تكتسي صناعة الدواء مكانة إستراتيجية في القطاع الصناعي، إذ يعد من بين القطاعات الهامة التي تسعى الحكومة لتطويرها، وترقية الاستثمار في هذا المجال في المديين القصير والمتوسط. وقد ابرز الاجتماع التقييمي الأخير للقطاع الصناعي خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية تسجيل ارتفاع في القيمة المضافة بنسبة 6،4 بالمائة، ورقم أعمال بنسبة 5،11 بالمائة في عدة فروع من الصناعة الخفيفة من بينها قطاع الصيدلة. وقد أكدت الدولة أهمية في مجال الإنتاج الدوائي في الجزائر من خلال الدعم الذي تقدمه إلى المنتجين المحليين وعلى رأسهم ''صيدال'' التي استفادت من تمويل قدر ب7،16 مليار دج من اجل عصرنة وسائل الإنتاج وبناء مصانع جديدة للأدوية وكذا إنشاء مركز البحث والتنمية لتمكين المجمع من رفع تشكيلة الأدوية من 279 إلى 343 منتوج صيدلاني، وكذا لتطوير القدرة الإنتاجية من 173 مليون إلى 370 مليون وحدة، بغرض ضمان تموين مستمر للسوق في المنتوجات المحلية، ولتخليصه تدريجيا من حالة التذبذب الذي لازمته منذ مدة من الزمن. تهدف الإستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها الحكومة للاستثمار في الصناعة الصيدلانية عموما والدوائية على وجه الخصوص لإخراج في مجالات معينة حسب الاحتياجات الوطنية، وليس حسب الاملاءات والمصالح التي تريد تحقيقيها المخابر الأجنبية. وقد أولت عناية كبيرة بمجمع صيدال الذي تريد أن تجعل منه قطب صناعي هام في الفترة الممتدة إلى غاية 2015، حيث منحته كل الدعم للرفع من قدراته الإنتاجية ولتطوير منتوجاته الصيدلانية، خاصة وانه يعول عليه في الرفع من تغطية الاحتياجات الوطنية من الدواء المنتوج محليا الذي لا يتعدى في الوقت الراهن 35 بالمائة، لبلوغ نسبة 70 في المائة إلى غاية نهاية الخماسي الجاري. وإذا كانت السياسة الصحية الجديدة تركز على تطوير الإنتاج المحلي تؤكد بالمقابل على ضرورة استغلال الشراكة الأجنبية لضمان أدوية فعالة وبأقل تكلفة، هو الهدف الذي جعل السلطات العمومية تفتح مجال الاستثمار الأجنبي وتدعوا المخابر الأجنبية إلى إقامة مشاريع شراكة مع المخابر الجزائرية، والاستفادة من التحفيزات الممنوحة في هذا المجال. انتقدت الشركات العالمية قرار الحكومة الجزائرية منع استيراد المواد الصيدلانية، للتخلص من التبعية، ولتطوير الإنتاج المحلي واعتبرت أن ذلك لا يعطي فرصا متساوية لكافة المخابر للوصول إلى السوق الجزائرية بالرغم من أن المنتوجات المستوردة تغطي حوالي 65 بالمائة من الاحتياجات الوطنية، ولا يمكن الاستغناء على الاستيراد في كل الأحوال، لان الصناعة الصيدلانية في الجزائر ما تزال في حاجة إلى التكنولوجيات الحديثة أو البيوتكنولوجيا لإنتاج الأدوية، وهي الغاية التي من اجلها إقامة شراكة مع مخابر عالمية وخاصة الأمريكية مثل ''نوفرتيس'' و''ايلي ليلي''... التي أبرمت مؤخرا وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عقود لتطوير إنتاج أنواع من الأدوية. وتعتمد هذه المخابر في حملتها للتأثير من اجل العدول على هذا الإجراء الذي اتخذته الجزائر لحماية الإنتاج المحلي، على الترويج لحق المريض للحصول على الدواء بطريقة حرة بدون ضوابط الأسعار، وهو ما يعتبر بمثابة وسيلة ضغط تلجأ إليها لفرض منتوجاتها الباهظة الثمن من جهة وتساهم في قتل الإنتاج المحلي من جهة أخرى.