تمديد فترة بن صالح ممكنة بموجب المادة 104 سويعات قبل انقضاء الآجال القانونية المحددة لإيداع الترشيح تحسبا للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 4 جويلية، والتي تزامنت ومنتصف ليلة أمس، أعلنت قيادة حزب التحالف الوطني الجمهوري وكذا جبهة المستقبل رسميا عن تعليق مشاركتهما في الاستحقاق في موقف غير مفاجئ قياسا إلى المعطيات، وعلى الأرجح فإن المجلس الدستوري سيصدر بيانا، وبخصوص إمكانية تمديد فترة رئيس الدولة فإنها ممكنة بموجب المادة 104 من الدستور، وفق ما أوضح ل«الشعب» الدكتور المختص في القانون الدستوري لخضر بوعافية. كانت الأنظار، أمس، مشدودة إلى مقر المجلس الدستوري، الذي كان من المفروض أن يعكف على دراسة ملفات المترشحين للرئاسيات، التي دعا لها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح المقررة يوم 4 جويلية، غير أنه ورغم سحب قرابة 80 استمارة للترشح، إلا أنه لم يتم إيداع ملفات ما يرسم عدم إجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها، ملفات جزم أصحابها أنها تستوفي كامل الشروط وفي مقدمتها جمع التوقيعات، ورغم ذلك فضلوا التراجع. بعد انقضاء 45 يوما على الآجال المحددة لعملية إيداع ملفات الترشح، التي أعقبت أول خطوة في المسار الانتخابي ممثلة في استدعاء الهيئة الناخبة، وعدم إيداع ملفات لدى المجلس الدستوري وأكثر من ذلك انسحاب أبرز التشكيلات السياسية المشاركة على غرار جبهة المستقبل والتحالف الوطني الجمهوري، فيما لم تشارك كبريات التشكيلات السياسية التي تعيش تصدعات داخلية وتعمل جاهدة من أجل إعادة ترتيب بيتها الداخلي، فيما أعلنت المعارضة على اختلافها مقاطعتها جزء منها لتمسكه بالمجلس التأسيسي والآخر رافضا تنظيمها برموز النظام القديم. وجاء انسحاب التشكيلات المتمسكة بالحل الدستوري والانتخابات، والتي سحبت الاستمارات انطلاقا من هذه القناعة، ليؤكد تأجيل الاستحقاقات الرئاسية التي ستفرز رئيسا للجمهورية يعمل على الاستجابة للمطالب الشعبية المرفوعة خلال المسيرات المليونية منذ انطلاقها يوم 22 فيفري، لكنها كانت تترقب الاستجابة للدعوات إلى الحوار التي أطلقها رئيس الدولة ولم تلق استجابة. وقد سارع أمس حزب بلقاسم ساحلي إلى تعليق مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الرابع جويلية المقبل، «وهذا إلى غاية توفّر الشروط المناسبة لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري والهام»، وأفادت قيادة الحزب في بيان تلقت «الشعب» نسخة منه، مجددا الشروط التي سبق وقدمها، «ولاسيما ما تعلق بتشكيل حكومة كفاءات وطنية بقيادة شخصية مستقلة وتوافقية، ومعالجة إشكالية عدم شرعية رئيس المجلس الشعبي الوطني»، و»تنصيب هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، وتعديل بعض مواد القانون العضوي للانتخابات ذات الصلة بإجراء الانتخابات الرئاسية، ضمن رؤية مرنة للأجندة الانتخابية، والتي تتطلب تأجيل الانتخابات الرئاسية لبضعة أسابيع وفق ما يتيحه نص وروح الدستور». وبرر بلقاسم ساحلي موقف التشكيلة ب «رفض شرائح معتبرة من الشعب الجزائري، للإطار الذي سيتم فيه موعد 04 جويلية وليس للانتخابات كوسيلة وحيدة للتعبير الحّر والديمقراطي عن السيادة الشعبية»، وإلى ذلك «عدم اكتمال الآليات الدستورية والقانونية المؤطرة للانتخابات (الهيئة العليا للإشراف والرقابة، وتعديل قانون الانتخابات)، بالإضافة إلى غياب التوافق السياسي لدى أغلبية الفاعلين في الساحة الوطنية»، أمر قد «يجعل من موعد 04 جويلية فرصة أخرى ضائعة للحل، وربما سببا إضافيا لتأزيم الوضع، عوض أن البداية الصحيحة لمسار حل الأزمة السياسية الراهنة». لكن الحزب وإن علق مشاركته إلا أنه حرص على «تمسكه بالحل الدستوري والانتخابي»، مؤكدا أنه يتقاسم «التصّور الحكيم المعبّر عنه من طرف الجيش الوطني الشعبي بقيادة رئيس الأركان الفريق أحمد ڤايد صالح»، ذلك أن «إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، وفي أحسن الظروف المتاحة، وكذا تأطير الحراك الشعبي وتنظيمه بما يمنحه قدرة تفاوضية لتحقيق مطالبه المشروعة، والتأكيد على رفضه لأي استغلال حزبي أوسياسوي»، وكذا «رفضه لكل تدخل أجنبي، بالإضافة إلى رفض والتنبيه لخطورة بعض المطالب غير العقلانية». ولم يفوت المناسبة ليدعو «الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والحراك الشعبي، إلى الالتفاف حول هذا المسعى المصيري، لتحقيق الهبة الوطنية المنشودة وبناء الجزائر الجديدة»، و»تركيز جهود الجميع على إنجاح الفترة الانتقالية الدستورية»، من أجل تحقيق الهدف الأسمى ممثلا في «إرجاع الكلمة للشعب لممارسة سيادته في اختيار رئيسه المقبل». وذهبت قيادة حزب المستقبل في نفس الاتجاه، معلنة في بيان أصدرته بالمناسبة عن «قرارها عدم إيداع ملف الترشح للرئاسيات المزمع إجراؤها يوم 4 جويلية لدى المجلس الدستوري»، لكنها أكدت بالمقابل «تمسكها بالمسار السياسي في إطار الدستور كخيار وحيد يؤمن للجزائر استقرارها ويضمن للشعب الجزائري التعبير الحر عن سيادته في كنف الممارسة الديمقراطية». بوعافية: تمديد فترة بن صالح طبقا للمادة 104 تمليه الضرورة وجددت جبهة المستقبل بقيادة عبد العزيز بلعيد، التأكيد على أن «الانتخابات الشفافة والنزيهة هي السبيل الأمثل، والوحيد لتخطي الأزمة السياسية التي تواجهها بلادنا...إيمانا بالمسؤوليات التاريخية العظيمة الملقاة على عاتق كل الفاعلين السياسيين في هذه المرحلة الحرجة»، كما أثارت عدة أسباب اتخاذ القرار أهمها «عدم جاهزية الظروف والأجواء الشعبية التي تدفع إلى المشاركة الفعالة والمطلوبة والمرجوة من هذه العملية»، و»عدم تجسيد الحوار الذي نادت إليه مؤسسة الجيش الوطني الشعبي»، و»انعدام التنافسية السياسية المطلوبة»، وكذا عدم تنصيب اللجنة المستقلة لضمان شفافية واستقلالية الانتخابات. وعلى الأرجح فإن المجلس الدستوري يصدر بيانا، ولا يستبعد اللجوء إلى تمديد فترة رئاسة بن صالح التي تنقضي يوم 9 جويلية المقبل، على أن يسبق التمديد الذي يتم بموجب مرسوم، مرسوم يخص إلغاء استدعاء الهيئة الناخبة وفق ما أوضح الدكتور المختص في القانون الدستوري لخضر بوعافية، وذلك بموجب المادة 104 من الدستور، تمديد تمليه الضرورة القصوى، احتمال قائم لكن ليس مؤكدا بعد.