شرعت مختلف القطاعات في تطبيق مضمون قانون الصفقات العمومية وتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بخصوص مسألة اللجوء إلى مناقصات وطنية فقط لإنجاز المشاريع التنموية المسجلة في برنامج النمو للسنوات القادمة. وتقيدت العديد من قطاعات النشاط في البلاد والتي لها صلة مباشرة ببرنامج النمو للخمس سنوات القادمة بالتوجيهات الجديدة للسلطات العمومية فيما يخص عملية إسناد المشاريع للمؤسسات الوطنية دون غيرها، خاصة عندما تكون المؤسسة الوطنية تملك المؤهلات الضرورية والكافية لتنفيذ المشاريع. واكتفى أكثر من قطاع في إطلاق مناقصات وطنية محدودة في خطوة تهدف إلى التطبيق الصارم لتوجيهات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وإعطاء فرصة للشركات الوطنية في إنجاز وتنفيذ مشاريع التنمية ومن ثم إقحامها مباشرة في البرنامج لتوظيف الخبرة التي اكتسبتها خلال البرنامجين السابقين في إطار الشراكة مع مؤسسات أجنبية وبذلك منحها فرصة إبراز قدراتها. إضافة إلى تمكينها من الاستفادة قبل غيرها من المؤسسات الأجنبية من المخصصات المالية المرصودة وهو ما يضمن تدويرها في السوق الوطنية. ومن نتيجة ذلك تجنب تحويلها نحو الخارج مثلما كان الحال بالنسبة للشركات الأجنبية في البرنامجين السابقين. والتزمت قطاعات الأشغال العمومية والموارد المائية والسكن والثقافة والصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والفلاحة والتربية في مناقصات أطلقتها منذ مصادقة مجلس الوزراء في 11 جوان الماضي على التعديلات الجديدة على قانون الصفقات العمومية، بإطلاق مناقصات وطنية فقط لإنجاز مختلف المشاريع الخاصة بها، وهو ما تبيّن من خلال تلك المناقصات المنشورة في مختلف الوسائط الإعلامية، فبالنسبة لقطاع الأشغال العمومية فإن كل المشاريع المتعلقة بإنجاز شبكة الطرقات الوطنية والفرعية أصبحت تمنح فقط للشركات الوطنية بالنظر إلى التجربة التي اكتسبتها منذ سنة 1999 واحتكاكها المباشر طيلة السنوات الماضية مع مؤسسات أجنبية أسندت لها مهمة تنفيذ مشاريع كبرى على غرار الطريق السيار. وهذا ما تؤكده المناقصة المعلن عنها أمس فقط وتخص أشغال إنجاز جسر على مستوى واد زرقون بغرادية والمسجل ضمن مشروع الطريق الرابط بين متليلي وبريزينة. ولجأت وزارة الأشغال العمومية في إطار برنامجها الوطني لتدارك النقص الكبير في المنشآت القاعدية المتصلة بالقطاع إلى شركات وطنية فقط. وأن ما فتح الباب أمام هذا الاختيار هو العدد المعتبر من المؤسسات الخاصة والعامة المختصة في مجال الأشغال العمومية والتي اكتسبت تجربة منذ السنوات الماضية حيث أحصت الوزارة إلى حد الآن 4000 شركة و360 مكتب دراسات. ونفس الإجراءات اتخذتها وزارة السكن والعمران عبر مختلف الهيئات التابعة لها مثل دواوين الترقية العقارية حيث أصبحت تسند أغلب المشاريع السكنية وأشغال التهيئة لمؤسسات وطنية وهو ما يؤكده مثلا الإعلان الصادر أمس بخصوص إنجاز مركز إسلامي بولاية بجاية. ويلاحظ أن مختلف الوزارات لا تلجأ إلى المناقصات الدولية إلا نادرا وذلك عندما يتعلق الأمر بمشروع ضخم، كما هو الحال مع المقر الجديد لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف المقرر إنجازه بالمحمدية بالعاصمة حيث أعلنت الوزارة المعنية بداية الشهر الجاري عن مناقصة وطنية ودولية. ويأتي التوجه الجديد نحو منح الأفضلية في إنجاز المشاريع للشركات الوطنية متطابقا مع مضمون قانون الصفقات العمومية والتوجيهات الصادرة من الرئيس بوتفليقة باتجاه الحكومة التي تؤكد على اللجوء إلى المناقصة الوطنية لا غير حين يكون الإنتاج الوطني أو الأداة الإنتاجية المحلية قادرة على تلبية حاجيات الجهة المتعاقدة. ومن منطلق تضمين قانون الصفقات العمومية تدابير تمنح الأفضلية للمؤسسة الوطنية فقد دعا رئيس الجمهورية المقاولين إلى ''اغتنام الفرص التي يتيحها البرنامج العمومي للاستثمارات من أجل المشاركة بقوة في إنجازه وتطوير قدراتهم الخاصة وتحسين جودة خدماتهم ومقابل ذلك منح مناصب شغل للشباب''. وجاءت الحاجة إلى تنظيم نشاط منح الصفقات العمومية في إطار البرنامج الخماسي القادم الذي رصدت له ميزانية ب286 مليار دولار لعاملين اثنين الأول يتمثل في منح الشركات الوطنية قدرا أوفر من المشاريع ومن جهة ثانية وضع حد لعمليات تحويل الأجانب لأرباحهم نحو الخارج في وقت كانت تطمح فيه السلطات العمومية الى جلب استثمارات أجنبية قادرة على خلق الثروة في البلاد، غير أنه اتضح أن العديد من المؤسسات الأجنبية لم تكن في مستوى التطلعات الوطنية في هذا المجال بل فضلت توجيه استثماراتها في سوق غير السوق الوطنية رغم حصولها على مشاريع ضخمة في الجزائر.