رافع باحثون جامعيون، أمس بالجزائر العاصمة، خلال الملتقى الدولي الثالث حول "السياسات العامة في سياق الأزمات الاقتصادية" من أجل إشراك مخابر البحث في تحديد السياسات العامة للدولة قصد تجنب الأزمات. وألح عميد جامعة الجزائر -3-، السيد رابح شريط، لدى افتتاح هذا الملتقى الذي حمل عنوان "السياسات العامة في سياق الأزمات الاقتصادية: الحقل والمعايير والغايات والدعائم" على "ضرورة إشراك بعض مخابر الأسرة العلمية في معالجة مشكل السياسات العامة"، لاسيما في ظل التحولات الاقتصادية في العالم والأزمة المالية التي تعيشها بعض الدول. وأردف السيد شريط أنه "يجب على الجزائر الرجوع إلى البحث العلمي والجامعة لتمكين صناع القرار من الاستفادة من الإرشادات الكفيلة بتجنيب البلاد الوقوع في الأزمات" على اعتبار أن الجزائر لها علاقات كثيرة مع الضفة الأخرى للبحر المتوسط، التي تعاني من مشاكل مادية واقتصادية وهيكلية. من جانبه، أوضح مدير المدرسة الوطنية العليا للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، السيد زكان أحمد، أن هذا الملتقى يرمي إلى "إعطاء مقترحات من الجانب العلمي تساعد أصحاب القرار السياسي على ربط نشاطات الشركاء الاقتصاديين" وكذا "إيجاد الحلقة المفقودة لفعالية السياسات العامة" والاستفادة من تجارب الأساتذة والباحثين سواء بالجزائر أو بدول الجوار. وأبرز السيد زكان أن هنالك "حضورا قويا" للحكومة في تدخلها في الاقتصاد بصفة عامة، مشيرا إلى تدخلها في البرامج الكبيرة لخلق مناصب العمل وإيجاد الثروة وإنجاز المنشآت القاعدية، مؤكدا أن هذه الأخيرة لها دور كبير في إعطاء دفع للاقتصاد على المدى الطويل وأن نتائجها لا تجنى مباشرة. في المقابل، رأى رئيس قسم الإدارة العامة لجامعة القاهرة، السيد خليل درويش، أن السياسات العامة "ليست نظرة خاصة بالدولة والحكومات"، بل بكل الأطراف الفاعلة في مجال عمل السياسة والحكومة والإدارة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية والإقليمية. وتابع السيد درويش يقول إنه "على الحكومة التعامل مع الأزمات على أنها نتاج لحركة المجتمع"، معتبرا أن القدرة على بناء الثقة بين مختلف أطراف المجتمع عنصر مهم للنجاح، مؤكدا -في السياق ذاته- أن نجاح البرامج "لا يتم دون معرفة الأطراف الفاعلة فيها والمستفيدين منها" ويتأتى ذلك من خلال استطلاع آراء الناس. وشدد السيد درويش على ضرورة بناء شبكة فاعلة لتحقيق التواصل المجتمعي بين الحكومة والأفراد"، معتبرا أنه لا توجد أية حكومة الآن قادرة على إدارة أية أزمة من الأزمات بمفردها سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية. من جهته، رافع مدير مخبر "ليابا - جامعة الجزائر 3"، الأستاذ مزوي محمد رضا، على دور مخابر البحث في تحديد وتطوير التفكير وتكييفه مع الحالة الراهنة للبلاد مطالبا ب«إعادة النظر في السياسات العامة والاستفادة من المقاربات والمقارنات مع سياسات الدول المتقدمة" بما يتماشى ووضعية الجزائر. كما ألح السيد مزوي على ضرورة إعادة النظر في المقاربة الاقتصادية والسياسية لبعض الوزارات السيادية. واقترح السيد مزوي "تحديد منهجية للوصول إلى صياغة سياسة عامة إيجابية وواقعية"، لافتا -في ذات الصدد- إلى أن أولوية السياسات العامة هي "المنهجية والثروة البشرية وتحسين التوزيع المالي". أما الأستاذة نبيلة بن يحيى (كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة الجزائر -3-) فدعت إلى أن تكون الدولة "اليد الأولى والأخيرة في تحديد السياسات العامة"، لا سيما فيما يتعلق بقطاعي التربية والصحة وكذلك في تسيير إنتاج وتوزيع الحبوب. ونادت الأستاذة بن يحيى بأن تكون الدولة "المحرك الرئيسي للمشاريع الحيوية" قصد تأسيس مجتمع سليم ومتكامل يراعي النسيج الاجتماعي للدولة بمختلف فئاتها دون إلغاء القطاع الخاص الذي لابد أن "يكون نشاطه في أطر محددة".