يوفر الظرف الاقتصادي والسياسي الراهن أفضل الشروط للدفع بعجلة التنمية إلى بلوغ وتيرة أداء أكثر فاعلية ومن ثمة رفع تحدي إنتاج القيمة المضافة التي تحسم مسالة التنافسية في الأسواق المحلية والإقليمية وتساعد على إرساء اقتصاد حقيقي بديل للمحروقات التي لا تزال تشكل المورد الأول والأساسي بالعملة الصعبة وتتوقف على أسعارها غير المستقرة قرارات التنمية. بيان السياسة العامة للحكومة الذي دافع عنه الوزير الأول أمام المجلس الشعبي الوطني وضع كل الأطراف السياسية والاقتصادية أمام مسؤولياتهم تجاه الأمة باطلاعهم على حقيقة الأوضاع التي وان كانت تضيء باللون الأخضر مما يبعد شبح أي أزمة محتملة على المدى القصير فإنها لا تزال على ما يبدو هشة على المديين المتوسط والبعيد مما يستدعي السهر على صياغة مواقف حاسمة وتدقيق الخيارات الاقتصادية المستقبلية وبالذات تلك التي تتعلق بالإستراتيجية الصناعية في ضوء المعطيات الموجودة وبالتالي ربط كل الإستراتيجية بالجدوى الاقتصادية للمشاريع ومدى قابليتها للمنافسة في ظل تقلبات الاقتصاد العالمي وبالذات أسواق المحروقات التي تبقى بمثابة المفصل الأكثر حسما في ضبط الموازنة العامة وعلى أساس مواردها تضبط الأولويات وكم هي كثيرة لبلد تغمره طموحات مشروعة وتواكبه انشغالات لا تتوقف وهي مشروعة سواء على الصعيد الاقتصادي لبلوغ وتيرة نمو مقبولة توفر فرص العمل والاستثمار أو على الصعيد الاجتماعي لبلوغ مستوى معيشي معتبر يضع الأسرة الجزائرية على مستوى مقبول من الرفاهية. وفي سياق هذا التوجه المندمج والمتكامل يندرج برنامج التنمية الخماسي الجاري الذي رصدت له الدولة موارد مالية غير مسبوقة تعادل 286 مليار دولار لتمويل مشاريع استثمارات عمومية قاعدية في مختلف القطاعات والذي يتطلب في نفس الوقت تاطيره بضوابط رقابة على كافة المستويات بهدف قطع الطريق أمام تسلل يد الفساد إليها خاصة وان الأمر يسيل لعاب قناصي الفرص الدسمة للصفقات العمومية من جماعات المصالح وأصحاب النفوذ وبالتالي ترشيد النفقات وفرض شفافية على التمويلات الأمر الذي يضع كل الفاعلين في الدواليب الاقتصادية من مكاتب دراسات ومؤسسات انجاز عمومية وخاصة وشركاء أجانب وبنوك مطالبة اليوم لتطوير أدائها بالمفهوم الاقتصادي الاستثماري وجماعات محلية واداوت الرقابة الشرعية وجهاز القضاء المنتظر منه تحمل واجباته بكل شفافية وجرأة أمام خط واحد من المسؤولية تجاه الالتزامات بكافة أشكالها ذات الصلة بالمشاريع مهما كان حجمها وبالذات الإستراتيجية منها وذلك أساسا من حيث التحكم في الآجال والتكلفة بتفادي التبذير والتبديد وسوء التقدير أو الإهمال الذي لطالما عانت منه وسائل الانجاز العمومية في الماضي. حقيقة توجد كما يبدو ملفات فساد تثير تساؤلات وتطرح استفسارات ويتابعها الرأي العام كل بطريقته وعلى درجة مستوى الوعي والمسؤولية وهي بلا شك بالفعل مصدر قلق وانشغال لدى السلطات العليا للبلاد وتتم معالجة آثار تلك الملفات بما يلزم من صرامة القانون وتحميل القضاء ما يقع على عاتقه من واجب الضرب بقوة على يد كل من تورط فيها ومهما كان مركزه لكن على الجانب الآخر هناك مسار كبير أنجزته الدولة خلال السنوات الأخيرة في أكثر من ميدان ويقدم ثمارا للمجموعة الوطنية ولعل ابرز ثمرة غير مادية مناخ الاستقرار العام الذي يتطلب تقويما مستمرا من خلال تجنيد أداوت السلطة العمومية لقطع دابر كل ما يعكر صفو الساحة أو يهدد السكينة العامة وذلك بالتصدي بقوة القانون للجريمة المنظمة مهما كان لونها ومصدرها لتحصين الجدار الوطني للأمن بكل أنواعه بما فيه الغذائي والصحي والثقافي. ولعل ابرز ثمار الوضع الجديد تحرر الدولة من قيد صندوق النقد الدولي وتمكنها من تصفية ملف المديونية الخارجية التي أرهقت البلاد وعقدت من مأمورية الدولة في التكفل بالتنمية التي أدركت مرحلة متقدمة منذ السنوات الأخيرة و يمكن تدعيمها بما يلزم من إجراءات التحفيز والمرافقة.