أكدت الفنانة الأردنية المتألقة قمر الصفدي في حوار مع ''الشعب'' أنه على جامعة الدول العربية أن تقوم بدورها في تحقيق الوحدة والتبادل في مختلف المجالات بين الدول العربية حتى نصل إلى مرحلة من الوعي بقوميتنا، وتحقيق الترابط الأخوي والوعي. وقالت قمر الصفدي إن الأعمال التلفزيونية أصبحت حاليا محصورة في بلدان عربية معدودة، وهدفها تجاري بالدرجة الأولى، مشيرة إلى تراجع الحركة الدرامية في الأردن التي وجب إعادة النظر فيه ا. ̄ رغم مكانتم في قلوب الجزائريين، إلا أنكم لأول مرة تزورون الجزائر، ما سبب هذا الغياب؟ ̄ ̄ الجزائر في بال كل إخواننا العرب، والأكيد أن كل عربي يتمنى زيارتها، لكن بالنسبة لي لم تسمح لي الظروف بزيارتها بصفة شخصية، وبمجرد أن تلقيت هذه الدعوة الكريمة للتكريم في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، سعدت جدا وحضرت الجزائر التي وجدت فيها شعبا كريما ومضيافا. ̄ قليلا ما نسمع عن زيارة فنانين من الأردن إلى الجزائر إلا في المناسبات، ففي المهرجان الماضي سعدنا بزيارة الفنانة عبير عيسى واليوم قمر الصفدي، فهل هذا راجع إلى غياب العلاقات بين الجزائر والأردن، وكيف تقيمون التبادل الثقافي بين هذين البلدين؟ ̄ ̄ في الحقيقة أنا لست على إطلاع كبير بالتبادل بشكل عام، لكن فيما يخص الدراما بحد ذاتها والعروض المسرحية المتبادلة بين البلدين لدي معلومات أكيدة، وشاهدت عروضا لأخواننا الجزائريين في الأردن وأعجبت بها جدا، وأعرف أن الجزائر استضافت فنانين من الأردن خاصة الزميلة ''ماجدة القصص'' التي حضرت في عديد المناسبات، ولديها حاليا عرض مسرحي خارج المسابقة بعنوان ''أوراق الحب.'' ̄ في إعتقادكم إلى أي مدى يمكن أن تساهم هذه المهرجانات في خلق تبادل ثقافي فعلي بين الدول العربية؟ ̄ ̄ أكيد هذه المهرجانات تلعب دورا كبيرا في ربط العلاقات، وخلق تبادل ثقافي بين الدول العربية، والذي يسعدني حاليا أنني أرى مظاهر حماسية كبيرة من عشاق المسرح لعمل حركة مسرحية متطورة في العالم العربي، وتبادل للعروض بين دول وأخرى، وهذا يساهم في فتح آفاق جديدة بين المسرحيين وتصورات جديدة وأفكار، كما يعطي صورة عما يحدث في كل بلد عربي، لأن ما يطرح في هذه الأعمال المسرحية يحمل الكثير من بصمات المجتمع العربي، كما أنه يعطي صورة عما يجري في هذا البلد أو ذاك، يعني هو تبادل ثقافي، سياسي، اقتصادي واجتماعي.. ̄ لكن ما يلاحظ هو انتهاء التواصل بانتهاء الحدث، فبالرغم من المشاركة الكبيرة للدول العربية، إلا أننا لم نسمع على سبيل المثال عن وجود إنتاج مشترك بين الأردن والجزائر، أو زيارة وفد ثقافي عربي إلى الجزائر خارج التظاهرات؟ ̄ ̄ نتمنى أن يكون هناك تواصل فعلي ما بين الدول العربية، وأن لا تكون في إطار المهرجانات والتظاهرات، يجب أن تكون هناك مساهمة في تنشيط هذا التبادل. جامعة الدول العربية لها دور كبير في تحقيق ذلك، وهي أقدر جهة على تحقيق ذلك وتضعها على أرض الواقع، وتعمل على تشجيع هذه المبادرات. نتمنى أن نصل إلى مرحلة من الوعي بقوميتنا لدرجة أن يصبح لدينا الإحساس بأنه لا فرق بين مخرج أردني يخرج عمل جزائري أو العكس، أو ممثل أردني يشارك في مسرحية مغربية أو مصرية. إنشاء الله نصل إلى هذه الدرجة من الترابط الأخوي والوعي، وأن تكون لدينا فعلا هذه الانتاجات المشتركة المبنية على أسس مدروسة بطريقة صحيحة. ̄ وكيف رأت الفنانة الأردنية قمر الصفدي افتتاح المهرجان الوطني للمسرح المحترف؟ ̄ ̄ طيب جدا، دافئ وحميم، جلست مطولا مع وزيرة الثقافة خليدة تومي لمدة لا تقل عن الساعة والنصف، نتجاذب أطراف الحديث، وشكرتها على مجهودها في خلق هذه الألفة بين الجمهور والقائمين على الفن الرابع والمهرجان، وعلمت منها أن من أدوا مسرحية ''الافتتاح'' هم من مسارح جهوية مختلفة كما تقولون هنا في الجزائر وقد عزفوا بطريقة واحدة، الممثلين كانوا رائعين، حتى في العرض الافتتاحي لاحظت أن هناك أداء متفوقا للممثلين الجزائريين، حقيقة هناك مجموعة أداءها جميل جدا، أنا لا أعرف إن كان هناك في الجزائر مدرسة أو معهد لتعليم التمثيل، لكن ما أقوله أنهم يتمتعون بفن عال، حتى أن الإخراج كان متميزا. ̄ أثريتم بفنكم المسرح الأردني والعربي، كيف تقيمون واقع المسرح العربي في الوقت الراهن؟ ̄ ̄ هناك حركة مسرحية نشطة في العالم العربي، يمكن أن تعوض غياب الانتاجات الدرامية الأخرى مثل التلفزيون والسينما، فالإخراجات التلفزيونية أصبحت حاليا محصورة في بلدان عربية معدودة، وهدفها تجاري بالدرجة الأولى، تعمل على أن تُباع أعمالها لقنوات عربية أخرى حتى تتطلع عليها كل الجماهير في كافة الأقطار، وهي تقتصر بدرجة أكبر على سوريا، مصر، الخليج.. لكن الأردن بشكل ضعيف جدا، فللتعويض أعتقد عن السينما والإنتاج التلفزيوني، كل الشباب يعملون على إفراغ حماسهم وحبهم للدراما في العمل المسرحي، وهذه مبادرة جيدة، والجميل في المسرح أن من يعتليه يجب أن يكون عاشقا له، وممكن أن يضحي بحياته الشخصية في سبيل إنجاز عمل للمسرح. ̄ قمر الصفدي أول فنانة تقتحم مجال التمثيل في الأردن؟ ̄ ̄ لا.. أنا ثاني امرأة تقتحم خشبة المسرح الرسمي، كانت هناك محاولات سابقة لكنها كانت ضعيفة، لكن بعدما تأسست أسرة المسرح الأردني اعتبرت هي ميلاد الحركة المسرحية في الأردن، وأنا كنت إلى جانب آنسة أخرى أول امرأة تقف على خشبة المسرح، وأول سيدة عملت في التلفزيون الأردني. ̄ وفي أي سنة اعتليتم خشبة المسرح؟ ̄ ̄ في 1964 أو 1965 والتلفزيون الأردني عام 1968 ̄ ما الذي وجدته الفنانة قمر الصفدي في مسرح الستينيات ولم تجده في مسرح اليوم؟ ̄ ̄ الحقيقة ما وجدته حاليا في المسرح ولم يكن موجودا في الماضي هو ''التجريب'' بشكله الواسع في المسرح حاليا، نحن في بداياتنا اعتمدنا على النصوص العالمية القديمة، مثل ''الأشباح'' و''بيت الدمية'' لهنريك ابستن، إلى جانب مسرحية ''البرجوازي النبيل'' لموليير، كلهم أديت فيهم أدوارا كلاسيكية، وأخرجها الأستاذ هاني صنوبر، وأديت دور البطولة في أغلب الأعمال. بينما الآن المنحى يميل إلى ''التجريب'' أكثر من الكلاسيكي، وكل مخرج له رؤيته، والبعض يقول أنه لم ينجح في التجريب، وليته التزم بالكلاسيكي أفضل، وهناك من يقول أن التجريب صار ضرورة للمسرح. لكن أقول أن التجريب خطير في بعض الأحيان إن لم يكن مدروسا ومبنيا على قاعدة ثقافية واضحة وقوية قد يميل إلى السخافة والتهريج. ̄ وهل يمكن أن نرى الفنانة قمر الصفدي في عمل مشترك مع الجزائر؟ ̄ ̄ والله يشرفني ذلك، لكن ليس على خشبة المسرح، فقد أصبح لدي حاليا فوبيا في هذا الميدان، ابتعدت عنه لفترة طويلة جدا، وكثيرا ما حاولوا في الأردن إعادتي إلى الخشبة. ̄ وما سبب ابتعادكم عن المسرح؟ ̄ ̄ ظروف عائلية، واجتماعية، فالمسرح عمل شاق، فإذا كان الانسان عاشقه ويخوضه ويستمر فيه ، عليه أن يضحي، وأنا الآن أصبحت ظروفي لا تسمح بالتضحية، فعندي أولادي وعائلتي. ̄ وماذا عن الانتاج التلفزيوني؟ ̄ ̄ لا.. العمل التلفزيوني يمكن التنسيق فيه خاصة أنا حيث أعتبر نفسي مدللة في بلدي الأردن، فعلى سبيل المثال أختار التوقيت الذي يناسبني للقيام بتصوير عمل ما، ولذلك أجد نفسي في الانتاج التلفزيوني، حيث لدى والحمد لله كم من الاحترام والتفهم، لذلك استطعت التوفيق بين التلفزيون وعائلتي. ̄ هل من مشروع فني مستقبلا؟ ̄ ̄ اعتذرت مؤخرا عن عمل تلفزيوني لظروف معينة وللطرح الموجود في العمل، هناك ظروف تمر بها الدراما التلفزيونية الأردنية حاليا، القطاع الخاص مستنكف، متخوف كثيرا من أن تباع هذه الأعمال أو لا، هناك تقصير من أصحاب رؤوس الأموال في القطاع الخاص، كما أن القطاع العام مشغول بأمور أخرى، نحن ننادي الحكومة ونرجوها الاهتمام أكثر بالحركة الدرامية في الأردن، لأنها حاليا في الانعاش، لكن هناك محاولات خاصة من قبل جلالة الملك عبد الله أطال الله عمره لإيجاد حل لإخراج الدراما من وضعيتها الحالية، وأرى أن المشكل الذي تتخبط فيه الدراما الأردنية ليست مشكلة الحكومة وإنما يتحمل مسؤوليتها القطاع الخاص بالدرجة الأولى . ونحن الفنانون نقول لهم كي لا تموت الحركة الدرامية، حاولوا تغطية العجز حتى تعود الأمور إلى طبيعتها. ̄ أديتم دور الآنسة ''منشن'' في مسلسل ''سالي'' و''ميلودي'' في ''نصف بطل'' كيف جاءتكم فكرة المشاركة في ترجمة الرسوم المتحركة؟ ̄ ̄ لا ليست ترجمة، ولكن شاركت في أداء بعض الأصوات في الرسوم المتحركة التي سبق وأن ذكرتها. ̄ وحاليا هل ابتعدتم عن هذه المبادرة؟ ̄ ̄ أنا لم أبتعد، ولكنهم أبعدوني، ربما أضحى هناك جيل من المدبلجات الشابات، غزوا هذا الميدان، فأنا أحب كثيرا دبلجة الرسوم المتحركة، حتى نقدم شيئا للأطفال، لكن أقول الحمد لله، أخدنا نصيبنا، والدور على الجيل القادم، أنا لدي زخم كبير ورغبة في الدبلجة البشرية. ̄ كفنانة ومثقفة كيف تنظر قمر الصفدي إلى الثورات الشعبية الحاصلة في مختلف أقطار الوطن العربي؟ ̄ ̄ والله أنا أحترم خصوصية كل وطن عربي، وهذه الاحتجاجات كانت نابعة من احتياجات الشعوب العربية لتغيير أنماط معينة في بلدانهم سواء اقتصادية أواجتماعية.. وفي بعض الأحيان رفع الظلم، الاحتجاج في تونس كان عنيفا جدا وغالبا، حيث شعر كل من تابع الأخبار أنه كان هناك ظلم من قبل الجهات العليا الحاكمة توجب تغييرها، وهذا حق كل الشعوب، لكن أنا أتمنى كمواطنة عربية حريصة على كل بلد عربي تحقيق الوحدة، رغم أنه أمل بعيد إلا أنني أتمناه من الله. كما أتمنى من الشعوب العربية أن تنتبه من محاولة استغلال هذا الوضع في بعض الدول العربية لإثارة البلبلة والفوضى لخدمة مصالح خارجية. ̄ كلمة أخيرة لمحبيك في الجزائر؟ ̄ ̄ محبي في الجزائر، أنا أحبهم كذلك، ولاحظت أنه في المغرب العربي أكثر شعب عربي يتذكر قمر الصفدي هم الجزائريو، وأينما ذهبت إلا وأجدهم يتذكرونني ويتعرفون عليا، وأرى منهم كل المودة والمحبة، فهل المواطن الجزائري نشيط جدا في مشاهدة التلفزيون، أو هو بطبيعته محب للفن لدرجة أنه يقدر الفنان ويعطيه قيمته الحقيقية، لا أعرف لكن هذا ما لاحظته، وأنا أبادله حبا بحب خاصة بعدما شاهدته على أرض الواقع، فقد وجدت الشعب الجزائري وبدون مجاملة شعبا طيبا، بشوشا، كريما مضيافا، صادقا في مشاعره ومحبا، وهذه كلها صفات تجبر أي انسان يأتي إلى الجزائر أن يحب شعبها .