قبل الدخول المدرسي بفترة ليست بالوجيزة، حاولت وزارة التربية الوطنية طمأنة الأسرة التربوية، عموما وأولياء التلاميذ على وجه الخصوص، حول إتخاذ كافة الإجراءات، لتوفير الكتاب المدرسي من خلال طبع حوالي 60 مليون كتاب لتغطية الإحتياجات والتي فاقت وفق إحصائيات الوزارة، الطلب، وبلغت نسبة 106٪. ولتسهيل عملية توزيع الكتاب المدرسي، إرتأت الوزارة تسريح عملية البيع، عبر المكتبات الخاصة التي زودها الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية بكميات من الكتب وجدت إقبالا كبيرا لدى الفئات التي كانت مجبرة على اقتنائها بعد نفاذها من المؤسسات التربوية. لم يجد الكثير من أولياء التلاميذ من سبيل سوى الإستنجاد بالمكتبات الخاصة، التي غصت رفوفها بمختلف الكتب المدرسية، من السنة الأولى إبتدائي إلى الثالثة ثانوي وفي جميع المواد، حيث إضطروا إلى شرائها رغم أسعارها المرتفعة مقارنة بتلك التي تباع بها على مستوى المؤسسات التربوية. قد يكون من الطبيعي أن تباع الكتب المدرسية على مستوى المكتبات الخاصة بأسعار أعلى من تلك التي تباع في المؤسسات التربوية، لكن ان تصل نسبة الزيادة إلى 50٪ في المتوسط، فهذا ما لا يمكن فهمه حتى إذا أخذ بعين الإعتبار هوامش الربح. فالكتاب المدرسي الذي يباع بسعره الرسمي ب 140 دج على سبيل المثال، متوفر بالمكتبات الخاصة بأزيد من 200 دج ويتعلق الأمر بكتاب التربية الإسلامية للسنة الرابعة متوسط، ونفس المقاربة السعرية تطبق على جميع الكتب المدرسية الأخرى، من الابتدائي إلى الثانوي. ولعل ما يثير استغراب أولياء التلاميذ أنه في الوقت الذي أعلنت فيه العديد من المؤسسات التربوية عن نفاذ الكتب المدرسية بها، تتكدس ذات الكتب في المكتبات الخاصة وبأسعار ليست دائما في متناول الجميع، وأن الفارق بينها وبين أسعارها في المدارس كبير جدا. مشكل التوزيع الذي كان يطرح بإلحاح ومع كل دخول مدرسي، إعتقدت وزارة التربية أن حله يكمن في تزويد المكتبات الخاصة بالكتب المدرسية، غير أن هذا الحل خلق إشكالا آخر أكثر تعقيدا وهو إقحام مبدأ الربح وفي أحيان كثيرة الربح الفاحش في القطاع التربوي، وكأنه تحول إلى مصدر إثراء لجماعات تتحين الفرص من أجل تحقيق أرباح دون عناء ومن من؟ من طرف جيوب عامة الناس. هوامش الربح المطبقة تختلف من مكتبة خاصة إلى أخرى، وبالتالي فإن أسعار الكتب المدرسية تتباين من مكتبة إلى أخرى، حسب المعاينة الميدانية، وفي النتيجة أن الكتاب المدرسي تحول إلى سلعة إستهلاكية تخضع، وفي هذه الحالة، إلى منطق الجشع، لبعض التجار في غياب الرقابة التي تظل النقطة السوداء في القطاع التجاري.