أجرى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساء أمس بإقامة الدولة بزرالدة (الجزائر العاصمة) محادثات مع عاهل المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبد الله الثاني التي توسعت إلى وفدي البلدين. وقد شارك في المحادثات عن الجانب الجزائري رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري ورئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى ووزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم ووزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد نورالدين يزيد زرهوني ووزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي ورئيس المجلس الدستوري السيد بوعلام بسايح. وعن الجانب الأردني شارك في المحادثات الأمير ابن الحسين والأمير غازي بن محمد ورئيس الديوان الملكي السيد ناصر اللوزي ومستشار الملك السيد أيمن الصفدي ومدير المخابرات العامة السيد محمد الذهبي ومدير مركز الملك للتصميم والتطوير السيد مؤيد السمان وسفير الأردن بالجزائر السيد زاهي الصمدي ومدير إدارة السياسات الدولية السيد جعفر حسان. وقبلها كان رئيس الجمهورية قد أجرى محادثات على انفراد مع العاهل الأردني كما أقام بإقامة الدولة بزرالدة (الجزائر العاصمة) مأدبة غداء على شرف ضيف الجزائر، الذي غادر الجزائر أمس بعد زيارة لها دامت يوما واحدا وكان في توديعه رئيس الجمهورية. وتأتي زيارة العاهل الأردني إلى الجزائر في إطار "سنة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين الشقيقين حول الوضع السائد على الساحة العربية والقضايا الراهنة على المستوى الجهوي والدولي ذات الاهتمام المشترك". وشهدت العلاقات الجزائرية الأردنية تطورا نوعيا خلال السنوات الأخيرة كرستها ديناميكية التعاون التي أرستها الزيارات المتبادلة لمسئولي البلدين على أعلى مستوى، والتي تنصب على تطوير مستوى التعاون الاقتصادي الذي يبقى دون الآمال المنشودة والإمكانيات التي يزخر بها البلدان، ومن هذا المنطلق تأتي زيارة العاهل الأردني للجزائر في إطار بعث أسس الشراكة الثنائية والارتقاء بهذا التعاون ليكون بمستوى العلاقات السياسية الجيدة. وقد تجلى ذلك منذ تأسيس اللجنة المشتركة الجزائرية-الأردنية عام 1996 التي أضفت على العلاقات بين البلدين "حركية قوية" بالإضافة إلى التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مختلف الميادين والقطاعات، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الزيارة التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى العاصمة الأردنية عمان في فيفري من عام 2000 مكنت من إعطاء "دفع قوي" للعلاقات الثنائية. وتعتبر زيارة الملك عبد الله الثاني للجزائر الأولى من نوعها وهو ما جعل الكثير من المتتبعين يولونها أهمية كبيرة من منطلق أنها تسمح بتشخيص وتقييم آفاق التعاون في شتى القطاعات، وكذا تفعيل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية الموقعة سنوات 1998 و1999 و2000. ويرتكز التواجد الاقتصادي والتجاري الأردني بالجزائر في مجال الصناعات الصيدلانية على وجه الخصوص، من خلال نشاط العديد من الشركات الأردنية الدوائية بالجزائر ك"دار الدواء" و"دار الشفاء"، بالإضافة إلى "الشركة الجزائرية الأردنية للصناعات الدوائية"، كما أقام السعوديون والأردنيون شراكة بمصنع "الكندي" للدواء، إلى جانب دخول تسعة مخابر أردنية لإنتاج الدواء في مشاريع بالجزائر بعضها في إطار شراكة مع مؤسسة صيدال والبعض الآخر بصفة مستقلة. وخارج هذا الإطار، تعرف المبادلات ضعفا، في الوقت الذي بدأ فيه الأردنيون إطلاق أولى عمليات الاستثمار في المجال السياحي، فيما يرتقب أن تقيم مجموعة "السختيان" الأردنية قرية سياحية بمدينة تمنتفوست، حيث سبق أن تم تسجيل المشروع وفقاً لبرنامج لدى وزارة السياحة. وخلافاً لدول عربية أخرى يفتقد البلدان للجان مشتركة على أعلى مستوى. ويتوق البلدان إلى مضاعفة حجم التبادل الذي يشهد ضآلة ملحوظة حيث قدرت الصادرات الأردنية نحو الجزائر عام 2007 بحوالي 80.6مليون دولار. وتتشكل هذه الصادرات أساسا من الحليب المسحوق ومشتقاته والأدوية والأسمدة المعدنية وأملاح البوتاسيوم وكربونات الكالسيوم ذات الاستعمال الصناعي بالإضافة إلى مواد كيمياوية وألبسة وأجهزة ميكانيكية ومضادات الجراثيم. وبالمقابل صدرت الجزائر نحو الأردن ما يقارب 2 مليون دولار من منتجات الحديد والصلب وتبين هذه الأرقام بوضوح الاختلال المسجل في ميزان التبادل التجاري بين البلدين،حيث عبر الجانب الأردني في أكثر من مناسبة عن رغبته في إعادة النظر في الاتفاقية التجارية الموقعة بين البلدين التي أبرمت عام 1997 لتوسيع قائمة السلع المعفاة من الضرائب. وكان الطرف الجزائري قد وافق مبدئيا على المقترح الأردني لعقد اجتماع اللجنة الفنية المشتركة الجزائرية -الأردنية المكلفة بالتجارة قصد تقييم تطبيق اتفاقية التعاون التجاري الموقعة بين البلدين. وترغب الجزائر في الاستفادة من الخبرة الأردنية في مجال إدارة المناطق الصناعية ومناطق التبادل الحر، بينما تستفيد الأردن من التجربة الجزائرية في مجال المحروقات، لا سيما من خلال مساهمة الجزائر في مشاريع أردنية في مجالات النفط والطاقة كمشروع أنبوب النفط العراقي الأردني ومشروع الغاز المصري، كما يبدي العديد من المسؤولين الأردنيين أهمية كبيرة للسوق الجزائرية بحكم موقعها المتميز الذي يتوسط القارتين الأوروبية والإفريقية، فالأردن بحكم تطلعه لتطوير منتجاته خارج حدوده والمنطقة العربية يسعى للاستفادة من السوق الوطنية واستغلالها كمنطقة ولوج نحو أوروبا. ويذكر أنه سبق للجزائر أن نظمت بالعاصمة الأردنية عمان معرضا تجاريا في 2006 شاركت فيه 18 شركة جزائرية من القطاعين العام والخاص تحت إشراف وزير التجارة السيد الهاشمي جعبوب. ويتمسك مسؤولو البلدين على أهمية تذليل المعوقات التي تعترض نمو حركة التبادل التجاري بين الأردن والجزائر، داعين القطاع الخاص إلى إقامة مشاريع مشتركة خاصة في ظل وجود اتفاقيات في هذا المجال، إضافة إلى توفر بنية تحتية وبيئة تشريعية مناسبة للاستثمار والأعمال التجارية تسهم في التنمية الاقتصادية.