لا تزال وضعية قصبة دلس بشقّيها العلوي والسفلي التي تشمل نحو 250 بيت قديم وعدّة معالم تاريخية تعود في أغلبها إلى الفترة العثمانية تراوح مكانها بسبب تعطل مشروع إعادة الترميم في إطار المرحلة الثالثة من المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ، الذي تمّ استحداثه بموجب القرار رقم 276 / 07 المؤرخ في 18 سبتمبر 2007 بعد أربع سنوات من زلزال بومرداس، وما تركه من آثار مدمّرة على هذا المعلم الحضاري الذي استفاد من مخطّط استعجالي زاد من تشويه الحي العتيق بصفائح الزنك. المخطّط الدائم الذي دخل فعليا حيز التطبيق بعد صدوره بالجريدة الرسمية لشهر نوفمبر من سنة 2016 بعد القرار الوزاري المشترك الموافق على المشروع جاء لإعادة إحياء وتعمير حي القصبة عبر ثلاثة مراحل من الانجاز، امتدت الأولى من 2007 إلى 2009 عبر عملية التشخيص الشامل، وإنجاز أشغال استعجالية لتدعيم البنايات المتأثرة من زلزال 21 ماي 2003، وجمع المخلفات وتصنيف الحجارة لإعادة ترميم المساكن، لكن وللأسف فإن هذه الفترة شكلت أسوء مرحلة للحي نتيجة ما تعرض له المعلم من تخريب ونهب للحجارة الأثرية والأبواب الخشبية التي تعود لقرون من الزمن بسبب تواطؤ القائمين على أشغال الترميم، وافتقاد المعلم لأعوان الرقابة والتسييج الخارجي الذي كان من المفروض أن يقوم به المجلس البلدي. كما عرفت هذه المرحلة أيضا ترميم عدد من المعالم التاريخية والدينية منها المدرسة القرآنية سيدي عمار، ضريح سيدي محمد الحرفي، جدار الصد عند الميناء وأخيرا مسجد الإصلاح العتيق الذي أعيد فتحه للمصلين قبل حوالي ثلاثة سنوات. ثم جاءت المرحلة الثانية والثالثة التي امتدت من 2010 إلى 2013،وخصّصت للقيام بالدراسات التاريخية والتيبولوجية لمختلف المعالم والبنايات المشكلة للمعلم استعدادا للانطلاق في عملية الترميم بعد ترسيم المشروع وتصنيف القصبة كمعلم وطني، كان من المنتظر أن تليها خطوة أخيرة تتعلق بإنشاء ملحقة للوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة تتولى بالتنسيق مع بلدية دلس مهام عملية الترميم التي سيقوم بها الخواص، ومتابعة كل أشغال البناء والتعديل بناء على التوجيهات القانونية والتقنية للمخطط للحفاظ على أصالة المعلم وخصوصيته المعمارية والهندسية الفريدة، لكن المشروع توقّف عند هذه المحطة الأخيرة التي كان من الممكن أن تعيد للقصبة مكانتها الحضرية وتعطيه بعدا سياحيا كبيرا. أما عن بعض الأسباب الرئيسية التي كبحت مخطّط الترميم وإعادة التهيئة الشاملة للمعلم، الذي رصد له أزيد من 260 مليون دينار فتعود حسب ما رصدته «الشعب» من معلومات بمديرية الثقافة ومصلحة التراث الثقافي إلى الصعوبات القانونية في تحديد أصحاب السكنات الأصليين، وكثرة عدد الورثة في المسكن الواحد من مجموع المساكن بالقصبة التي تعود اغلبها للخواص وأكثرها شاغرة ومهجورة، حيث خصّص المخطط الدائم إعانات مالية للملاك من أجل القيام بأشغال التهيئة والترميم وفق المعايير المحددة، لكن المشروع اصطدم بهذه الوضعية المعقّدة التي صعّبت من تطبيق آخر مرحلة من العملية.