دعا جمال ولد عباس وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أمس إلى تعزيز صناعة الأدوية محليا للتخلص من التبعية للخارج خاصة وانه تم استيراد 2 مليار دولار أدوية ومنتجات صيدلانية العام الماضي. وكشف ولد عباس في للقاء الأول من نوعه بين الوزارة والمتعاملين من نقابات وجمعيات مهنية ناشطة في قطاع الصيدلة بمعهد باستور بدالي إبراهيم، عن قائمة الأدوية الممنوعة من الاستيراد التي حددها ب 239 صنف. وأعلن الوزير خلال هذا اللقاء عن إرادته في رد الاعتبار للصناعة الصيدلانية الجزائرية وترقيتها من خلال تشجيع الشراكة وتحويل التكنولوجيا، مؤكدا أن هدف الحكومة هو الوصول إلى احتلال المنتوج الصيدلاني الوطني نسبة 70 بالمائة مع نهاية المخطط الخماسي الحالي. من جهتهم عبر المتعاملون والنقابات الناشطة في هذا المجال عن ارتياحهم لهذا المنحى الجديد في نظرة الدولة إلى القطاع ولاسيما وان الوزير كان على معرفة دقيقة ومعمقة بالانشغالات المطروحة، حيث دعا المنتجين بالمناسبة إلى التكتل وتضافر الجهود لرفع التحدي وتحقيق هذه الأهداف. خاصة بعد أن جدت مطالبهم ومشاكلهم أذانا صاغية لدى وزارة الصحة. وهدد ممثل الحكومة بالمناسبة بسحب رخص اعتماد المستثمرين في حال عدم احترام النص القانوني الرامي إلى إنتاج المستورد في ظرف سنتين. وقال أن جميع المنتجين المحليين والأجانب المعتمدين في الجزائر مدعوون للانخراط في هذه السياسة من اجل ضمان تغطية الحاجيات من الأدوية، باعتبارها منتوجا استراتيجيا له انعكاسات على الأمن الوطني. وإذا لم تتحكم فيه تبقى الجزائر تابعة للخارج على حد قول ولد عباس. وتندرج هذه الخطوة المنتهجة من الحكومة في إطار ضبط سياسة تدريجية في سبيل تقليص اللجوء إلى استيراد الأدوية الذي اخذ يشكل عبئا على الضمان الاجتماعي من جهة و يهدد صحة المواطن نتيجة التلاعبات التي تقع بالنسبة للمواد الصيدلانية الحيوية والأساسية وغيرها من المشاكل المتعلقة بالتخزين والتوزيع. وأفاد ولد عباس على هامش اللقاء للصحافة أن الحكومة تسعى إلى إرساء نظام جديد في مجال توزيع الأدوية الجزائرية، من خلال منع خضوع المصنوعة منها والمكيفة محليا للتوزيع عبر تجار الجملة تطبيقا لتعليمة أصدرتها الحكومة في هذا الشأن. وهي تعليمة تقضي بإجبار منتجي الأدوية بالجزائر على إنشاء شبكات توزيع خاصة بهم وبيع منتوجاتهم مباشرة للصيدليات دون وساطة تذكر. ويرمي هذا القرار إلى حماية الدواء محليا، بعد أن بات يخضع لسيطرة شركات التوزيع، وهو ما شكل حالة ضغط كبيرة منذ عدة أشهر كان المواطن ضحيته الأولى. وأكد الوزير أن السياسة التي تنتهجها الدولة فتحت مجالا أوسع من الحرية والاستقلالية في مجال إنتاج الأدوية بعد سنوات من احتكار الدول الغربية المصنعة، التي كلفت الجزائر والمواطن ميزانيات باهظة. ويبقى إنشاء شبكة توزيع ناجعة يتطلب استثمارا هاما وتنظيما محكما ومعرفة كافية بالميدان، وليس هناك خيار أمام المنتجين المحليين سوى التكيف مع القرار الجديد وتطبيقه في الميدان. ويراهن قطاع الصحة حسب تصريحات ولد عباس على ترشيد استهلاك الأدوية مع ضرورة توسيع قائمة الأساسية منها المنتجة والتكفل تدريجيا بالجزئيات الضرورية لمعالجة الأمراض الناشئة. وكشف الوزير عن المشروع المرسوم الرئاسي الخاص بإنشاء الوكالة الوطنية للأدوية مع نهاية العام المقبل،تضم متعاملين عموميين وخواص تقوم بتوجيه قرارات الدولة فيما يخص استيراد الأدوية. تشكل الوكالة المنتظرة آلية ردع لكل المتجاوزين. وهناك حديث آخر عن خلق مديرية عامة للدواء بوزارة الصحة لتسهيل التعاملات حسب ولد عباس. وشكل اللقاء فرصة هامة للأطراف المعنية لتبادل الأفكار والتحاليل حول الوضعية التي يمر بها قطاع الأدوية في الجزائر ،وكيفية تذليل الصعوبات والعقبات التي يلتقيها المتعاملون في سبيل تجسيد الأهداف التي سطرتها الحكومة في مجال تطوير صناعة صيدلانية وطنية راقية تستجيب للطلب الوطني ،وتمكن الجزائر من التخلص تدريجيا من التبعية للاستيراد في أفاق 2014، لاسيما وان قطاع الأدوية يعد من القطاعات الحيوية والإستراتيجية.