انشغالات مختصين لجعل المناطق الرطبة حظيرة طبيعية محمية تنقلها “الشعب” رغم الجهود التي بذلت خلال السنوات الأخيرة من أجل إعادة الاعتبار إلى المناطق الرطبة قرباز في سكيكدة ،إلاّ أنّ غياب التكفل الحقيقي بتصنيفها، والاستثمار فيها جعلها غير مستغلة في الترويج السياحي المحلي، وعرضة الى كل اشكال التعدي، من تلويث للبحيرات وتعرية الأراضي من غطائها الطبيعي واستنزاف مياهها في السقي. “الشعب” ترصد هذه الوضعية ضمن هذا الاستطلاع. لأهميتها البيئوية والسياحية، جنّدت محافظة الغابات بسكيكدة في بداية الأمر بالتنسيق مع الجمعيات المحلية النشطة في حماية البيئة، فرق متنقلة بالمنطقة، للحد من نهب ثرواتها خصوصا وأنّها عرفت عمليات نهب الرمال والتعرية من الغطاء النباتي، وهذه الفرق مزوّدة بسيارات تقوم بدوريات مستمرة بكامل المنطقة للحفاظ على الغطاء النباتي من الانتهاكات المستمرة . كما عملت على الحد من الاستغلال غير الشرعي للخشب والتوّسع الفلاحي الذي ألحق أضرارا جسيمة، وتسبّب في تعرية الغطاء النباتي بهذه المنطقة الرطبة، وهجرة عدد كبير من الطيور بسبب نفاد المخزون المائي السطحي والجوفي، وكذا نقص مساحات الأراضي الزراعية الفلاحية الموجودة بها، والتي أضحت مهدّدة بزحف الرمال عليها جراء النقص المتزايد للغطاء النباتي الناجم أساسا عن الاستغلال الفاحش وغير الشرعي للرمال. سبق ان طلبت الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث ANPEP بحسب رئيسها حليمي علي، ببعث المشروع الخاص بمراقبة و حماية المنطقة الرطبة قرباز والذي استفاد من قيمة 420 مليون دج من طرف برنامج الأممالمتحدة للبيئة والتنمية PNEUD وتجسيده، موضحا في ذات السياق أن هذا المشروع شهد جمودا منذ سنة 2006 إلى اليوم مع الاكتفاء ببعض الدراسات التي لم تعط نتائج ملموسة ميدانيا، وتم خلالها تشكيل لجنة مكونة من العديد من الأطراف بما فيها مديرية الري، السياحة، البيئة، محافظة الغابات، و جمعيتين ناشطتين في مجال البيئة للمتابعة لكن اجتماعات هذه اللجنة توقفت في السداسي الأول لسنة 2013 دون جديد يذكر لفائدة متابعة المشروع. اكدت الجمعية الوطنية أن المشروع كان يضم بناء قطب بالمنطقة يضم مخبرا وانجاز أبحاث وتنظيم ملتقيات وإنجاز بنك للمعلومات خاص بالمحافظة على المنطقة الرطبة وحمايتها، الى جانب مواصلة تدعيم السكان المجاورين بكافة الإمكانيات لتثبيت إقامتهم بالمنطقة وتشجيعهم على مزاولة نشاطات فلاحية رعوية تتماشى مع المنطقة وهو ما كان مخططا له أصلا داخل محاور المشروع. من جانبه، اوضح عثمان معمري، ممثل الديوان المحلي للسياحة ببن عزوز في كثير من المناسبات “ ان هذا المجمع للمناطق الرطبة مند 13 سنة ما يزال في نقطة البداية، والأمور لم تتغير . والمطالب التي رفعت لجعلها منطقة محمية ومصنفة لم تأت بالجديد، رغم اعتبار “رامسار” انها منطقة جد هامة”. كشف مصدر من محافظ الغابات ل “الشعب”، أن ملف إنشاء منطقة محمية على طاولة الوزارة المعنية، حتى تتمتع بالاستقلالية في التسيير والتمويل، خاصة أنه في الوقت الراهن، لا يوجد تمويل مباشر لهذه الأخيرة التي سبق لها أن أنجزت بشأنها دراسة معمقة بين الحكومة، وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية والصندوق العالمي من أجل الطبيعة، للحفاظ على هذه المنطقة المعنية باتفاقية ‘'رمسار'' العالمية، ومن ثمة وضع مخطط للتسيير من شأنه أن يسمح بإنشاء الحظيرة الطبيعية المحمية. في هذا الاطار، قال الدكتور عمار فوفو، مختص في الفلاحة والتنمية الريفية بجامعة سكيكدة، ل “الشعب”، ان منطقة قرباز صنهاجة مهمة للغاية كونها تحافظ على التوازن الإيكولوجي البيئي، ولها مقومات نادرة”. عن مستقبل هذه المحمية، أوضح الدكتور أنه ينتظر تصنيفها كحظيرة طبيعية محمية، وبتغير وضعها القانوني وتحصلها على الاستقلالية في التسيير، يصبح لها غلاف مالي يمكنها من تثمين المكان بما يسمح بخلق الثروة، عن طريق القيام بأشغال التهيئة، وإنجاز بعض مرافق ترفيه، وتثمين منتجاتها الغابية، وفتح المجال لسكان المنطقة من أجل ممارسة الفلاحة من خلال زراعة أشجار الزيتون أو الأشجار المثمرة التي تحترم البيئة وغيرها”. المجمع للمناطق الرطبة صنهاجة – قرباز، الواقعة ببلديات جندل، بن عزوز، المرسى، تصنف من بين أهم الكنوز الطبيعية الجميلة التي تزخر بها سكيكدة، وتعدّ في نفس الوقت من بين أجمل المناطق الرطبة على المستوى العالمي تتربّع هده الاخيرة على مساحة إجمالية تقدر ب 42100هكتار، وهي ضمن المناطق المحمية دوليا طبقا للمادة 21 من اتفاقية “رمسار” تحت رقم 1056المؤرخ في02/02/2001، وتحتوي على 09 بحيرات في غاية الجمال، بمساحة تقدر ب 2580 هكتار، وتمتاز بطابعها البيئي الخاص سواء تعلق الأمر بطبيعة غاباتها المحيطة بها أو بنوعية النباتات الممتدة على طول هذه البحيرات من الجانبين، مما جعلها ملجأ وعلى مدار الفصول الأربعة، لمختلف أصناف الطيور المهاجرة والنادرة في العالم بما فيها مختلف الطيور المائية. اتفاق شراكة من أجل تسيير عصري لمركب المناطق الرطبة وافقت المديرية العامة للغابات مؤخرا، لتنفيذ خطة العمل الجديدة لتسيير مركب المناطق الرطبة “قرباز صنهاجة”، وذلك بإقرار اعتمادها للمرحلة الثانية من برنامج العمل النموذجي للتنمية الريفية والزراعية المعد بالتنسيق مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية، بهدف حماية مياه هذه المنطقة من التلوث، واقتراح حلول عملية لتشغيل السكان في نشاطات ذات طابع اقتصادي محافظ على البيئة. تم في نفس الإطار تنفيذ برنامج العمل النموذجي للتنمية الريفية والزراعية، إنجاز مركز للتكوين والتدريب في المجالات التي لها علاقة بالبذيئة في حين تشمل المرحلة الثانية تنفيذ توصيات البرنامج المتعلقة بخطة العمل المقترحة من طرف الخبراء لعصرنة تسيير مركب المناطق الرطبة “قرباز صنهاجة”، للحفاظ على التنوع البيولوجي الخاص بالنباتات والحيوانات مع المساهمة في تطوير نشاط زراعة التين الشوكي من طرف المرأة الريفية بالمنطقة. يأتي اتفاق الشراكة الاول الذي تم التوقيع عليه مؤخرا بالجزائر العاصمة، لتجسيد مشروع التسيير المندمج لمركب المناطق الرطبة قرباز صنهاجة بسكيكدة، بين وزارة الشؤون الخارجية و برنامج الاممالمتحدة الانمائي و المديرية العامة للغايات، في مسعى المصالح المختصة للمحافظة على هذه المناطق وخطوة أولى نحو تصنيفها. وبحسب خبير بالهيئة الاممية في الجزائر، فإن المشروع يندرج في اطار السياسة الوطنية للحفاظ على المناطق الربطة و التنوع البيئي و التنمية المستدامة. وقد تم اعداده بالشراكة مع برنامج الاممالمتحدة الإنمائي كما ان المشروع قد شرع في تنفيذه منذ سنة 2003، يتضمن اقتراح حلول علمية لحماية الثروة المائية من خلال تثبيت الكثبان الرملية على مساحة 75 هكتارا، مع اختيار شركة “كوكا كولا” عبر مبادرة “رين” لتمويل المشروع بقيمة 300ألف دولار، تضاف إليها مساهمة الحكومة الجزائرية بقيمة 100 ألف دولار، و ستمتد ل12 شهرا، مما سيمكن من تعزيز الحماية من الفيضانات و مراقبة الانجراف و تحسين نوعية المياه و احتباس الكربون، ووفق نفس المصدر، فالمشروع يهدف الى اعادة الاعتبار و تثمين المنطقة من خلال الاستعمال العقلاني لمواردها المائية”، و بالإضافة الى الشق البيئي، سيمكن المشروع أيضا، من منح امكانيات تسلية و تأمين السكان المقيمين بالقرب من هذه المناطق الرطبة، و يساهم في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للمنطقة ككل، وذلك بخلق سياحة مستدامة من خلال تحسين الفضاءات الطبيعية والحفاظ على ثروتها البيئية و تشجيع نشاطات الصناعات التقليدية المنتجة، انطلاقا من مواد محلية و تثمين النشاطات الاقتصادية و البيئية و المولدة للثروة. أكثر من 12 ألف من الطيور زارت المنطقة سعت مصالح الغابات لمقاطعة عزابة، رفقة الجمعيات النشطة في الميدان عبر بلديتي عزابة وبن عزوز إلى تكثيف الجهود قصد حماية الطيور المهاجرة المتواجدة بالمنطقة الرطبة بن عزوز، نتيجة تعرض هذه المنطقة خلال السنوات الأخيرة إلى اعتداءات عرضت غطاءها النباتي إلى التعرية مما تسبب في هجرة عدد كبير من الطيور بسبب نفاذ المخزون المائي السطحي والجوفي وكذا نقص مساحات الأراضي الزراعية الفلاحية الموجودة بها والتي أضحت مهددة بزحف الرمال عليها جراء النقص المتزايد للغطاء النباتي الناجم أساسا عن الاستغلال الفاحش وغير الشرعي للمرامل المتواجدة بها. المبادرة جاءت على اعتبار أن هذه المنطقة تعد ملجأ وعلى مدار الفصول الأربعة لمختلف أصناف الطيور المهاجرة والنادرة في العالم بما فيها مختلف الطيور المائية، حيث يعيش فيها ما يقارب 230 صنف من الطيور، منها أكثر من 140 صنف تعيش في المناطق الرطبة فقط من بينها 42 صنفا هي في الأصل طيور جد نادرة للغاية كالنعام الوردي وأبو الساق الأبيض والبلشون الأرجواني والهدهد والنورس. أجبر ذلك الوضع الخطير المسؤولين حينها، إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الاستعجالية، منها تجميد نشاط المرامل السّت التابعة لمؤسسات عمومية، والتي تنشط جلها على مستوى دائرة ابن عزوز، وبالضبط في المنطقة الرطبة صنهاجة قرباز ومنع الرعي المكثف وغير المراقب، مع القيام بعملية تشجير لمساحات شاسعة منها بأشجار الصنوبر والبلوط الفليني وببعض النباتات بغرض تثبيت الكثبان الرملية، مع إنجاز حاجز أخضر داخل الحيز العمراني، ناهيك عن تكثيف المراقبة الجوارية على كامل المنطقة بمساهمة الجهات المختصة. وقد بلغ عدد الطيور التي هاجرت في اخر إحصائيات بالمنطقة الرطبة صنهاجة قرباز، إلى 12 ألف و728 طائر وتتشكل من اثني وثلاثين نوعا، قدمت من مختلف أنحاء أوروبا ومن جنوبروسيا، وتلقى الرعاية والعناية من طرف مصالح الغابات إلى جانب الهيئات المحلية المعنية بالبيئة والمحيط. مركز للتحسيس والتربية البيئية بالمنطقة تم انشاء أول مركز للتحسيس والتربية البيئية عبر الوطن بمشتلة قرباز، ببلدية جندل، شرق مدينة سكيكدة، ويضم هذا الاخير، غرفة خاصة ثلاثية الأبعاد تمكن الأطفال من الانتقال من العالم الحقيقي إلى العالم الافتراضي عن طريق نظارات خاصة يقومون خلالها بزيارة المنطقة الرطبة قرباز صنهاجة والتعرف عليها ومشاهدة كل أنواع الطيور والحيوانات وكذا النباتات المتواجدة بها بتكنولوجية عالية. المركز كان في الأصل عبارة عن منزل تابع لقطاع الغابات، هيئ من جديد، ويضم غرفة خاصة بالسلسلة الغذائية للحيوانات وأخرى يتعرف من خلالها الأطفال عن طريق وسائل متقدمة مسار الطيور المهاجرة عبر العالم وطريقة ترقبها، ويندرج انشاء المركز في إطار توعية الأطفال بالمحافظة على البيئة والموارد الطبيعية وتقريبهم من الوسط الطبيعي وكذا الإجابة عن تساؤلاتهم حول طريقة عيش مختلف الحيوانات البرية.