ارتكزت السياسة الوطنية على تشجيع الاستثمار في قطاعات استيراتيجية على رأسها صناعة الأدوية محليا لاسيما إنتاج الدواء الجنيس الذي يشكل محل اهتمام الدولة، لما لها من أهمية في المساهمة في تنمية اقتصادنا والوصول إلى مرحلة التصدير والخروج من التبعية في استيراد الأدوية التي أثقلت خزينة الدولة بالنفقات الباهظة التي هي في ارتفاع مستمر نظرا لغلاء المنتوج الصيدلاني الذي تتحكم فيه كبرى الشركات العالمية وتساوم عليه. هذا ما دعا إليه وزير الصحة وإصلاح المستشفيات جمال ولد عباس في مناسبات عدة، مؤكدا في هذا الإطار إقرار الحكومة الجزائرية تحفيزات جبائية وجمركية وبنكية موجهة للمستثمرين كالمخابر والشركات الصيدلانية الأجنبية المختصة في صناعة الأدوية وكذا نقل رؤوس أموالها وإقامة مخابرها ومنشآتها وهياكلها إلى بلادنا شريطة أن يخضع استثمارهم للقانون الجزائري ودفتر الشروط. وكل هذه الإجراءات المندرجة في إطار ترقية السياسة الصحية والإنتاج الصيدلاني تضمن نقل التكنولوجيا المتقدمة وتسمح بتوفير مناصب الشغل وتنمية قدرات التقنيين الجزائريين فمثلا شركة ڤسانوفي افانتيسڤ التي رصدت مبلغ 120 مليون دولار للشروع في الاستثمار بالجزائر. وفي هذا الصدد، أبدى وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات رغبة بلادنا في استثمار الشركات التونسية الناشطة في الميدان الصيدلاني وإقامة معاملها بالجزائر أو تلك التي ترغب في تصدير منتجاتها الصيدلانية إلى الجزائر. ورافع ولد عباس خلال ندوة الحوار التي نشطها أول أمس مع نظيره التونسي بتونس من اجل شروع الدول المغاربية في عمليات اقتناء جماعي للمواد الصيدلانية من الأسواق العالمية بالنظر للإقبال المغاربي الكثيف على الأدوية المكلفة يقابله ارتفاع الطلب على أساس عدد السكان. موضحا في ذات الشأن، أن شروع البلدان المغاربية في هذه العملية يمكن من تحقيق تخفيضات كبيرة في أسعار المواد الصيدلانية ويشكل وزنا تجاريا مغاربيا هاما، كون الطلبات بالأسواق المغاربية معتبرة. ولم يفوت وزير الصحة الفرصة لاستعراض التجربة الجزائرية في مكافحة داء السرطان خاصة المشروع الهام المتعلق بإنشاء الصندوق الخاص بمكافحة أمراض السرطان المعتمد من طرف المجلس الشعبي الوطني، مبينا الأهمية القصوى التي يكتسيها البرنامج الوطني الخاص بمكافحة السرطان وداء السكري. وبالموازاة مع ذلك، شدد ولد عباس على أهمية إعادة تنشيط الاتفاقية الموقعة سنة 2004 والمتعلقة بالتعاون الثنائي بين الجزائر وتونس في مجال الصحة العمومية والصحة المدرسية، والجامعية وكذا تسيير المستشفيات والإنتاج الصيدلاني، مع ضرورة تشكيل مجموعات عمل مشتركة بين الصيدلية المركزية الجزائرية للمستشفيات ونظيرتها التونسية، وعقد دورات للخبراء والتقنيين في مجال صيدلية المستشفيات تعزيزا لديناميكية التعاون الصحي والصيدلاني بين البلدين.