من المنتظر أن يضفي قانون الصفقات العمومية الجديد الشفافية على جل المشاريع العمومية التي رصدت لها الدولة أغلفة مالية معتبرة، ويضع حد لكل التجاوزات التي باتت تطال مختلف المشاريع من بريكولاج وعدم احترام الآجال، على غرر ما تشهده بعض مشاريع الأشغال العمومية رغم كل الزيارات التفقدية الميدانية اليومية للمسؤول الأول عن القطاع. وقد كشفت الزيارة الأخيرة لوزير الأشغال العمومية نهاية الأسبوع الماضي لولاية الشلف العديد من التجاوزات للشركات الوطنية، سواء العمومية منها أو الخاصة والتي أسندت لها انجاز مشاريع هامة بالولاية، حيث لا تعد المرة الأولى التي يسجل فيها عمار غول مثل هذه التجاوزات بولايات أخرى من الوطن. الأمر الذي استدعي إعلان الوزارة عن عقوبات صارمة في حق المؤسسات التي لا تحترم العقود وآجال الانجاز المتفق عليها في دفتر الشروط، وذلك في إطار مساعي التأهيل والمرافقة التي يراد من خلالها إضفاء البعد الدولي على مواصفات عملها، وكذا تسليم المشاريع في الآجال المحددة لها في دفتر الشروط. وتدخل الإجراءات التي اعتمدتها الوزارة مؤخرا في إطار السياسة التي تتبعها، تجسيدا لشعار الذي لا طالما رفعه القطاع في انجاز مشاريعه والقائل ڤلننجز بسرعة وبإتقانڤ، خاصة وأن الدولة وفرت كل الظروف الملائمة لسير الأعمال على أكمل وجه، مذللة كل الصعاب لإنهاء المشاريع التي تتولي انجازها وكذا لتنمية تنافسيتها. وسيختلف الأمر مستقبلا خاصة بعد الدعم الذي استفادت منه هذه المؤسسات من خلال مسح ديونها والغرامات المالية المسلطة عليها، خاصة وأن الإطار القانوني يفرض على المؤسسات العمل في أوقات العطل الأسبوعية المحدد بشكل واضح في دفاتر الأعباء، غير أن الجهات الوصية ظلت تتعامل بمرونة مع الأمر تساهلا مع آلة الإنتاج الوطنية التي كان لا بد من مرافقتها. وينتظر تسليط عليها عقوبات صارمة مستقبلا قد تصل حد سحب المشاريع منها وإدراجها ضمن القائمة السوداء، وهي الخانة التي تضم المؤسسات التي يمنع عليها الاكتتاب في المناقصات مستقبلا في حال إخلالها بدفتر الشروط. وقد جاء إصلاح هذا المرسوم الذي سيدخل حيز التطبيق جانفي 2011 في إطار الغلاف المالي الهام الذي رصدته الدولة لتجسيد المشاريع الكبرى والذي بلغ حسب ذات المسؤول 120مليار دج. ويركز القانون الجديد في مضمونه على كل من الصرامة في التسيير والشفافية في التعامل على كل المستويات وكذا النجاعة في تطبيق القانون، حيث جاء هذا الأخير بمجموعة من الإجراءات التي من شأنها ضمان الإصلاحات الكبرى التي تهدف إلى مواكبة الإدارة العمومية للتغيرات الجارية، والتزام المؤسسات في تجسيد المشاريع الموكلة إليها، كما وتكمن أهمية مشروع الصفقات العمومية الجديد وكذا القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للوطن. ولم يبقي في ظل كل هذه التسهيلات التي قدمتها الدولة والتشريعات الجديدة في إطار قانون الصفقات العمومية الجديد للشركات الوطنية إلى مواصلة العمل في تجسيد الأهداف المسطرة، والتخلي عن سياسة البريكولاج التي لا طالما عرفت بها بحجة نقص الإمكانيات.