تبدأ الأربعاء القادم بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، جلسات محاكمة ناصر الزفزافي وباقي نشطاء «حراك الريف» التي هزت شمال المغرب منذ حادثة مصرع بائع السمك محسن فكري طحنا داخل شاحنة نفايات نهاية أكتوبر 2016. الاستئناف يأتي بعد خمسة أشهر على صدور أحكام بالسجن في حق معتقلي حراك الريف، ويقضي 52 من قادة الحراك أحكاما بالسجن حتى 20 عاما أصدرتها محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في جوان الماضي. وصدر بحق زعيم الحراك ناصر الزفزافي وثلاثة من أنصاره عقوبة بالسجن 20 عاما مع النفاذ بتهمة التآمر للمساس بأمن الدولة. وقساوة الأحكام أثارت ردود فعل ساخطة في المملكة وتظاهرات للمطالبة بالإفراج عنهم. وهزّت الحركة الاحتجاجية المعروفة ب»حراك الريف»، مدينة الحسيمة ونواحيها على مدى أشهر بين خريف 2016 وصيف 2017، وقد خرجت أولى التظاهرات احتجاجا على حادث أودى بحياة بائع السمك محسن فكري. أحكام قاسية في حق نشطاء حراك جرادة أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة، قبل يومين أحكامها بحق 12 معتقلا على خلفية حراك جرادة. وقضت ابتدائية وجدة بالحكم 5 سنوات سجنا نافذا في حق 5 معتقلين، وهم «عيادي رشيد»، «منعم الناسخي»، «الطيب موغلية»، ومحمد تشيلاليت»، و «رشيد شاحب». وأصدرت المحكمة ذاتها، حكما بالسجن ثلاث سنوات سجنا نافذا في حق 4 معتقلين آخرين، هم « عزيز آيت بيهي»، ياسين بليخيري»، و «محمد الدنبيلي» وسفيان بوهوش. فيما قضت المحكمة في حق 3 نشطاء آخرين بالسجن مع وقف التنفيذ. وكان المتابعون قد اعتقلوا بعد المواجهات التي اندلعت في المدينة، إثر صدور قرار وزارة الداخلية بمنع التظاهر، ووجهت إليهم تهم مختلفة من بينها، إضرام النار، وقطع الطريق العمومية، والعصيان المدني، والتجمهر المسلح، ورشق أفراد القواة العمومية بالحجارة، وإهانة الموظفين العموميين أثناء قيامهم بعملهم. عائلات المعتقلين ترفض المتابعات الجائرة هذا وقد رفضت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة وجدة الأحكام القاسية التي صدرت في حق معتقلي حراك جرادة وقالت أن المحاكمة لم تتبن المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وقال فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوجدة، إن «المحاكمة العادلة حق من حقوق الإنسان الأساسية، نصّ عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأعيد التأكيد عليه وتفصيله في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب، إذ أقر في قوانينه الوطنية، مثل قانون المسطرة الجنائية، بتبني المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وتوفير ظروفها». وأضافت الجمعية الحقوقية أن «القضاء باعتباره آلية وطنية للدفاع عن حقوق الإنسان من واجبه العمل بمبدأ افتراض البراءة الذي يتطلب إثبات التهم بما لا يترك مجالا لشك معقول، كما أكدته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، قصد ضمان حقوق المتهمين وإنصافهم». وأوضحت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تابعت أطوار جلسة محاكمة مجموعة من المعتقلين على خلفية حراك مدينة جرادة، ويصل عددهم إلى تسعة عشر، بمحكمة الاستئناف بمدينة وجدة، أن «هذه الجلسة تميزت رغم علانيتها، كما هو الشأن بالنسبة لجلسات المحاكمات السابقة، بصعوبة وأحيانا استحالة سماع صوت المتدخلين، من القاضي وممثل النيابة العامة والمحامين والمتهمين، بسبب عدم تشغيل مكبرات الصوت أو أن استعمالها يكون غير ملائم». وشددت الجمعية على أن القاعة شهدت عند نهاية الجلسة احتجاج عائلات المعتقلين، خاصة الأمهات اللائي عبرن عن استيائهن ورفضهن للمتابعات «الجائرة» لأبنائهن، مردفة بأن معتقلا متابعا بجنحة احتج على الاستمرار في سجنه، وعبر عن عدم تحمله للسجن نتيجة قساوة ظروفه.