دعت دول مجلس التعاون الخليجي، يوم الأحد، الولاياتالمتحدة إلى فتح تحقيق في أعمال القتل والتعذيب التي كشفت عنها وثائق سرية أمريكية نشرها موقع ''ويكيليكس'' على الإنترنت. كما طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش العراق بالتحقيق في الوثائق، وحث مقرر الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب الرئيس الأمريكي على إصدار أمر بإجراء تحقيق مماثل. ومن جهتها أدانت وسائل إعلام صينية الانتهاكات الأمريكية في العراق، معتبرة أنها شوهت مصداقية الولاياتالمتحدة التي تزعم أنها حامية لحقوق الإنسان في العالم . ودعا الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في بيان يوم الأحد، الولاياتالمتحدة إلى فتح تحقيق جاد وبشفافية تامة حول ما تضمنته تلك الوثائق المنشورة من معلومات عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وأكد عبد الرحمان بن حمد العطية على المسؤولية القانونية المباشرة للولايات المتحدة عن كافة الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قواتها في العراق، وفق ما نصت عليه المواثيق الدولية. كما دعا الأممالمتحدة والأسرة الدولية لاتخاذ خطوات حازمة للتحقيق في هذه التجاوزات، وإنصاف وتعويض المتضررين من أهل العراق بعيدا عن الانحياز أو إزدواجية المعايير. من جهة أخرى، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش: إنه يتعين على العراق أن يقاضي أولئك المسؤولين عن التعذيب والجرائم الأخرى، وأضافت: أن الحكومة الأمريكية يجب أن تحقق أيضا فيما إذا كانت قواتها خرقت القانون الدولي عندما سلمت معتقلين للقوات العراقية رغم وجود مخاطر مرتفعة لوقوع تعذيب. وقال جو ستورك نائب المدير العام لقسم الشرق الأوسط بالمنظمة: إن الوثائق الجديدة التي نشرها ويكيليكس تظهر أن التعذيب الذي تمارسه القوات الأمنية العراقية متفش ويمر بلا عقاب. مشيرا إلى أنه من الواضح أن واشنطن كانت تعلم بالإساءة المنهجية من قبل القوات العراقية، ورغم ذلك سلمتها آلاف المعتقلين. وفي السياق ذاته، حث مقرر الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب مانفريد نواك الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إصدار أمر بإجراء تحقيق في وثائق ويكيليكس. وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن هناك التزاما بالتحقيق حالما تكون هناك مزاعم موثوق منها بأن تعذيبا قد وقع، على أن يترك الأمر بعد ذلك للمحاكم. وفي بغداد تعهد مسؤولون عراقيون بالتحقيق في أي مزاعم عن ارتكاب الشرطة أو الجيش لجرائم. وقال وزير الداخلية جواد البولاني: إن وزارته قلقة بشأن بعض هذه التقارير، وإن لجنة ستشكل للنظر في المزاعم الواردة في وثائق ''ويكيليكس''، لكنه قال: إنه سمع أن بعض تلك التقارير قديم. أما وكيله اللواء حسين كمال، فقال لرويترز إن المسؤولين العراقيين لن يغضوا الطرف عن هذه الأمور، وإن أي شخص يثبت أنه مسؤول عن أي جريمة سيحاكم وستأخذ العدالة مجراها. وفي لندن دافع مؤسسو موقع ويكيليكس عن نشر أربعمائة ألف وثيقة سرية أمريكية عن حرب العراق، وأكدوا أن هذه الوثائق تكشف حقيقة هذه الحرب وأن بعضها حُجب لحماية كثير من الأفراد، متهمين وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) برفض التعاون معهم بدعوى تعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر. ونفى الموقع ادعاء البنتاغون، حيث أكد مؤسسه جوليان آسانغ في مؤتمر صحفي عقده السبت في لندن أن نشر تلك الوثائق لا يعرض حياة أحد للخطر. وقال آسانغ : إن الصور التي تظهرها الوثائق للأحداث التي تقع يوميا في العراق تعطي فكرة عن الحجم الإنساني للمآسي التي تسببت بها حرب العراق. وأضاف: أن معظم حالات القتل التي تكشف عنها الوثائق الأمريكية السرية تتعلق بحوادث قتل فيها شخص واحد أو شخصان. وتابع مستشهدا بالمثل القائل، إن ضحية الحرب الأولى هي الحقيقة، معبرا عن أمله بتصحيح بعض من الأضرار التي تسبب بها الهجوم على الحقيقة قبل الحرب وأثناءها وتوالت منذ وضعت الحرب رسميا أوزارها. وأشار آسانغ إلى أن الوثائق أظهرت أدلة على ارتكاب جرائم حرب في العراق. وكشف أن هناك 15 ألف حادث قتل تعرض لها مدنيون لا تعرف هوياتهم حتى الآن. وأوضح أن ما جرى في العراق ليس بمعزل عما يجري حاليا في أفغانستان. مؤكدا أن الموقع سينشر قريبا أكثر من 15 ألف وثيقة سرية بشأن حرب أفغانستان. وتشير الدفعة الجديدة من الوثائق التي نشرها الموقع إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية بالعراق كانت على علم بانتهاكات حقوق الإنسان، وأعمال التعذيب التي كان المعتقلون يتعرضون لها في السجون العراقية لكنها لم تحقق فيها. كما تشير الوثائق إلى أن مئات المدنيين العراقيين قتلوا على حواجز التفتيش التي أقامتها القوات الأمريكية في أعقاب غزو العراق عام 2003 وتذكر الوثائق أن أكثر من 109 آلاف مواطن عراقي قتلوا في الفترة بين 2004 و2009، بمن فيهم 66081 مدني، و23984 ممن يوصفون بالأعداء، و15196 من أفراد قوات الأمن العراقية، و3771 من جنود التحالف. من جهتها ذكرت منظمة إيراك بادي كاونت وهي منظمة مستقلة غير حكومية مقرها لندن أن عدد القتلى بالعراق منذ العام 2003 يفوق 150 ألف، منهم 122 ألف (80 ٪) من المدنيين. وضمن السياق ذاته، أدانت وسائل إعلام صينية الانتهاكات الأمريكية في العراق، معتبرة أنها شوهت مصداقية الولاياتالمتحدة التي تزعم أنها حامية لحقوق الإنسان في العالم. ومن هذه الإدانة ما جاء في صحيفة تشاينا ديلي بعد انتقاد بكين تقريرا صادرا عن لجنة من المشرعين الأمريكيين والمسؤولين الحكوميين ندد بما أسماه حملة القمع التي شنتها السلطات الصينية على نشطاء حقوق إنسان ومحامين. وقالت الصحيفة: إن حجم الجرائم ينبغي أن يجعل كل شخص صالح غاضبا، وهي تضع مرة أخرى علامة استفهام كبيرة على صورة الولاياتالمتحدة التي نصبت نفسها كبطل العالم لحقوق الإنسان. وأضافت: لسنوات، كانت الولاياتالمتحدة ترفع لواء حقوق الإنسان لانتقاد الآخرين ولا سيما البلدان النامية. وتابعت الصحيفة الصينية انتقادها قائلة: ومع ذلك فإن الولاياتالمتحدة ترفض توضيح أو تصحيح انتهاكات حقوق الإنسان كما سجلتها وثائق ''ويكيليكس'' التي سمحت للعالم أن يرى لدى واشنطن المعايير أحادية الجانب والمزدوجة. واعتبرت أن الولاياتالمتحدة ستفقد مصداقيتها إذا لم تتمكن من مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان بشكل مباشر. وتعتبر قضية حقوق الإنسان مسألة حساسة في العلاقات الصينية الأمريكية، وما تفتأ واشنطن تسجل انتقادات في سجل الصين الحقوقي كان آخرها الدعوة للإفراج الفوري عن المنشق الصيني ليو شياباو بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام. كما تعاني علاقات البلدين من التوتر بسبب سلسلة خلافات تجارية واقتصادية والرقابة على شبكة الإنترنت ومبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان .