إنجاز أربعة مراكز تكوين عبر التراب الوطني تابعة للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، هو القرار الأهم الذي اتخذه المكتب الفدرالي ل «الفاف» خلال سنة 2018، بعدما صوّت الأعضاء بالإجماع على المشروع ملغين بذلك قرار بناء فندق من أربعة نجوم تابع ل «الفاف»، وهو المشروع الذي أسال الكثير من الحبر وسط الإعلام الجزائري وأهل الاختصاص بين مؤيد ومعارض للفكرة. يبدو أن النجاح الكبير الذي عرفه مركز تكوين نادي بارادو، جعل المسؤول الأول على كرة القدم الجزائرية «خير الدين زطشي» يتبع سياسته التكوينية التي كان أول من بادر بها في الجزائر، لكن هذه المرة على رأس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ولثاني مرة في تاريخ الهيئة الكروية بعد الأولى التي كانت قصيرة في حقبة الرئيس الأسبق «محمد روراوة»، في خطوة يبحث من خلالها رئيس الفاف «زطشي» ومكتبه على جعل اللاعب المحلي نواة المنتخب الوطني الأول وترك السوسبانس جانبا في قبول أو رفض أي لاعب تقمص الألوان الوطنية، لتفادي البلبلة والجدل بين الإعلام الجزائري والفرنسي حول أي لاعب خريج مدارس التكوين الفرنسية ذو أصول جزائرية، مثلما حدث في السابق مع قضية اللاعب «نبيل فقير» وحاليا مع اللاعب «حسام عوار». التألق الكبير لخرجي أكاديمية نادي بارادو دوليا في الآونة الأخيرة مع نجمي الخضر (رامي بن سبعيني ويوسف عطال) اللذان يتواجدان في قائمة التشكيلة المثالية لأفضل اللاعبين لسنة 2018 في «الليغ 1»، وكذا تألق لاعبي بارادو محليا من خلال بروزهم مع الطواحين أو مع فرق أخرى من الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم، بما أن النادي العاصمي بات الفريق الأكثر إعارة للاعبين داخل وخارج الوطن، جعل «زطشي» يمرر مشروعه ببناء 4 مراكز تكوين عبر الوطن بكل من ولايات (تلمسان، سعيدة، باتنة والطارف)، للقيام بعمل تكويني مع الفئات الشابة ودمجها بعد فترة تكوينية في فرق النخبة للاستفادة منها عند فئة الأكابر ومن ثم مساعدتها على الاحتراف في أوروبا، كي يكون الجيل الجديد من اللاعبين المكونين بمراكز الفاف هو قاعدة المنتخب الوطني الأول مرفوقا بخبرة إفريقية كبيرة عند بلوغه فئة الأكابر بعد تدرجه في كل الأصناف العمرية للمنتخبات الوطنية، كما كان عليه الحال مع جيل الثمانينات الذي سحر عشاق الساحرة المستديرة عبر العالم. نجاح التّجربة الأولى يؤكّد أنّ «زطشي» على صواب قرار إنشاء أربع مراكز تكوين في الجزائر تابعة للاتحادية الجزائرية لكرة القدم، أسال الكثير من الحبر وجعل البعض يرى بأنه ليس من الصواب بناء مراكز تكوين والقيام بعمل الأندية، لكن التجربة الأولى التي اعتبرها المكتب الفدرالي الأسبق بالفاشلة في أرض الواقع ليست كذلك، بما أن غالبية اللاعبين المكونين بأكاديمية «الفاف» يصنعون أفراح الأندية التي يتقمصون ألوانها على غرار ثلاثي إتحاد العاصمة (بن خماسة، مزيان وشريفي) بالإضافة إلى لاعب مولودية الجزائر «بورديم» ومدافع شباب بلوزداد «كنيش»، دون أن ننسى زميليهما السابقان الدولي الجزائري «زين الدين فرحات» لاعب نادي لوهافر الفرنسي الذي أنهى الموسم الفارط أفضل ممرر في تاريخ «الليغ 2» الفرنسية، والظهير الأيسر «أيوب عبد اللاوي» الذي احترف نهاية الموسم الفارط باتجاه نادي سيون السويسري. الأمثلة المذكورة تؤكد بأن أبرز لاعبي الجيل الجديد من اللاعبين الجزائريين من خريجي أكاديمية الفاف التي لم تعمر طويلا، وهو ما سيجعل من مشروع «زطشي» ببناء 4 مراكز تكوين عبر التراب الوطني من دون أدنى شك مشروعا ناجحا بما أن الأندية الجزائرية عاجزة عن القيام بالعمل التكويني منذ سنوات، خصوصا أن تطور أي لاعب ما يعود لعدد ساعات العمل خلال موسم بأكمله، وهو ما لا تقوى على القيام به أنديتنا نظرا لنقص المرافق الرياضية وكثرة الأندية التي تتدرب على أرضية واحدة التي غالبا ما تكون مكان إجراء المباريات الرسمية نهاية الأسبوع. عدوى مراكز التّكوين تنتقل من «الفاف» إلى الأندية الخطوة التي قام بها أعضاء الجمعية العامة بترسيم مشروع المكتب الفدرالي ببناء 4 مراكز تكوين عبر التراب الوطني، جعلت بعض رؤساء الأندية يستيقظون من سباتهم العميق الذي دام لسنوات عدة، حيث وأخيرا بدأت تنتشر عدوى إيجابية في كرة القدم الجزائرية، بعدما وضع فريقي شبيبة القبائل وإتحاد العاصمة حجر الأساس للانطلاق في بناء مشروع مراكز تكوين فرقهم بكل من وادي عيسى (بالمخرج الشرقي لولاية تيزي وزو) وبعين البنيان بولاية العاصمة على التوالي، سيسمحان من القيام بتكوين قاعدي متين للفريق والمواصلة في مشروع الاحتراف، في حين ينتظر أن يتبع الناديين العريقين كل من نادي أهلي برج بوعريريج، كما كشف عنه رئيس الفاف «خير الدين زطشي» في تصريح إعلامي ل «الشعب» في الأسابيع المقبلة ومولودية الجزائر حسب المدير الرياضي للفريق «كمال قاسي السعيد».