أشرف، أمس، بورقلة، وزير المجاهدين الطيب زيتوني، رفقة الأمين العام لمنظمة المجاهدين سعيد عبادو، على احتفالات الذكرى 56 للمظاهرات الشعبية 27 فيفري 1962 التي كانت تعبيرا صريحا عن الرفض الشعبي لسياسة الاحتلال الفرنسي بخصوص المساس بوحدة التراب الوطني ومثلت برهانا عن الارتباط العضوي للصحراء بباقي مناطق هذا الوطن. وفي كلمته التي ألقاها بالمناسبة وخلال إشرافه على افتتاح فعاليات الندوة التاريخية بعنوان “البعد الشعبي للثورة الجزائرية منطقة ورقلة أنموذجا” بدار الثقافة مفدي زكرياء بورقلة أكد وزير المجاهدين على أن مظاهرات ورقلة كانت صوتا مدويا وحلقة مفصلية في السلسلة الذهبية للأحداث التي عززت مسار الثورة التحريرية حيث بقدر ما أمدت الثورة بالعمق والدعم المطلوب فإنها أنهت إلى الأبد أحلام المستعمر الفرنسي وأجهضت خطته وأفشلت مؤامرته التي بناها على وهم، هدفه في ذلك الاستحواذ على مصادر الطاقة البترولية والتحكم في التكنولوجيا العسكرية على حساب الإنسان والبيئة الصحراوية، موضحا أنه وعلى الرغم من الطبيعة الصحراوية القاسية والشاقة فقد استطاع الشعب الجزائري في هذه الربوع النضال بشهامة وبإقدام كما كان دوما ملتفا حول خيارات مقاومة الاستعمار بمختلف الوسائل. مضيفا أن مساعي فرنسا الاستعمارية آنذاك لم تنجح إلا في ترسيخ قناعة أسلافنا من الشهداء والمجاهدين في واجب التصدي للأطماع الخارجية وتحقيق الحرية والاستقلال التي لم تكن لتتحقق لولا الرجال الذين تحدوا أسلحة ونيران المستعمر ومن بين هؤلاء الرجال الشهيد شطي الوكال ورفقاؤه الذين استشهدوا في مثل هذا التاريخ منذ 56 سنة في المظاهرات التي شهدتها كل من ورقلة وتقرت والطيبات فيما بعد وفي مناطق أخرى من ربوع هذا الوطن. واعتبر زيتوني أن استحضار مثل هذه المناسبات التاريخية ليس من منطلق الوقوف عند أحداثها وفقط بل لربطها بحاضرنا والاستلهام منها وصون الأمانة والحفاظ على كل المكاسب المحققة وتعزيز التماسك والوحدة الوطنية، مشيرا إلى أنه في هذه المناسبة يمتزج عبق التاريخ بواقع التنمية المحلية الشاملة بكل أبعادها وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها من المجالات الحيوية ومنها ما تشهده مدينة ورقلة من انطلاق للتجارب الأولية لترامواي ورقلة. أسقطت رهانات المستعمر الفرنسي للمساس بوحدة التراب الوطني وعلق الأمين العام لمنظمة المجاهدين سعيد عبادو على أن استرجاع جماجم الشهداء وحدها من فرنسا لا يكفي في إشارة إلى أهمية مطالبة فرنسا باسترجاع رفات الشهداء وكشف تفاصيل وأسباب فصل جماجمهم عن أجسادهم وتوضيح حيثيات التنكيل بهم والتعذيب الذي تعرضوا له. وبالعودة إلى ذكرى هذه المظاهرات فقد أوضح أنها كانت ردا على ادعاءات المستعمر الفرنسي في اعتبار الصحراء الجزائرية ليست تابعة لباقي المناطق لأن هدفه كان استنزاف الثروات الطبيعية والباطنية التي تكتنزها، حيث أكد أن مظاهرات 27 فيفري 1962 وما تلاها من أحداث في باقي المناطق عبر الوطن قد أسقطت آنذاك كل رهانات الاحتلال الفرنسي ومراميه الساعية إلى فصل الصحراء عن الوطن الأم وتحويلها إلى منطقة للتجارب دون الاكتراث بالإنسان والبيئة، خاصة وأن فرنسا كانت تطمح لأن تكون قوة نووية في العالم، مضيفا أن مظاهرات جماهير وسكان ورقلة وما حول ورقلة لم تكن مظاهرات شعبية عابرة بل كان لها تأثيرها الحاسم في دعم مسار الثورة التحريرية وتعزيز موقفها الدولي الأمر الذي أرغم الطرف الفرنسي المفاوض على مراجعة أطروحاته الواهية، مؤكدا أن سكان المناطق الصحراوية لم يكونوا غائبين عن الثورة كما يروج البعض بل أنه لم يكن هناك فرق بين الشمال والجنوب، تلك المناطق التي ارتوت جميعها بدماء شهداء الوطن وقامت وواجهت زحف المستعمر الفرنسي الغاشم. من جانبه والي ولاية ورقلة عبد القادر جلاوي أكد أن العودة بالذاكرة إلى مثل هذه الأحدث التاريخية يعد مصدرا للاعتزاز والفخر ودافعا نحو العمل على تنمية هذه المنطقة والحفاظ على مكتسباتها، داعيا إلى أهمية المحافظة على كل المنجزات العديدة والثمينة التي يعد ترامواي ورقلة الأول من نوعه على مستوى ولايات الوطن والذي من المنتظر تدشينه يوم 19 مارس القادم بمناسبة إحياء ذكرى عيد النصر إحداها، موضحا أن ربط تدشين هذه المنجزات بالمناسبات التاريخية والوطنية ليس صدفة بل قناعة وإيمانا بأن ربطها ما هو إلا محاولة لغرس وتثبيت تاريخ الآباء والأجداد في الأجيال الحالية والقادمة والدفع بها للمساهمة الجادة في معركة البناء والتطوير. تجدر الإشارة إلى أن برنامج إحياء احتفالية الذكرى 56 للمظاهرات الشعبية بورقلة قد عرف توجه وزير المجاهدين الطيب زيتوني والوفد المرافق له إلى مقبرة الشهداء ووضع باقة من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح الشهداء الطاهرة، زيارة المتحف الولائي للمجاهد وإعطاء إشارة انطلاق مسابقة رسم رمز وطني بالإضافة إلى تعبير كتابي عن حياة شهيد أو حدث تاريخي للأطفال، إطلاق تسمية مظاهرات 27 فيفري لمدينة ورقلة على المحطة المقابلة لمقر ترامواي ورقلة وزيارة معرض للكتاب التاريخي والسمعي البصري من تنظيم المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة التحرير الوطني.