لا يمكن في ملف أسبوعي وفي عجالة ، أن تناول موضوع الشعر بشكل واف وشامل يحيط بكل جوانب هذا الفن الأدبي الذي يصور الحياة كما يحسها الشاعر ويعتمد فيها على الإيقاع والعاطفة والخيال ، فبحره غائر و دروبه متشعبة.. وإذا كان الشعر يعتبر من أعرق الفنون عند كل الأمم فإنه عند العرب يعد أهم فن أدبي على الإطلاق فالعرب ،سجلوا فيه تراثهم وتجاربهم في الحياة ، واعتبروه مجالاً للتعبير عن العواطف و الحوادث المختلفة التي تعترض سبيل الإنسان. فمن منا لم يسبح خياله في يوم ما مع أبيات عاطفية أو حماسية لعنترة بن شداد أو حكمة من حكم أبي الطيب المتنبي ،وقس على ذلك حتى في العصر الحديث مع شعراء التفعيلة الحرة كنزار قباني وغيره كثير. ورغم أنه مع مرور الزمن بدأ عشاق وهواة وأنصار الشعر يتقلصون - رغم كثرة الشعراء- فإننا بحاجة اليوم الى ماقاله شاعرنا الفذ مفدي زكريا في تثمين قوالب الشعر الصادقة إذ يقول : وما الدمع بالسلوى إذا لم يكن ترقرَقَ في شعر تردده الورقا هو الشعر أسرار القلوب تقمصت لديه فأولاها الصراحة والنطقا هو الشعر أبيات النبوغ تفجرت بكاساته البيضا فناولها الخلقا ويقول أيضا عن المنغمسين في مطالب الماديات ومن حُرموا نعمة الشعر: دنياهمُ دنّس الأطماع حرمتَها والشعر كالوحي، أصفانا فزكّانا وإننا الشعراء الناس، ما فتئت أرواحنا تغمر الإنسان إيمانا رسالة الشعر في الدنيا مقدسة لولا النبوة كان الشعر قرآنا فكم هتكنا بها الأستار مغلقة وكم غزونا بها في الغيب أكوانا وكم جلونا بها الأسرار مبهمة وكم أقمنا بها للعدل ميزانا وكم صرعنا بها في الأرض طاغية وكم رجمنا بها في الإنس شيطانا وكم حصدنا بها الأصنام شاخصة وكم بعثنا من الأصنام إنسانا وكم رفعنا بها أعلام نهضتنا فخلد الشعر في الدنيا مزايانا وأخيرا وبدون تردد ولا مبالغة ،سيبقى الشعر كما قال الرسام الشهير“ ليونار دي فانتشي”لوحة أقرب الى الإحساس من مجرد النظر.” ويقول كاتب أخر” أن قلب الإنسان وحده الشاعر وأن الفن لا يصيغ القوافي” .