شهدت أمس المقاطعة الإدارية لباب الوادي الافتتاح الرسمي لكنيسة السيدة الإفريقية بعد عملية ترميم دامت حوالي 3 سنوات وتمت بحضور الأطراف المكلفة بمشروع الترميم الذي كلف 51 مليون اورو، المشروع أشرفت عليه جهات فرنسية وجزائرية ودعمه الاتحاد الاوروبي فضلا عن عدة مؤسسات اقتصادية خاصة فرنسية منها وجزائرية كمؤسسة سوناطراك وسونلغاز. وعرفت عملية الترميم الكنيسة 3 مراحل حيث ركزت أشغال الترميم حسب ما أوضحه المهندس المعماري الفرنسي «دافيد غزافي» وهو المشرف على عملية الترميم في مرحلتها الأولى على ترميم مجموعة جناح الكنيسة وهي مجموع السلام ورواق الدخول، في حين شملت المرحلة الثانية مجموع الخورس الثلاثي الفصوص وهو البرج الفانوسي الذي ينتهي على مسافة 42 بالصليب،أما المرحلة الثالثة فقد شملت سكرستيا وأبراج الجرس. وأعطت الخصوصية المبنى لهذا المشروع أبعادا مختلفة، منها الاجتماعي ، حيث تم إنشاء ورشة تعليمية في موقع الأشغال بهدف تدريب مجموعة من الشباب الجزائريين المهتمين بالترميم على تقنياته الحديثة، إضافة إلى تلقينهم خبرة تعود جذورها إلى العصور الوسطى حيث عمل المشروع حسب ذات المتحدث على توفير تكوين ل 12 شاب جزائري في ترميم التراث. وقد ركز المتدخلون في الندوة الصحفية على أهمية المشروع الذي قدم تحت إشراف الجمعية الأسقفية الجزائرية باعتباره احد مشاريع التعاون الجاد بين الجزائر وفرنسا والذي من شأنه أن يثمن التقارب الثقافي بين البلدية والتعاون الاقتصادي. وأشار الحضور إلى أهمية هذا المعلم الديني لكنيسة السيدة الإفريقية معتبرين إياه إرثا حضاريا يمتد إلى حوض المتوسط ويؤرخ لمراحل التعايش بين الديانات ومختلف الثقافات وقد شهد صمود المعلم في أكثر الظروف صعوبة ومن هنا يكتسي هذا المعلم أبعادا سياحية وتاريخية من شأنها أن تحقق الكثير للبلدين وللجاليتين خاصة من الناحية الثقافية. وأعطى هذا التعاون الذي جمع مندوبية المفوضية الاوروبية وولاية الجزائر والسلطات المحلية والإقليمية للدولة الفرنسية، بعدا إضافيا لتجاوز نظرية التعاون الثقافي المتوسطي إلى تعزيز لغة التسامح الديني، وفرصة للحوار بين الثقافات والتفاعل الحضاري بين الشعوب المتوسطية حيث أكد مشروع الكنيسة أن الاختلاف في الدين والحضارة والثقافة لا يفسد للود قضية. وتمثل كنيسة السيدة الإفريقية رمزا من رموز مدينة الجزائر واحد ملامحها البارزة باعتبارها تقع على مرتفعات بلدية بولوغين الخلابة ، أما عمرها فلا يقل عن 150سنة إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى منتصف القرن التاسع عشر، وهي تستقبل 300 شخص يوميا وما يعادل 100 الف في السنة. وتعرف الكنيسة بهندستها الفريدة التي تمتزج فيها عدة أنماط فنية وهندسية كالطابع الروماني البيزنطي والعربي، ففي الجهة الأمامية تجتمع على صحن الكنيسة ثلاث قبب وبابان، بينما في الجهة الخلفية أقيم برج الأجراس في شكل مئذنة مغاربية ، وتنفتح الساحة الواسعة للسيدة الافريقية على البحر ، ذلك أنها تولي وجهها للجهة الجنوبية الغربية ونذكر أن هذه الأخيرة لم تخضع لعمليات الترميم منذ إنشائها إلا مرة واحدة، في حين تعرضت لعدة تصدعات كانت تنذر بالانهيار بعد زلزال ماي 2003 مما استدعى ضرورة إعادة ترميمها.