حرص الجزائر على إحلال القيم العالمية المكانة اللائقة بها على المدرسة الجزائرية المثابرة في زرع قيم العيش مع الآخر وجه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، رسالة عشية إحياء اليوم العالمي للعيش معا في سلام المصادف ل16 ماي، وهذا نصها الكامل: «بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل تحتفل الجزائري في هذا اليوم للمرة الأولى، في تناغم مع بقية بلدان العالم باليوم العالمي للعيش معا في سلام. والاحتفال هذا يكتسي في بلادنا بعدا متميزا لأسباب عدة. أولها لأن الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة أعلنت في 8 ديسمبر الماضي تكريسها لهذا اليوم العالمي للعيش معا في سلام بناء على مبادرة من الجمعية الدولية الصوفية العلوية المنظمة الدولية غير الحكومية التي يرأسها الشيخ خالد بن تونس وبرعاية من بلاده الجزائر. والإعلان هذا إنما هو إقرار من المجموعة الدولية بالجهود التي بذلتها بلادنا وثابرت عليها فنجحت في ترقية ثقافة السلم والحوار والاحترام المتبادل والتسامح بين مواطنيها. المجموعة الدولية المضي في العمل على ترقية ثقافة السلم والحوار وثانيها فإن هذا المسعى كان من باعث قيم أخلاقية وثقافية واجتماعية وإنسانية يؤمن بها شعبنا المعتدل تمام الإيمان. وكذلك لأنه يعكس بنفس القدر حرص شعبنا على إحلال هذه القيم العالمية المكانة اللائقة بها في العلاقات بين الأمم وشعوب العالم قاطبة. أما الثالث فإن هذا الإعلان يعبر عن التزام بلادنا ورغبة المجموعة الدولية المضي في العمل على ترقية ثقافة السلم والحوار داخل المجتمعات وما بين الأمم، وذلك في زمن تفاقمت فيه أسباب القطيعة وعوامل الفرقة. ترقية الحوار والتفاهم والتعاون بين الديانات والحضارات وأمام دعاة الصراع بين الحضارات وأمام دعاة منطق الإقصاء، وأمام مروّجي التطرف وما ينجر عنه من عنف متعدد الأشكال كالانغلاق على الذات ورفض الآخر واحتقاره والتمييز بشتى أشكاله وكره الآخر خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسلم مع الأسف، ما فتئت بلادنا تنادي بترقية الحوار والتفاهم والتعاون بين الديانات والحضارات مستلهمة مرجعياتها من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف دين السلم والسلام دين التعايش، مثلما تؤكد عن ذلك قرون من تاريخ الإنسانية في مختلف القارات. ومن منطلق هذه القيم السمحة للإسلام دين الشعب والدولة في الجزائر، وفق شعبنا الأبي في الخروج من مأساته الوطنية من إرهاب وحشي ومقيت كافحته بلادنا في عزلة قاسية وإرهاب وفتنة تغلبت عليهم الجزائر بفضل الإرادة السيدة لشعبها من خلال خيار السلم والمصالحة الوطنية. لقد سمح هذا الخيار النبيل المنبثق من قيم الإسلام بإصلاح ذات البين، وتوحيد طاقاتهم وضم جهودهم وآمالهم على الخصوص من أجل بلوغ الغاية الوحيدة التي تستحق السعي من أجل طلبها أي تعزيز الوحدة الوطنية وتوثيق تماسك شعبنا وصون سيادتنا الوطنية والعمل معا في مسعى تضامني، من أجل بناء جزائر حديثة يفخر كل واحد وواحدة منا بالانتماء إليها. أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل مبدأ التوزيع العادل للفرص وللثروة الوطنية ذلكم هو بالذات الباب الذي ينبغي أن يدرج فيه التعريف، الذي جاء في الدستور لمكونات الهوية الوطنية من إسلام وعروبة وأمازيغية ووجوب إبعادها عن الاستغلال، والتوظيف السياسوي وترقية سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية قائمة على مطلب ضم الجميع والعدالة الاجتماعية إلى جانب استراتيجيات لإعمار البلاد يحدوها مبدأ التوزيع العادل للفرص وللثروة الوطنية وما يأتي منها من رفاهية. إن هذا النهج هو نفسه الخيار الذي جعلنا ندرج فيه، دينامكية ترقية ديمقراطيتنا الفتية من حيث أنها تسهم في ترسيخ القيم الجوهرية للعيش مع الآخرين في أذهان الناس وسلوكياتهم وفي المؤسسات من خلال تعزيز دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان وحريات الأساسية. في هذا الباب يدرج أيضا التقدم الهام الذي حققته بلادنا في ترقية حقوق المرأة، ومكانتها في مجتمعنا وما لها من دور لا غنى عنه، في صون التماسك الاجتماعي والوطني وتبليغ القيم الأساسية التي منها تستمد الأمة الجزائرية، سداها ولحمتها على مر العصور. في الأخير في هذا الباب ينبغي أيضا، إدراج الإصلاح العميق للمنظومة التربوية الوطنية التي لا تسعنا العبارات لتأكيد دورها في تكوين مواطن كامل التجذر في تاريخ بلاده العريق المتشبع بقيم شعبه الأصيلة مواطن حريص على العمل والتضحية، من أجل الحفاظ على استقلال الجزائر وبناء مستقبلها الزاهر. وعلى المدرسة الجزائرية أن تثابر اليوم في زرع قيم العيش مع الآخر في سلام في أذهان ملايين التلاميذ. أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل بث ثقافة السلم والتضامن والتسامح والحوار بين الشعوب على الصعيد الدولي وإنطلاقا من القاعدة هذه، وقناعة منها بوجاهة أفكارها ضمت الجزائر جهودها إلى جهود دول أخرى، قصد بث ثقافة السلم والتضامن والتسامح والحوار بين الشعوب. من هذا المنظور كانت بلادنا من رواد الدعوة، إلى تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات والديانات وترقية ثقافة السلم فأسهمت بذلك إسهاما مشهودا في جعل المجتمع الدولي يقف أكثر فأكثر في وجه دعاة الصراع والتفرقة بين شعوب المعمورة. من ثم دأبت الجزائر على الصعيد الدولي، على ترقية مبادئ ومثل ميثاق الأممالمتحدة ومقاصده في جميع العلاقات الدولية سواء أتعلق الأمر بحل النزاعات السياسية أم بترقية علاقات اقتصادية أكثر توازنا. وهنا يحق لشعبنا الافتخار بأن بلاده كانت الرائدة قرابة خمسة عقود قبل اليوم في ترقية مطلب حوار عالمي بغية الوصول إلى تأسيس علاقات اقتصادية أكثر إنصافا وتكاملا بين الدول المتقدمة والشعوب المستضعفة خلال جمعية عامة استثنائية للأمم المتحدة. لقد كان تعامل الجزائر مع جيرانها وكافة شركائها قائما على مبادئ السلم والتعايش والتعاون وحسن الجوار. أيتها المواطنات الفضليات أيها المواطنون الأفاضل بناء عالم أفضل قائم على التسامح والاحترام المتبادل بما أن العالم مقبل على الاحتفال بيوم 16 ماي 2018، لأول مرة منذ إعلان هذا اليوم «يوما عالميا للعيش معا في سلام»، من حق بلادنا أن تفتخر بمبادرتها بهذا المسعى المكتوب له الديمومة والذي يهدف إلى حمل أجيال المستقبل في القريب العاجل، إلى القيام بنفسها ببناء عالم أفضل قائم على التسامح والاحترام المتبادل في كنف الاختلاف والتنوع والتضامن. على شعبنا أن يظل من رواد ثقافة السلم والتعايش بالمزيد من الجهد والمثابرة، لترقيتها داخل قطرنا ترقية ملموسة من خلال ترقية الحس المدني وتقديس العمل وحب الوطن. ومن خلال هذا التصرف النبيل نبقى، مدافعين أشاوس عن الصورة الحقيقية الحميدة لإسلام ديننا الحنيف وعلى تقدم الجزائر باستمرار على نهج البناء والإزدهار وتكريس رسالة شهدائها الأمجاد. وفي ختام رسالتي هذه أتوجه إلى، أبناء وبنات شعبنا الكريم أينما كانوا في الجزائر أو في ديار الغربة بأخلص التهاني والتمنيات بمناسبة شهر رمضان المعظم ، متمنيا لهم صياما مقبولا وذنبا مغفورا والصحة والهناء لهم وللأمة الإسلامية جمعاء».