدة، موضحة أن عدم التدخل عقيدة يعني بناء سياسة على أساس ثوابت وليس قواعد أي أشياء جامدة وأفكار ثابتة غير قابلة للنقاش والتي عادة قابلة للتعديل عكس المبدأ حين تبنى سياسة على أساسه فإنه يدرج ما تمليه التجربة الميدانية قائلة: «إذا طبق المبدأ في مرحلة معينة وأدى إلى نتائج مرضية فيتم العمل به في مرحلة مقبلة، وإذا تمت ملاحظة نقائص وتناقضات يتم أخذها بعين الاعتبار لمراجعتها في السياسة المقبلة مثلما هو معمول به مع الدول». وأضافت أيت حمدوش أن، المشكل مع العقيدة هو تجميد السياسة الخارجية ولا تترك هامش المناورة لأن الجميع يعلم أن الجزائر مهما كانت الأوضاع لن تتدخل، وهذا نقص بالنسبة لنا وورقة لا تستعملها الجزائر، مشيرة إلى ربط هذه المسألة بنقطة مهمة وهي افتراضية الحدود قائلة إن هناك بعدا اجتماعيا وإنسانيا، يجعل سكان الحدود جزءا من كل آخر معناه أننا نعرف أن قبائل التوارق جزءها في الجزائر وجزئها آخر في مالي وليبيا، وفي الشمال نفس الشيء. وقالت أيضا أن علاقة سكان منطقة الجنوبالجزائري بالإقليم أقل قوة من علاقاتهم مع الفئات الاجتماعية الأخرى، بحكم الطبيعة التي تفرض هذا ويجب أخذها بعين الاعتبار، كما أن هناك قبائل وسكان متواجدين في جنوبالجزائر ومتواجدين من الجهة الأخرى من الحدود تعيش من خلال هذا التبادل المستمر، وحسبها فإن محاولة بناء جدار أمني عسكري بيننا وبينهم لا يخلق إلا مشاكل. ضرورة التنسيق بين دول الجوار لحماية الحدود تناولت الدكتورة نادية بن ورقلة أستاذة قسم الإعلام بجامعة زيان عاشور بالجلفة، في مداخلتها السياسة الخارجية التي تنتهجها الجزائر تجاه القضايا الراهنة ومحددات هذه السياسة الخارجية والمتمثلة في المحددات الطبيعية والمحددات الاقتصادية والموارد الطبيعية التي تزخر بها الجزائر، والمحددات المكانية والمرجعية التي تتحدث عن النسق الديني والإسلامي، لأننا دولة تتمتع بلغة واحدة والمذهب المالكي الإسلامي إضافة إلى اللغة الجزائرية والأمازيغية، وحسب أستاذة قسم الإعلام أن هذه العوامل تلعب دورا كبيرا في كسب الرهان وتحديات الجزائر، تجاه ما نشهده اليوم من نزاعات إقليمية خاصة على الحدود الجغرافية مع الدولة الليبية والتي قد تؤثر سلبا على السياق العام للحدود الجغرافية بين الدول القريبة من الجزائر والتي تشهد نزاعات. وذكرت في هذا السياق، بسياسة الجزائر التي تشجع الشعوب على تقرير مصيرها وكذا الدول التي لها نزاعات داخلية وخارجية والتي تناهض الإرهاب، قائلة: «هذا ما نلمسه خاصة بعد التجربة المريرة التي مرت بها الجزائر، خلال العشرية السوداء التي صنعت ما يسمى «النأي بالنفس» عن الصراعات خاصة أننا لم نشهد ربيعا عربيا»، وفي ردها عن سؤالنا أكدت الأستاذة ورقلة أن، الأزمة الأمنية التي مرت بها الجزائر تعتبر من الأسباب المهمة التي ساهمت في هيكلة سياسية جديدة للأمة الجزائرية من جميع النواحي وتعزيز الجانب الداخلي للجزائر، مشيرة إلى أهمية التنسيق بين الدول خاصة دول الجوار لحماية الحدود، كون ذلك يساهم بشكل كبير في إيجاد حماية لهذه الدول، قائلة: «لا نستطيع أن نبتعد عن دول الجوار لأنه يدخل في سياسة محاربة الإرهاب الذي هو واحد مهما تعددت وسائله».