دعا الخبير الدولي في التسيير الاستراتيجي، السيد عبد الرحمان مبتول، إلى تحقيق مبدأ العدالة الإجتماعية بين جميع أفراد المجتمع، مع الحفاظ على المصالح الإقتصادية للبلاد ومؤشرات الإقتصاد الكلي، ولا سيما التضخم المرشح لأن يعرف المزيد من التذبذب في حالة ما إذا لم ترافق الزيادة في الأجور، زيادة أخرى في الإنتاج والإنتاجية. ففي مساهمة لمجموعة من الخبراء تحت إشراف السيد مبتول، وعشية عقد الثلاثية المقررة نهاية الشهر الجاري، جاء في هذه المساهمة، أن الإقتصاد الجزائري يصدر 98٪ من المحروقات بالدولار، الخام ونصف الخام، ويستورد ما يتراوح نسبته ما بين 70 إلى 75٪ من احتياجات المؤسسات و60٪ من احتياج الأسر بالأورو، وأن احتياطي الصرف بلغ إلى جويلية الماضي 174 مليار دولار متأتية بالأساس من مداخيل المحروقات التي تعد بحسب نفس المساهمة من حق الأجيال القادمة. خلاصة التقييم شملت، أيضا، وضعية السوق الموازية المضارباتية المرتبطة بالريع الإقتصادي والتي تسيطر على 40٪ من الكتلة النقدية المتداولة و65٪ من المنتوجات الأساسية ذات الإستهلاك الواسع مثل الخضر والفواكه وأسواق اللحوم البيضاء والحمراء والسمك والألبسة، الخاضعة لحرية السوق والتي تساهم ب40٪ من القيمة المضافة وتشغل 50٪ من السكان القادرين على العمل. هذه الحالة، جعلت الدخل الوطني خاضع لأقلية ريعية، مما خلق حسب نفس المساهمة لخبراء إقتصاديين، إحساس عميق باللاعدالة إجتماعية، حيث يبحث الجميع عن حصته من الريع، الذي لن يؤدي إلا إلى ما وصف بالانتحار الجماعي والتضحية بالأجيال القادمة، جوبهت هذه الوضعية بزيادة في الأجور التي يتعين امتصاص آثارها السلبية على التضخم، من خلال ترشيد الإنفاق العمومي وتحسين أساليب التسيير ومحاربة الرشوة وتقاسم التضحيات عبر فرض رسوم على الثروة المضارباتية التي تدخل في إطار إصلاحات عميقة تمس السياسة والاقتصاد، على حد سواء. هذه الصلاحيات ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار إرساء دولة القانون والحكم الراشد. وحسب نفس الخبراء، فإن أي زيادة في الأجر الوطني الأدنى المضمون ما بين 32 ألف و35 ألف دج تضمنان معيشة مريحة لعائلة بأربعة أطفال، تعد من الناحية الإقتصادية مستحيلة، حيث تتعارض القوانين الإقتصادية مع الشعارات السياسية. أما إذا كان الأجر القاعدي المضمون يتراوح ما بين 15 ألف حاليا و20 ألف مع التركيز على رفع نسبة الإنتاج الوطني والإنتاجية، فإن الوضعية قد تبدو ملائمة وإلا فإن أي زيادة تتعدى 20 ألف دج قد تنعكس مباشرة على ظاهرة التضخم التي تنعكس بدورها على مستوى معيشة الأفراد في ظل ضعف جهاز الإنتاج الوطني، مما يعني أن المنتوجات ذات الإستهلاك الواسع سترتفع أسعارها متأثرة بالتضخم. إذا كانت ثلاثية ماي الماضي قد خصصت للمحور الإقتصادي، فإن ثلاثية 29 سبتمبر الجاري ستتمحور بالأساس حول الجوانب الإجتماعية وخاصة مراجعة الأجر القاعدي وإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل وإعادة تثمين منح المتقاعدين. محاور ثلاثة أساسية ستمس مباشرة مستوى معيشة المواطنين في ظل استمرار موجة المطالبة برفع الأجور من قبل عمال عدة قطاعات وطنية، لا تزال ترى أن حقها من الريع الإقتصادي لم تتحصل عليه، مثلها مثل قطاعات أخرى، ظفر عمالها بزيادة في الأجور وبحصص مالية متباينة تمتد لأكثر من سنين. غير أن خبراء الإقتصاد الذين ينظرون إلى المطالب العمالية المشروعة من زاوية إقتصادية بحتة يعتقدون أن استمرار الخلل بين الزيادات المتواصلة في الأجور وضعف الجهاز الإنتاجي، قد يؤدي إلى خلق مشكلات أخرى إقتصادية، يكون أول ضحاياه العمال أنفسهم من خلال انعكاسات ظاهرة التضخم بشقيه الداخلي والخارجي.