تعرف معدلات التضخم ارتفاعا مضطردا خلال السنوات الماضية، بلغ اوجه في سنة 2009 ببلوغه نسبة تقترب من 6٪ على الرغم من ان التوقعات كانت تشير الى اقل من ذلك بكثير مما يفسر الى حد ما صعوبة التحكم في الوتيرة المتصاعدة ويشكل تحديا للسلطات المالية في البلاد. ولم يخف بنك الجزائر في الكثير من المناسبات انزعاجه من عودة التضخم، بعد جهود بذلها هذا الاخير وتطلبت سنوات عديدة، ضمن الالتزامات المبرمة مع الهيئات والمؤسسات المالية الدولية، سمحت بتراجع التضخم الى اقل من 3٪ في بعض الاحيان، ليقفز خلال السنوات الخمسة الماضية الى الضعف. وان كان بنك الجزائر قد دق في كثير من الاحيان ناقوس الخطر حول ما يصفه المحللون بانحراف وتيرة التضخم، الا ان وزير المالية السيد كريم جودي وفي احدث تصريح له حول الظاهرة قبل اسبوعين فند ما يتردد، معتبرا انه على الرغم من الظروف الصعبة التي عاشها الجزائريون طيلة شهر رمضان الا ان التضخم متحكم فيه نسبيا ومشيرا الى ان الارتفاع سجل بالاساس في سنة 2010 وان مشكل الاسعار هو مشكل انتاج اتخذت الحكومة بشأنه عدة اجراءات تصب في اتجاه دعم وتطوير الانتاج الوطني. الديوان الوطني للاحصائيات الذي ينشر بصفة دورية اهم المؤشرات الدالة على وضعية التضخم وكشف في آخر تقرير له عن ارتفاع عام في اسعار معظم المواد والمنتوجات ولاسيما السلع الغذائية والمنتوجات الزراعية وبأرقام قياسية وبزيادة في المؤشر العام للأسعار ب 1،7٪ في شهر أوت مقارنة مع شهر جويلية الماضي، بينما عرف مستوى الاسعار تغيرا في مجمل المنتوجات خلال الثمانية الاشهر الاولى من العام الجاري ليصل الى 4،45٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، الذي عرف فيه التضخم رقما قياسيا نحو الارتفاع، لم يسجل منذ سنوات طويلة. الاتجاه العام للأسعار خلال السنة الجارية يميل نحو الارتفاع، ولان هذا الاخير يعتبر مؤشرا لمستوى التضخم، فان الرقم المتوقع لوتيرة التضخم لهذه السنة والمقدرة في قانون مالية 2010 ب 3،5٪ قد لن يتحقق، مثلما كان عليه الحال بالنسبة للسنة الماضية مما قد يرجح مخاوف بنك الجزائر حول عودة التضخم والتي فندها وزير المالية قبل ايام، على الرغم من ان هذا الميل نحو الارتفاع بدأ يأخذ منحينات متسارعة. إرتفاع التضخم في الجزائر يجري بوتيرة اسرع من الارتفاع المسجل في اهم الدول الشريكة لها، وهي الظاهرة التي ميزت الوضع الاقتصادي منذ سنوات قليلة مضت، مما يعني ان مبرر التضخم المستورد لم يعد احد العوامل التي يستند اليها لتبرير حالة التضخم، مثلما اكده بنك الجزائر في تقاريره حول الحالة المالية والنقدية للجزائر طيلة هذه السنوات بعد ان ارجع ارتفاع التضخم الى بروز ظاهرة ارتفاع اسعار المواد الغذائية المنتجة محليا، وبالتالي عجز الجهات المعنية بهذا الملف التحكم في ارتفاع الأسعار عموما، ويمكن انتظار فترة اطول حتى تعرف الاجراءات الحكومية مكانها للتطبيق سواء تلك المتعلقة بأسعار المواد واسعة الاستهلاك او رفع مستوى الانتاج الوطني جراء الانفاق العمومي الضخم الذي عرف بدوره منحى تصاعديا مستمرا، مساهما بذلك في ارتفاع وتيرة التضخم، امام محدودية ادوات مراقبة تدفق السيولة النقدية المتداولة في الاقتصاد، دون ان يتحقق الى اليوم المقابل المادي من الانتاج الوطني. وما لم يتم وضع ادوات اكثر فعالية وعملية فان مستوى التضخم قد يتفاقم ليتجاوز توقعات هذا العام والعام المقبل المقدرة ب 3،5٪ مقابل 5،7٪ في سنة 2009 و 4،4٪ في سنة 2008.