فاجعة مرة حلت ببلادنا اثر سقوط الطائرة العسكرية اليوم وعلى متنها أبناؤنا في الجيش الوطني الشعبي الذين نترحم على أرواحهم الطاهرة ونعزي أسرهم وقيادة الجيش وكل شعبنا الذي يعرف كيف يتجاوز المحن في صمت وبإيمان لا يتزعزع بقضاء الله وقدره. كانوا كما هي عزيمة أفراد جيشنا سليل جيش التحرير الوطني عل امتداد الجغرافيا الوطنية متوجهين إلى مواقعهم لأداء الواجب المقدس قبل أن تهوي الطائرة الرمز في سلاح الطيران مخلفة ضحايا من بينهم مدنيين من عائلات عسكريين شاءت الأقدار أن يغيبوا عن ذويهم في لحظة مؤلمة أصابت المجتمع الجزائري بشكل عبر من خلاله كل واحد عن مدى تأثره وتضامنه وتعاطفه. ويمكن تصور مدى رباطة الجأش لدى أفراد طاقم الطائرة وقائدهم الذي تحمل مع رفاقه المسؤولية إلى آخر لحظة لما أدركوا أن الطائرة في خطر ولا حظ للنجاة بإبعادها عن منطقة سكنية قرب القاعدة الجوية لبوفاريك فسجلوا بذلك بطولة قلما يتميز نظرائهم في جيوش أخرى من العالم. إن مثل هذه السلوكات المشهود لها تعكس قوة وصلابة إرادة أفراد الجيش الوطني الشعبي بكافة أسلحته وعلى جميع المستويات في انجاز المهام باحترافية وتأدية الواجب بإخلاص بحيث لا يتسرب الشك أو التردد تماما كما تميز به السلف في كل الفترات السابقة وحق أن يكونوا مثالا بارزا يحظى بكل التقدير والاحترام من أفراد مجتمعهم جيلا بعد جيل. لقد نالت القوات الجوية الجزائرية أعلى وسام للشرف ليس بفضل تحمل المهام التقليدية التي تتعارف عليها الجيوش وإنما أيضا بفضل مساهمة أفرادها في سلسلة طويلة من المهام ذات الطابع الإنساني من خلال نقل مساعدات موجهة لشعوب صديقة وشقيقة حلت بها أزمات أو أصابتها مواجع أو ضربتها كوارث طبيعية كما شاركت في أعمال تضامنية خدمة للسلام والتنمية خاصة في إفريقيا حيث تحلق طائرات بلادنا في أجواء القارة السمراء لكما تطلب منها الواجب ذلك لنجدة شعوب مستضعفة ومؤازرة بلدان ليس لديها موارد. ويتذكر الصديق والشقيق تلك الصور البطولية التي ترسم مشهدا رائعا لمثل تلك المواقف التي تعطي للجزائر حظوة وتصنع لها هيبة وتكتب لها شهادات عرفان بين الأمم، مثلما تظهره برقيات التعازي والتعاطف التي وردت فور سماع العالم بالخبر الأليم. انه الخبر الذي أصاب المواطن الجزائري من كافة الشرائح في سويداء القلب ليعبر عن ألمه لما يكنه لجيشه من إكبار وفخر أكدها في أكثر من مناسبة وآخرها إحياء خمسينية الخدمة الوطنية التي تشكل الحلقة المتينة بين الجيش والشعب ترجمتها مواقف صعبة في الماضي عكست تلاحما نادرا أعطى للجزائر درجة مناعة عالية أبعدت عنها مخاطر محدقة. ويحفظ سجل التاريخ منذ عشرات السنين بطولات رائدة في التدخل الفعال خلال كوارث طبيعية ضربت بلادنا أو انجاز برامج تنموية في مناطق وعرة أو حماية امن واستقرار المجتمع أو القيام بواجبات الدفاع عن حرمة التراب الوطني في كل الظروف. كان الضحايا مثل باقي الرفاق من مختلف جهات البلاد في طريق الالتحاق بالخنادق والمواقع من أجل خدمة الوطن الذي تنهار أمامه الانتماءات وتذوب فيه الولاءات، وسوف يحفظ لهم في صفحات تاريخه صدق الالتزام والإقدام على درب الدفاع عن التراب الوطني وصون مكاسب الشعب الجزائري الذي يعرف كيف يتجاوز المحن ويتخطى المصائب فيزداد تضامنا وتعاطفا ليصنع المثل الفريد في عالم يعرف تغيرات جارفة يتطلب تفادي تداعياتها المباشرة أو الجانبية الرفع من درجة اليقظة وإدراك كل ما يلوح حولنا مع تمتين الالتفاف حول جيشنا الوطني الشعبي الذي يحمل الرسالة النوفمبرية بأمانة وإخلاص، ورحم الله شهداء الواجب.