أعيد أمس فتح كنيسة السيدة الإفريقية بأعالي باب الوادي بعد أشغال ترميم معمقة استمرت لأزيد من ثلاث سنوات بتكلفة مالية إجمالية تفوق الخمسة ملايين أورو اشترك في تمويلها العديد من الهيئات والمنظمات تتقدمهم ولاية الجزائر، الدولة الفرنسية والاتحاد الأوربي وقد حضر مراسيم التدشين وفد فرنسي-أوربي رفيع المستوى إلى جانب وزراء وممثلي رجال الدين والجالية المسيحية بالجزائر..وتعد كنيسة السيدة الإفريقية أحد أهم المعالم الدينية والتاريخية وكذا الأثرية ببلادنا وهي رمز قوي للتعايش السلمي والديني والحوار الحضاري بين الأديان ببلادنا في وقت يعيش فيه العالم انقسامات وتكتلات تضر بالإنسان والإنسانية وقد أشرف أمس وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم رفقة وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد بوعبد الله غلام الله ووالي العاصمة السيد محمد الكبير عدو إلى جانب سفير فرنسابالجزائر وعمدة مارسيليا ووفد فرنسي على حفل تدشين كنيسة السيدة الإفريقية التي تعد احد أهم المعالم الدينية بالجزائر بحضور جمع غفير من الأساقفة ورجال الدين والجالية المسيحية ببلادنا. وقد عبرت الجالية المسيحية التي حضرت بقوة مراسيم الافتتاح عن تقديرها للدور الذي لعبته السلطات الجزائرية في حماية أهم المكتسبات الدينية لغير المسلمين والتي مكنتهم عبر سنوات طوال من ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية ودون أية ضغوط أو اضطهاد في رسالة مليئة بالمعاني الإنسانية والدينية تعكس مدى الاهتمام الذي توليه الدولة الجزائرية لاحترام الأديان ومقدساتهم وتمكينهم من ممارسة شعائرهم. وقد تكفلت ولاية الجزائر باعتبارها صاحبة المشروع بإعادة ترميم وتهيئة كنيسة السيدة الإفريقية التي تعرضت إلى أضرار بالغة وجسيمة عقب زلزال ماي 2003 بحيث لم تتردد السلطات الجزائرية في مد يد العون لممثلي الجالية المسيحية واستجابة لطلبات أسقف الجزائر الذي استنجد بسلطات ولاية الجزائر لإنقاذ الكنيسة من الانهيار بعد أزيد من قرن ونيف من إنشائها. وكانت ولاية الجزائر أول من دعم الفكرة من خلال تخصيص غلاف مالي قدر ب56 مليون دج أي حوالي نصف مليون اورو تضاف إليها مساهمات الدولة الفرنسية والاتحاد الأوربي وعدد من الجمعيات والمؤسسات الأجنبية والجزائرية على غرار سونلغاز وسونا طراك ليرتفع الغلاف المالي المخصص لعملية الترميم إلى 510 مليون دج أي ما يعادل الخمسة ملايين اورو كانت كافية لإعادة الروح والجمال لهذا المعلم . وقد تمت العملية بإشراك عدد كبير من الكوادر والمهندسين الجزائريين بالإضافة إلى حرفيين شباب تم تكوينهم في صقل الحجارة والترميم على أيدي مختصين فرنسيين وقد تمت عملية الترميم بتدعيم أساسات الكنيسة وكذا الصومعات حاملات الأجراس التي كانت على وشك السقوط مهددة بذلك السكان والعائلات المجاورة للكنيسة. ولعل اهتمام السلطات الجزائرية بكنيسة السيدة الإفريقية ليس وليد الصدفة ولا التغيرات والأحداث التي يعيشها العالم وهو الذي يتصدر اكبر حي شعبي بالجزائر وظل محميا على مدار مائة وخمسين عاما وحظي برعاية وتقدير العاصميين رغم الأزمات التي مرت بها الجزائر ولطالما كانت كنيسة السيدة الإفريقية المثال الحقيقي للتواصل والتعايش بين الديانات وبين ضفتي المتوسط وهي التي تجلب إليها ما بين 300 و400 زائر يوميا ما يعادل 100ألف زائر سنويا.